خبر توأمان في حصار.. هآرتس

الساعة 09:58 ص|17 يونيو 2010

توأمان في حصار.. هآرتس

بقلم: أري شفيت

يرد على مكتب وزير الدفاع ايهود باراك مرتين او ثلاثا كل اسبوع مكالمة هاتفية من البيت الابيض. ويكون جو بايدن على الخط. نائب رئيس  الولايات المتحدة جو بايدن. يكون الحديث دائما تقريبا بين جو وايهود وديا. ويكون الحديث دائما تقريبا بين جو وايهود يحل مشكلات صعبة على نحو ودي. إن جو هو ما كانته أمريكا ذات مرة، وايهود هو ما كانته اسرائيل ذات مرة، وهما يحاولان معا اعادة الحلف الامريكي – الاسرائيلي الى ما كان عليه ذات مرة. إن المكالمات الهاتفية المتقاربة بينهما هي اليوم أكسجين هذا الحلف. فعندما لا يستطيع الرئيس في واشنطن ورئيس الحكومة في القدس أن يحتمل بعضهما بعضا، يعمل نائب الرئيس ووزير الدفاع على أنهما الناضجان المسؤولان. هذه هي الاستراتيجية بين دولتين غط البرود على العلاقات القريبة بينهما.

ان العلاقة الوثيقة بين باراك وبايدن بخاصة والولايات المتحدة بعامة هي أحد الاسباب الرئيسة لكون رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ينظر باجلال الى وزير دفاعه. واليكم الاسباب الأخرى: يعلم نتنياهو بأن حكومته بغير باراك ستكون حكومة يمين بغيضة لا تبقى على الايام؛ ويعلم نتنياهو ان اسرائيل بغير باراك ستكون دولة معزولة تنفى عن مجموعة الشعوب؛ ويعلم نتنياهو أنه بغير باراك لن يكون من يقف الى جانبه عندما يتخذ قرارا في شأن ايران. إن السياسة (الداخلية والخارجية) والاستراتيجية تجعلان باراك هو العمود الذي يدعم سلطان نتنياهو. فبغير باراك لا مستقبل لنتنياهو.

والعكس صحيح ايضا: فبغير نتنياهو لا مستقبل لباراك. فباراك يعلم أنه بغير المكانة الخاصة التي تمنحها اياه شراكته مع نتنياهو، سيأكله حزبه وهو حي؛ ويعلم باراك أن وضعه السياسي بغير نتنياهو بالغ الخطر؛ وهو يعلم أيضا أنه لا يمكن بغير نتنياهو تقديم مسيرة سياسية في المستقبل القريب؛ وهو يدرك أنه يصعب بغير نتنياهو اتخاذ قرارا مسؤول حكيم في شأن ايران. فالسياسة (الداخلية والخارجية) والاستراتيجية تجعلان نتنياهو حيويا عند باراك. ومن نتيجة ذلك أن يشعر وزير الدفاع نحو رئيس الحكومة بالشعور الذي يصعب عليه في الأكثر الشعور به وهو المهابة.

تحدثوا سنين طوالا عن نتنياهو وباراك أنهما توأمان. لكن الحقيقة أن التعلق المتبادل بين الاثنين فقط جعلهما في السنة الأخيرة زوجين توأمين لم يوجد مثلهما في القيادة الاسرائيلية قط. كانت توجد علاقات معقدة بين دافيد بن غوريون وموشيه شريت. وكانت علاقات معقدة بين ليفي اشكول وموشيه ديان، وبين غولدا مئير وديان. وكان الحال سيئا بين اسحاق رابين وشمعون بيرس وكان فظيعا بين مناحيم بيغن واريئيل شارون. ولم يكن في الحقيقة شريك لاسحاق شامير ونتنياهو الاول، وباراك وشارون وايهود اولمرت، بحيث أن ما يحدث الان بين رئيس الحكومة ووزير الدفاع أمر لم يسبق له مثيل.

يقضي هذان التوأمان ثلاث ساعات أو أربعا أو خمسا كل يوم بعضهما في صحبة بعض. لا توجد بينهما دسائس أو حيل او تسريب معلومات. ولا يوجد بينهما مزاج سيء وسياسة مسفة. فهما حتى عندما يخفقان معا، كما في قضية الأسطول البحري، ينهضان معا. إن حلف التوأمين هو القطب الذي تدور حوله اليوم السياسة والاستراتيجية الاسرائيليتان.

لكن التوأمين السياميين ليسا توأمين متماثلين. فبرغم انهما مقترنان معا، يوجد لكل واحد منهما عوامل وراثية مختلفة. فحلقة نتنياهو الداخلية تعتقد أن كل تنازل هو انتحار. أما حلقة باراك الداخلية فتعتقد أن الوضع الراهن خسار. وعلى ذلك عندما يجلس التوأمان معا وحدهما في الغرفة، يوجد هناك تصوران متناقضان. ولكي يبقى حلف التوأمين سيضطر واحد من الاثنين الى التغير. سيضطر أحدهما الى الثورة على المورثات الجينية العقائدية والهوية التي أنشأته.

بينت أزمة الاسطول البحري وأزمة ميثاق منع انتشار السلاح الذري ما هو الوضع تماما. فقد أخذت اسرائيل تفقد حرية عملها. اسرائيل على شفا هاوية. ولهذا لم يبق للتوأمين وقت كثير. اذا نجحا فقط في جعل أنفسهما يفعلان فعلا حقيقيا فسينقذان أنفسهما ودولتهما. واذا لم يفعلا ذلك قريبا فلن يهاتف حتى بايدن. وسيجد هذان الاثنان المتعلق بعضهما ببعض أنفسهما معلقين جنبا الى جنب. في ميدان العار، من الوجهة السياسية.