خبر أيمن خالد: ميناء غزة الحر سيفتح قريبا..والمطلوب شروط فلسطينية عالية

الساعة 08:04 ص|10 يونيو 2010

فلسطين اليوم-خاص

تتوالى فصول الأحداث الساخنة في منطقة الشرق الأوسط  خصوصا بعد المجزرة "الإسرائيلية" الأخيرة بحق الأخوة الأتراك على متن السفينة "مرمرة"، وما رافق ذلك من تحولات إستراتيجية بعد الموقف التركي الذي لا لبس فيه والذي عبر عنه رئيس الحكومة التركي "رجب طيب أردوغان" بأنه إذا أدار العالم كله ظهره إلى غزة، فإن تركيا لن تدير ظهرها. وفي هذا الحوار مع الأستاذ أيمن خالد مدير مكتب "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" في دمشق والمتابع للشئون التركية والذي يحتفظ بعلاقات متينة مع كبار الكتاب والصحفيين والمنظمات الإنسانية التركية، حاولنا أن نلامس ملامح التغيرات المتسارعة في المنطقة.

 

*كيف تقيم تباطؤ الرد الإسرائيلي في طلب تركيا تشكيل لجنة تحقيق دولية؟

- إسرائيل تعيش حالة من الصدمة على المستوى الداخلي، بسبب حالة الهستيريا التي مارستها وحالة الجنون في مواجهة سفينة مرمرة، فهي لم تكن تتوقع وصول المأزق الى هذه الدرجة، فعلى المستوى العسكري استخدمت القتل والرصاص الحي بمواجهة أناس عزل وفرقة عسكرية ضخمة وعلى المستوى السياسي لم تتوقع هذه النتائج.

 

*هناك مخاوف متزايدة من مؤامرات داخلية وخارجية تستهدف أردوغان بسبب مواقفه من فلسطين، ما تعليقك؟

- تركيا دولة مؤسسات، والحركة الإسلامية التركية التي خرج منها حزب العدالة والتنمية نشأت في ظل تعقيدات هائلة، واستطاعت أن تتجاوز تلك التعقيدات خلال عمر الحركة الإسلامية التركية، التي انطلقت ببطء من عام 1945، وبالتالي القرار الأخير الذي أخذته قيادة العدالة والتنمية جاء استجابة طبيعية لحركة الشارع التركي التي بالمجمل تغيرت خلال العقود الماضية، وبالتأكيد أكسبتها القضية الفلسطينية رؤية جديدة لطبيعة إسرائيل التي لم تعد مقبولة من قبل أغلبية ساحقة في الشارع التركي، ولذلك لا خوف من انقلابات ولا مجال لها والصراع الداخلي بتركيا ليس صراعا عربيا على الكراسي ينتهي بسفك الدماء، بل هو صراع يتحرك وفق مصلحة يلتقي عليها الجميع وهي الحفاظ على تركيا،  واليوم هناك مصلحة عليا في تركيا نجح حزب العدالة والتنمية في جعلها مطلبا عاما.

 

*هناك من يقول بأن مصلحة إسرائيل هي أن يأتي إلى السلطة في تركيا تحالف من الأحزاب التي تؤمن بعدم تطوير دور تركيا في الخارج؟

- أي حزب سيأتي إلى تركيا لن يستطيع أن يكون كما تتوهم إسرائيل، وما اقصده أن القوميين أنفسهم أصدقاء إسرائيل إذا تسلموا زمام الحكم فلن يكونوا في سياستهم الخارجية سوى حزب عدالة آخر، بمعنى أن فكرة حزب العدالة والأسس التي وضعها لتركيا في العلاقات الخارجية أصبحت جزءا أساسيا في ذهن الأتراك، وبالتالي فلا يمكن لإسرائيل أن تكون موجودة في المستقبل الا في سلة المهملات التركية وهذا للأسباب التالية:

 1- أن الأحزاب بمجملها إسلامية وقومية شعرت بالمهانة من طرح أمريكا أن إسرائيل هي الثابت الوحيد، وهي المرشحة لقيادة المنطقة، وبالتالي باتت ترى هذه الأحزاب  أن تركيا العظيمة عبر التاريخ والتي كانت تابعة لأوروبا وأمريكا وكانت تنفذ أجندة حراسة البوابة الشرقية بوجه الاتحاد السوفييتي، باتت اليوم فقط مطلوبا منها محاصرة العرب  لصالح دولة صغيرة بمعنى ان امة الـ 75مليون تركي تشعر بالضجر من أن تكون ملحقة بدولة من 5 ملايين نسمة وظيفتها وحياتها تقوم على الحروب.

2- استطاع حزب العدالة في المجال السياسي أن يفتح أبواب تركيا، وهذا جعل الأتراك يكتشفون حجمهم ووزنهم، وبالتالي أن أي قوة قادمة لحكم تركيا لا تستطيع إلا وان تفكر بدور كبير في المنطقة، ومعلوم أن أي دور كبير لتركيا في المنطقة يفرض عليها أن تقف إلى جانب قضية فلسطين، أو أنها سوف تعزل نفسها من جديد، وباختصار القضية الفلسطينية جعلت تركيا تكبر ولا يمكن لأحد داخل تركيا أن يقبل بإعادة إغلاق أبواب تركيا من جديد. وأنا أظن أن الذي يجري مختلف تماما عن طرح قضايا جزئية ولو رأيناها نحن بأنها ذات بعد استراتيجي، لكن هذه قضية ليست ذات قيمة في تركيا، فألاهم من ذلك هو أن العقل التركي لا يفكر بمجرد وقف تطبيع اقتصادي أو علاقات عسكرية، بل هو يرسم ملامح صناعة شرق أوسط جديد وكبير لا مجال فيه لان تكون إسرائيل فاعلة، لان إسرائيل لا يمكن أن يقيم أي طرف معها أي نوع من الاتفاقات والعلاقات، الا  وسيكون ذلك على حساب القضية الفلسطينية. والآن وغدا هناك عملية طرد هادئة لإسرائيل وأمريكا من المنطقة وإحلال الدور التركي كبديل تلقائي وطبيعي وهو ما تؤسس له السياسة الخارجية التركية التي تقوم وفق منهج العدالة والتنمية الهادف إلى صناعة شكل من إشكال الوحدة في منطقة الشرق الأوسط،  لا تكون إسرائيل موجودة فيها ولكن الإعلان عن ذلك ليس مهما من عدمه لان الفعل على الأرض يجري من خلال تصفية هادئة لدور إسرائيل وأنشطتها.

ما هي المتغيرات التي حدثت في تركيا شعبيا  وحزبيا؟

العديد من الأحزاب والشخصيات في تركيا دخلت جدلا كبيرا بعد  المجزرة وهناك من يحاول استثمارها سياسيا كل بطريقته وكل حسب موقعه، حتى أن بعض الإسلاميين تراجع إلى الوراء لاعتبارات حزبية،  لكن ما أريد ان أشير اليه وهو عنوان هام من عناوين المستقبل أن خطوة العدالة والتنمية وبالذات الحملة الخطابية التي قام بها زعيم الحزب رجب طيب ار دوغان، هي التي ساهمت بالكشف عن مؤشرات هامة في المستقبل السياسي والانتخابي وهي ان تركيا تغادر مرحلة الانتخاب الحزبي وتتجه نحو الانتخاب الشعبي، بمعنى ان مستقبل الانتخابات القادمة لن يكون محسوما على أساس حزبي، بل سيكون شكل التصويت في الانتخابات شعبيا، بمعنى ان حزب العدالة سوف يفاجأ بأصوات تكون معه ولكنها لا تنتمي سياسيا له، والسبب في ذلك ان حراك هذا الحزب ودورة السياسي وضع الواجهة الحزبية في مكان مختلف وسوف تتقدم الواجهة الشعبية وهي مؤهلة تماما لفرض رأيها واختيار الأفضل لها لذلك السنوات القليلة وربما الأشهر وربما ستشهد تركيا سقوطا مدويا لأحزاب لم تكن تتوقع هذا.

*الوطن العربي يشعر أن تركيا أعادت الروح للأمة جمعاء، كيف قابل الداخل التركي ذلك؟

- الأتراك يرون فارقا بين أمرين،  بين كونهم في الماضي منغلقين ومجرد تابعين للغرب، وبين دورهم الحالي الذي اكتشفوا فيه أن لهم أمجادا وإبطالا وإنهم قادرون على دخول عالم المجد، وباختصار كل الأمم تبحث عن بطل معاصر، وخصوصا الأمم الحالمة والطامحة وأما الأمم المحبطة، فهي من يهتم بذكريات من رحلوا. وقد استطاع اردوغان أن يعيد في نفسية الجيل الشاب شكل الأسطورة للقائد الشجاع الذي يدافع بشراسة عن أبنائه.

*ما هو مستقبل العلاقات التركية-الإسرائيلية؟

- أرى ان مستقبل إسرائيل قد ولى وان شكل العلاقة معها ستأخذ انحسارا سريعا وليس تدريجيا، المجانين فقط يمكنهم الثقة بالصهاينة والعمل معهم ولا أظن ان تركيا ترغب بهذا الجنون، وبالمناسبة الأتراك عندما نظروا إلى انفسهم بجانب إسرائيل أصبح المشهد لهم مخزيا، فهم عمالقة، ومطلوب منهم أن يلعبوا لعبة أولاد صغار ولكن في حارة مجانين. العلاقة العربية التركية ستستمر تصاعدا والملف الفلسطيني عنوانها بامتياز والصهاينة سيغادرون ولا يملكون غير هذا.

*برأيك كيف ستحمي تركيا سفنها القادمة لكسر حصار غزة؟

- تركيا اكبر من أمريكا هذه هي معادلة المستقبل، والصهاينة مجرد كلاب عند أمريكا والأمريكان يدركون مسالة مهمة، وهي أن القاعدة الشعبية التركية تكرههم كثيرا والصحافة التركية تكتب دائما في هذا، ولذلك سوف تنصاع أمريكا صاغرة ذليلة وتجبر إسرائيل على ارتداء ثوب الذل، وقد كنت كتبت قبل شهرين بشرى لأهل غزة أن القرار بفك الحصار قد اتخذه الشعب التركي، وأنا الآن أؤكد هذا الكلام وأقول  الشعب التركي يريد إضافة دور له في التاريخ، فهم يرون أن شعوب أوروبا هدمت جدار برلين  ويعتقدون ان دورهم بهدم جدار غزة سيدخلهم التاريخ، وأن ميناء غزة سيتم فتحه لكن المطلوب شروط فلسطينية عالية في اي مفاوضات قادمة.