خبر الحكومة التركية بحاجة إلى دعاء المخلصين .. إسماعيل ياشا

الساعة 10:14 ص|17 يونيو 2010

الحكومة التركية بحاجة إلى دعاء المخلصين .. إسماعيل ياشا

إسماعيل ياشا – كاتب ومحلل سياسي تركي

المواقف المشرفة الشجاعة التي اتخذتها الحكومة التركية مؤخرا، كدعمها لأسطول الحرية المتجهة إلى قطاع غزة لكسر الحصار، وردها على ارتكاب الجيش الإسرائيلي مجزرة وحشية على متن سفينة مرمرة الزرقاء، أو تلك المتعلقة بملف إيران النووي ورفضها في مجلس الأمن فرض عقوبات جديدة على إيران، حرّكت القوى وجماعات الضغط المعادية لحكومة أردوغان على أمل تسقطها وتبدلها بأخرى تعمل لصالحها.

 

من هم هؤلاء أعداء حكومة العدالة والتنمية؟ في الحقيقة هم كثر، وبعضهم في الداخل والبعض الآخر في الخارج. أحزاب معارضة وشبكات إجرامية ومنظمات إرهابية وقوى انقلابية ووسائل إعلامية ونخب فقدت امتيازاتها في ظل هذه الحكومة. أضف إلى ذلك جماعات الضغط المستاءة من الصعود التركي، والتي تحرض العواصم الغربية ضد تركيا، وعلى رأسها اللوبي اليهودي الفعال في كواليس واشنطن.

 

هؤلاء كلهم يمتلكون دوافع خاصة لمعاداة الحكومة التركية الحالية ويختلف بالتأكيد الأسباب التي تدفع الأكراد الانفصاليين لكراهية الحكومة عن الأسباب التي لدى القوميين الأتراك، ولكن القاسم المشترك بينهم أنهم يدركون تماما أن لا مستقبل في ظل وجود حزب العدالة والتنمية وتنامي قوتها. وبالتالي تتداعى هذه القوى الداخلية والخارجية على الحكومة التركية كما تداعى الأكلة إلى قصعتها.

 

فمنهم من يتهم الحكومة بتغيير محور تركيا ووجهتها من الغرب إلى الشرق ومنهم من يطالبها بإعلان الحرب على إسرائيل لإحراج القادة الأتراك أمام الجماهير الغاضبة وتصويرهم كـ "الجبناء"، والثالث يقول إنها تهتم بالفلسطينيين بدلا من أن تهتم بمواطنيها  الجياع والرابع يحذرها من الغضب الأمريكي واللوبي اليهودي والخامس يتباكى على السياحة التركية بعد هروب السياح الإسرائيليين، وهلم جرا.

 

حكومة أردوغان كانت تواجه مشاكل جمة منذ تأسيسها وتخوض معركة البقاء ضد القوى الانقلابية وبعد مواقفها الأخيرة لاشك أنها ستواجه مزيدا من العقبات على الصعيدين الداخلي والخارجي يتطلب من الغيورين على الدور التركي الصاعد وسياسة أردوغان المشرفة الدعاء حتى يمكن الحزب الحاكم في تركيا أن يتجاوز تلك العقبات دون انتكاس.

 

دعم حكومة حزب العدالة والتنمية في هذه المرحلة الحرجة لا يعني تأييد جميع سياساتها ولكن المعركة تدور حاليا بين من يدافع عن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وبين من ينكرها. هذا هو العنوان الرئيسي للمرحلة الحالية. أما الاختلاف في التفاصيل والاستياء من بعض سياسات الحكومة التركية فسيأتي وقته للنقاش.

 

أخوف ما يخاف مؤيدو الحكومة التركية ومواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية سقوط هذه الحكومة على يد المتآمرين لتأتي مكانها حكومة ائتلافية تعيد العلاقات التركية العربية إلى سابق عهدها وتزدهر العلاقات مع الكيان الصهيوني من جديد. هل يمكن أن يحدث هذا؟ نعم؛ إذا غفل المصلحون وعمل المفسدون وانشغل الناس بسفاسف الأمور وتحجب الاختلافات البسيطة والتفاصيل التافهة الهدف الحقيقي عن أعينهم يمكن أن يحدث هذا، بل وربما ما هو أسوأ منه والعياذ بالله.