خبر إسرائيل .. بين الضعف وأسْطَرَةِ القوة …! .. آمنة محمود

الساعة 04:36 م|09 يونيو 2010

بقلم: آمنة محمود

كثيرٌ من الأحيان مايكونُ الانعتاق في زاويةِ الضعفِ أو محاولةِ أسْطَرةِ القوة دليلٌ على حالة من اللا وعي والتخبط اللامدروس .

فانتهاجُ إسرائيل سياسة القوة المفرطة وسياسة التوتير .. على الجبهتين الداخلية " فلسطين " والخارجية" الشرق الأوسط" ظناً منها أن تلكَ السياسة من مقومات بقاء إسرائيل كرادع وحيد في منطقة الشرق الأوسط ،إلا أن اختلال الرؤية الإسرائيلية في الآونة الأخيرة بدأت تظهر مع بداية مطر الهزائم والإخفاقات السياسية والعسكرية للعدو الصهيوني منذ عام 2000في لبنان وامتدادا إلى الانسحاب من غزة 2005 ،ثم تموز2006 وحرب غزة وقبل أسبوعين ضربها للأسطول الحرية وما سيتبعه من جرائم في ظل الهوس وهروبها إلى الأمام باستخدامها سياسة العنف المفرط .

فالعدو الصهيوني اليوم باتَ في مأزق سياسي داخلي خارجي ..وتعد من ملامحه الأبرز وجود عاصمتين للكيان .. تل أبيب كعاصمة للعلمانيين والقدس كعاصمة للمتدينين

فظهور ذاك الصدع الداخلي السياسي لإسرائيل برز مع سيطرة اليمين المتطرف على الحكم ، إلا أن حنكة السلطة الرابعة ( الإعلامية ) عند العدو عملت على إخفاء معالم هذا الاختلال السياسي الداخلي ، أما عن الأزمة الخارجية التي اشتدت أكثر كردة فعل سريعة على ضرب العدو لأسطول الحرية .. وهي انكماش الرقعة الأوربية الشعبية التي كانت تعطي إسرائيل الضوءالأخضر لارتكاب الجرائم بحق الإنسانية إيمانا من تلكَ الشعوب بأن إسرائيل عبارة عن محيط صغير محاط بدول معادية تهدف للقضاء عليه ولكن هذا المفهوم الذي لطالما حاولت إسرائيل غرسه ، عند تلك الشعوب بدأ بالتقلص وبدأ التآكل الشرعي لوجود ذاك الكيان المزعوم .

ومن جانب آخر إسرائيل بما تمثله من رأس حربة للطاغوت الأمريكي .. إذا إسرائيل تعتمد اعتمادا كليا على أمريكا .. التي لطالما مدت إسرائيل بالشرعية التي مكنتها من التمادي في حربها ضد الإنسانية.

إلا أن أمريكا نفسها اليوم في مأزق داخلي وخارجي وعلى كل الأصعدة .. فخروجها من نظام القطبية الواحدة والانحدار إلى استخدام القوة الناعمة المتمثلة بحكم اوباما ومحاولة إقناع العالم بان هذه الوسيلة في الحكم هي الأنجع وأنها سبيل من سبل دمقرطة العالم ، فهذا شيء يهدف إلى عملية تعتيم على صورة المأزق الأمريكي الحقيقي على كل الأصعدة سواء السياسية أو الاقتصادية أو.. كما وأن خسارة إسرائيل لتحالفات وقوى كانت تمثل العصب لإسرائيل .. يعد من أهم المدلولات على غيبوبة الوعي السياسي عند إسرائيل فخسارتها للتحالفات الجيو إستراتيجية تعد من أهم المخاطر التي تهدد وجود الكيان المزعوم في المنطقة فمع فجر ظهور إيران الثورة خسرت إسرائيل ( الشاه) والآن مع عملية ضربها للأسطول إسرائيل تسير باتجاه خسارتها لكل الدول التي تضامنت لتفك الحصار عن غزة وعلى رأسها تركيا ، فلا أظن أن ردود الأفعال الغاضبة أو قيام تركيا بتجميد حتى الحد الأدنى من العلاقات مع الكيان ، يُعد امتصاصاً لغضب الشارع التركي بل إن تأخر إسرائيل بالاعتذار على تركيا اعتذاراً علنياً صريحا واعترافاً منها بالخطأ والجرم وقيام لجنة التحقيق بكشف محادثات القصة .. سيترتب عليه عواقب وخيمة وغير محمودة على صعيد العلاقات الإستراتيجية التركية الإسرائيلية ..

إذا 62 عاماً على قيام الكيان المزعوم تسعةَ عشرَ عاماً فقط من تلكَ الأعوام هي التي بلغت فيها إسرائيل الذروة والكمال وابتداء من حرب 1973 م أحدثَ العرب بداية الارتفاع في ميزان النصر العربي وانتقالا إلى انجازات المقاومة وقفزاتها في لبنان وفلسطين .. العربُ يحققونَ انجازاتٍ وانتصاراتٍ لكنهم ممنوعون من الفرحِ بها أو استثمارها لتجني ثماراً أنضج ، فمن الخطأ أن نبالغ في تقزيم القوة الاسرائيلية ومن الأخطر أن نبالغ في أَسْطَرة قوتها فننزلقُ أكثر في هاوية الانهزامية ..

المرحلة المقبلة لاتحتاجُ منا كعرب أكثرَ من أن نرفع النَفَسَ الثقافي الفكري العربي وأن نبحث عن كوامن القوة الفكرية والسياسية والدبلوماسية وأن نغطيها بالقوة العسكرية ورباطة الجأش المطلوبتين .. لإحداث التوازن الاستراتيجي الذي سَيُخْرِجُنا من حالة الأُعْطِيَاتْ والمَنْحْ المتبعة منذ انتهجنا سياسة الترحيل السياسي للمواقف وعلى العرب أن يعلموا أن فلسطين بحاجة إلى تضامن خطابي سياسي دبلوماسي استراتيجي فعلي على الأرض ..