خبر حركة فتح: لم تغادر أزمتها!../ مصطفى إبراهيم*

الساعة 10:37 ص|16 يونيو 2010

حركة فتح: لم تغادر أزمتها! مصطفى إبراهيم*

* كاتب فلسطيني - غزة 

16/06/2010  10:40 

 

كشف قرار تأجيل الانتخابات المحلية في الضفة الغربية عورة حركة فتح وأزمتها الحقيقية والتي لم تستطع مغادرتها، كما لم تستطع مغادرة مكانتها كسلطة حاكمة تريد من الجميع الخضوع لها والدوران في فلكها وتطبيق رؤيتها وإرادتها السياسية، فهي لا تزال تعتبر نفسها القوة الرئيسة الاولى والوحيدة في فلسطين.

 

فحركة فتح على إثر الانقسام تذكرت أن لها شركاء وحلفاء في منظمة التحرير، وأنها تستطيع التعويل عليهم في مساندتها والوقوف في وجه حركة حماس كما يجري في قطاع غزة من خلال هيئة العمل الوطني المشكلة من فصائل المنظمة، والتي تتهما حركة حماس بأنها تعمل بناء على أوامر من حركة فتح.

 

على إثر انعقاد المؤتمر السادس للحركة وما افرزه من انتخابات لجنة المركزية جديدة، قامت اللجنة المركزية بعدة محاولات لترميم الحركة، وإعادة تشكيل وصياغة عدد من المؤسسات الوطنية التي اعتبرت تاريخيا محسوبة عليها، واستطاعت إعادة سيطرتها على النقابات والمؤسسات، كما جرى في الانتخابات الفصائلية الشكلية، وتطبيق نظام "الكوتا" في نقابة الصحافيين، وما يجري من التحضير للانتخابات في النقابات العمالية، والتحضير لانتخابات جديدة في نقابة محامين فلسطين وتغييب قطاع غزة. وإعادة إحكام السيطرة على تلك المؤسسات والنقابات من خلال إعادة إنتاج الهزيمة والأزمة، وفرض إرادتها على الآخرين سواء بالترهيب او بالترغيب كما جرى على اثر تأجيل الانتخابات للهيئات المحلية.

 

وعلى الرغم من ذلك لم تستطع حركة فتح من توحيد صفوفها وإرضاء كثر لا يزالون غير راضين من نتائج أفرزها المؤتمر السادس للحركة، ولا عما جرى من إعادة تشكيل تلك المؤسسات التي تعصف بها المشاكل الفتحاوية الداخلية، ووصل الصراع في واحدة من أكبرها في قطاع غزة الى الاعتداء بالضرب بين المتصارعين.

 

حاولت حركة فتح قبل الانتخابات المحلية إقناع حلفائها من فصائل منظمة التحرير خوض الانتخابات بقوائم مشتركة خاصة الجبهة الشعبية التي مارس الرئيس محمود عباس ضغوطا كبيرة على قيادتها، والمضايقات التي تعرض لها مرشحوها من قبل الأجهزة الأمنية وعلى فصائل اليسار مثل حزب الشعب والمبادرة الوطنية، الذين رفضوا جميعاً تكريس نظام "الكوتا" الفصائلي التي تريد فتح تكريسه خدمة لمصلحتها، وأصرت الفصائل الثلاثة على ان تخوض الانتخابات من خلال مبدأ المنافسة وحق الناس في اختيار ممثليهم بحرية وبطريقة ديمقراطية.

 

إن تحالف اليسار والمستقلين وخروجهم من بيت الطاعة الفتحاوي أغاظ وهدد الحركة، وبين حجم الخلاف والهوة داخل مراكز القوى المتصارعة داخل الحركة، ودليل على استمرار ووجود خلافات ومشكلات جذرية لا تزال تعصف بالحركة، وأنها لم تستطع مغادرة أزمتها.

 

فالحركة لا تزال تستخدم الآليات ذاتها في التعامل مع الآخرين، وعدم إيمانها بالشراكة والديمقراطية وقبول الآخر، وتتعامل مع حلفائها حسب مصلحتها، وليس من خلال المصلحة الوطنية العليا كما ذكر بعض الناطقين باسمها الذين شنوا حرباً قاسية وشرسة على حلفاء الأمس الذين يدفعون ثمن دفاعهم عن الحركة خاصة في قطاع غزة،

ووصفهم "بالانتهازية السياسية، وقصر النظر والإذعان لأسيادهم في إيران وغيرها من دول الإقليم من ذوي نعمتهم ومغدقي الأموال عليهم!! وسعى أصحابها لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المصالح العليا للشعب الفلسطيني"، فحركة فتح تفهم الديمقراطية على طريقتها الخاصة، وتحقيق مصالحها التي تضمن لها الاستمرار في الحكم بالطريقة التي تراها هي.

 

إن الادعاء بان قرار الحركة "الحكومة" تأجيل الانتخابات هو تلبية لنداءات عربية ووطنية ولمصالح الشعب الفلسطيني العليا، و من مصلحة ورؤية وطنية شاملة، هو كلام غير صحيح، وكان على حركة فتح منذ البداية عدم اتخاذ قرار الانتخابات أصلاً، وتعزيز الانقسام من دون مشاركة قطاع غزة، حتى لو كانت تلك الانتخابات خدمية وليست سياسية، كما أقنعت نفسها حركة فتح، وفصائل اليسار وبعض المستقلين أنهم شركاء حقيقيون في اتخاذ القرارات الوطنية، والذين دفعوا ويدفعون ثمن دفاعهم عن موقفهم الخاطئ بإجراء الانتخابات.

 

إن قرار تأجيل الانتخابات المحلية يثبت عقم السياسة التي تنتهجها حركة فتح وطريقة تعاملها مع الآخرين، فهي تعاملت بقسوة مع حلفائها وشركائها، فكيف ستتعامل مع خصومها السياسيين؟

 

على حركة فتح مغادرة أزمتها بسرعة واستخلاص العبر من أخطائها وتفردها، والعمل مع خصومها وحلفائها من خلال شراكة حقيقية وترسيخ مبدأ المنافسة الحرة والديمقراطية التي يجب أن تكون ركن أساسي في الحياة السياسية الفلسطينية، وعدم التفرد باتخاذ القرارات، والتحكم في مصير الشعب الفلسطيني وفرض رؤيتها على الفلسطينيين.