خبر كتب إسماعيل ياشا : الغضب التركي على إسرائيل ليس موجة عابرة

الساعة 04:54 ص|10 يونيو 2010

كتب إسماعيل ياشا : الغضب التركي على إسرائيل ليس موجة عابرة

– كاتب ومحلل سياسي تركي

 

أود أن أتقدم في مستهل مقالي بجزيل الشكر والتقدير للأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الأستاذ رمضان شلح، الذي قال في تعليقه على مجزرة أسطول الحرية إن الدم التركي غال علينا ووصفه بـ"دم محمد الفاتح" ووعد بالانتقام له في زمن مناسب ومكان مناسب؛ مؤكدا للقاصي والداني أن الألم الذي أصاب الشعب التركي جراء العدوان الغاشم أصاب الشعب الفلسطيني وأن ما سطره ناشطي الحرية على متن سفينة "مرمرة الزرقاء" من بطولات ومقاومة في مواجهة العدو الصهيوني بصدور عارية فخر للفلسطينيين كما هو فخر للأتراك.

حلقة جديدة أضافتها إسرائيل إلى سلسلة حماقاتها حين ارتكبت خطأ فادحا بالهجوم على سفينة "مرمرة الزرقاء" في المياه الدولية للمتوسط وسفكت دماء طاهرة لتكشف للعالم لألف مرة ومرة وجهها القبيح، إلا أنها اصطدمت هذه المرة بقوة إقليمية عظمى كتركيا.

إسرائيل تورطت في جريمتها التي ارتكبتها في عرض البحر الأبيض وأخطأت قياداتها في حساباتها ووضعت الكيان الصهيوني في مواجهة قوة متصاعدة ودولة بحجم تركيا وهي ليست إحدى الدول التي تصمت بكل الأحوال مهما أهينت ومست كرامتها، بل هي دولة من الدول القائدة في العالم الإسلامي وتوحدت حكومتها مع شعبها ضد العنجهية الصهيونية وللرد المناسب على إهانة إسرائيل للحفاظ على كرامة الأمة التركية.

"ماذا ستفعل تركيا للرد على العدوان الإسرائيلي؟" من الواضح أن الحكومة التركية تتبنى سياسة التصعيد التدريجي المدروس وهي حاليا عاكفة على دراسة تقليص علاقات تركيا الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية مع إسرائيل إلى حد أدنى. ويمكن أن نقول أن جميع العلاقات التركية الإسرائيلية مجمدة وسترسم مستقبلها إسرائيل نفسها بسياساتها.

هناك شروط واضحة لتركيا، منها: التحقيق الدولي في جريمة الاعتداء على أسطول الحرية ومعاقبة المسؤولين الإسرائيليين عن سقوط الضحايا ودفع التعويضات للمتضررين بالإضافة إلى رفع الحصار عن قطاع غزة. لا شك أن هذه الشروط تعجيزية بالنسبة لأي حكومة إسرائيلية وخاصة لحكومة نتنياهو المتطرفة ولكنها في نهاية المطاف هي مطالب عادلة وشروط تستند إلى القوانين الدولية.

إسرائيل أعلنت كما كان متوقعا رفضها لكل هذه المطالب، وهذا يعني أن العلاقات التركية الإسرائيلية لن تعود إلى ما كانت عليه قبل الاعتداء على أسطول الحرية وتجد دولة الإرهاب والاحتلال في جميع المحافل الدولية دولة تقف ضدها بقوة كانت قبل عقود من أكبر حلفاءها في المنطقة. وإن قبلت إسرائيل شروط الحكومة التركية كلها فإن العلاقات التركية الإسرائيلية لن تعود إلى سابق عهدها، لأن الذاكرة التركية لا يمكن أن تنسى العدوان الصهيوني ولا تنسى سقوط أبناءها شهداء على يد مجموعة من القتلة الجبناء. الغضب الذي يجتاح تركيا من شرقها إلى غربها ليس موجة عابرة تهدأ في وقت قريب.

 

قافلة الحرية لم تصل إلى ميناء غزة ولكن رسالتها وصلت إلى جميع أنحاء العالم. والبحرية الصهيونية نجحت في منع سفن الإغاثة إلى القطاع ولو بعنوان وحشي دموي إلا أن إسرائيل خسرت المعركة. بالأمس ردت "مرمرة الزرقاء" وشقيقاتها ولكن موجة السفن ستتوالى لتضرب جدار الظلم والاحتلال حتى يزول.