خبر حكومة التلال- هآرتس

الساعة 08:22 ص|13 يونيو 2010

حكومة التلال- هآرتس

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون: لم تعد حليفات اسرائيل القوية في العالم تقبل مزاعم اسرائيل ودعاواها وبخاصة تلك الدعاوى التي تحاول اسرائيل بحسبها تطويق الغزيين وحصارهم - المصدر).

        لا شعور أفضل من أن تكون محاصرا بين أعداء، وإلا فلا يمكن ان تبين سهولة كون اسرائيل مستعدة لأن ترى عدوا وراء كل شجيرة حتى إنها غير قادرة او لا تريد أن تفرق بين عدو حقيقي وموهوم. فالجميع طغاة. اولهم الرئيس براك اوباما، الذي اسمه الاوسط حسين، ويشهد فوق كل شك على أي معسكر ينتمي اليه. وماذا يمكن ان نتوقع من رئيس امريكي مع خلفية كهذه وبخاصة وهو يبدأ ولايته بخطبتين مد بهما يدا دافئة الى العالم العربي والاسلامي؟. لن تجدي عليه أي عقوبات على ايران.

        اما روسيا فلا يوجد ما يقال فيها. فهي عدو منذ أيام خالية. أوليست ذات صلة بما يحدث في ايران؟ ألم تبن لها مفاعلا ذريا وستبيعها الان صواريخ اس 300 مطورة مضادة للطائرات؟ وبريطانيا دولة مريبة لا بسبب الانتقاد الذي توجهه لاسرائيل بسبب العملية الفاشلة على الاسطول ومحاولتها محاكمة ضباط اسرائيليين، بل وفي الاساس بسبب القطيعة التي يفرضها تجارها على منتوجات من المستوطنات وجامعيوها على جامعيي اسرائيل. ومثلها، وربما أكثر، النرويج والسويد، هاتان الدولتان المرفهتان، اللتان لا تستطيعان ان تفهما نوع الحرب الشديدة التي تقوم بها اسرائيل في مواجهة مليون ونصف مليون من الفلسطينيين في غزة.

        أما رئيس حكومة تركيا فيشك أصلا في الداعي الى ذكره. فهذا الرجل نزل عن السكة، وهو ينبح اسرائيل بلا انقطاع، ويرسل اسطول ارهاب متنكرا برداء المساعدة الانسانية، ويحرض آلاف الاتراك على أن يصرخوا "لتمضي اسرائيل الى الجحيم" بل يعارض فرض عقوبات على ايران.

        وماذا عن جميع تلك الفرق والفنانين الذين يلغون عروضهم في اسرائيل؟ كل واحد منهم وجميعهم معا أعداء إن لم نقل معادون للسامية.

        ويوجد أيضا الاعداء في الداخل. ذلك "الطابور الخامس" العربي، الذي لا يقل مندوبوه في الكنيست عن كونهم خونة يؤيدون الارهاب، إن التصور الذي يقول "دولة صغيرة محاطة بالاعداء" خدم جيدا السياسة الخارجية مدة عشرات السنين. تبنى أكثر دول الغرب تعريف العدو الاسرائيلي، وأحدث الصلة الوثيقة بينها وبين تركيا التي كانت نظرتها مع اسرائيل للعرب متشابهة وعزز ذلك صندوق المساعدة والتبرعات. لكن عندما يتبين ان الدولة قد نجحت في أن تكسب لنفسها هذا القدر الكبير من الاعداء، يثور الشك في أن الحديث لم يعد عن شعور بالمطاردة او حيلة دعائية ناجحة بل عن استراتيجية فحواها ان اسرائيل ليست مجرد محاطة باعداء يهددون وجودها، بل بعالم شيطاني غير مستعد لتفهم عدالة النهج الاسرائيلي.

        تظل هذه الاستراتيجية ناجحة ما وجهت الى تجنيد وتوحيد الجمهور الاسرائيلي حول  حكومته. لانه كلما كان الاعداء أكثر، خاف الجمهور اكثر ورص الصفوف وبحث عن جناحي الحكومة ليختفي تحتهما. هذه استراتيجية لا تحتمل الشذوذ. يجب على الجميع ان يلتفوا بعلم اسرائيل وأن يهتفوا بقوة. أما من ينتقد الجيش الاسرائيلي ومن يقترح لجنة تحقيق دولية، ومن يلمح الى ان العملية لم تكن بحسب القانون الدولي فيحاكم عن الخيانة. اذا كان لاسرائيل حتى الان "شبان التلال"، فان لها الان "حكومة تلال".

        بيد انه يوجد عيب جوهري في هذه الاستراتيجية. فهي كاذبة. إن الولايات المتحدة ودول اوروبا ومصر والسعودية تشارك اسرائيل هذا التعريف، وترى حماس وحزب الله منظمتين ارهابيتين. ولا تريد جميعها أن ترى ايران ذرية. ولم تنهض تركيا ايضا ذات صباح لتقرر أن تكون عدوا. ومقاربتها ايران لا ترمي الى احداث ثورة اسلامية جديدة، وإلا فانه لا يمكن ان نفسر علاقتها بسورية العلمانية. فهي ايضا تخاف ايران ذرية. حتى إن لبنان، وحزب الله جزء من حكومته، لم يعارض عقوبات على ايران، بل امتنع ويا له من وقح.

        باختصار، عندما تشير اسرائيل الى عدو حقيقي، تنجح ايضا على نحو عام بالاقناع. لكنها عندما تمط حدود التعريف الى مليون ونصف مليون من البشر، وعندما لا تكون مستعدة هي نفسها لتطبيق قرارات الامم المتحدة او العمل بجدية لتقديم اجراءات تقلل عدد اعدائها، فانه لا أحد يقبل مزاعمها. لكن ربما يكون الذنب ذنب العالم الشرير الذي ما زال غير ناضج لتفهمنا.