خبر أسيرة الحصار..يديعوت

الساعة 08:38 ص|09 يونيو 2010

بقلم: رونين بيرغمان

"العالم كله ضدنا، ليس هذا فظيعا، سنتغلب على ذلك. لا يهتمون بنا البتة، ليس فظيعا، سنسوي أمورنا. العالم كله ضدنا، ليس فظيعا سنتغلب على ذلك. فما عدنا نحن أيضا نهتم بهم!" كتب هذه السطور يورام طهرليف (ولحنها كوبي اوشرات) قبل أكثر من أربعين سنة، لكن يبدو أنها أصح من كل شيء فيما يتعلق بما يحدث من اجراءات اتخاذ القرارات في اسرائيل في السنين الأخيرة.

        انهارت أسابيع من التخطيط والتدريب على العمليات، الى جانب اقامة أجهزة دعاية ونشر للمعلومات في وقت الحسم. يجب على اسرائيل أن تحقق نفسها وأن تسأل كيف انتهى الأمر الذي استعدت له كثيرا على نحو جد مخجل، سبب لها الكثير من الضرر. كان أداء مختلف يمكن أن يغير النتيجة، بالنقط على الأقل. النتيجة الفظيعة مفاجئة على نحو خاص، لأنه في هذه المرة خاصة، وبخلاف قضايا أخر، استعدت اسرائيل لهذا السيناريو مدة أشهر طويلة بل تمتعت بتجربة ناجحة حشدتها في هذا الشأن في الماضي.

        يذكرون أحيانا الوهن والواقع العنيف المتصل على أنهما اللذان سببا "عقلية الحصار" عندنا. يجب أن نزيد عليهما ذكرى الكارثة والخوف من تهديد وجودي لمواطني الدولة (الذي لا يمكن ان نشمل فيه، وينبغي  الاعتراف بذلك، مجموعة سفن شحن تحمل مواطنين عنفاء متحمسين مهما كانوا). مع ذلك، يبدو ان احداث يوم الاثنين  الماضي تدل على مستوى جديد أعلى من كل مرة لعدم الاكتراث وآلية اتخاذ القرارات التي تنبع من الشعور بأن اسرائيل وحيدة تماما في نضالها.

        يبدو أن اجراء اتخاذ القرارات في  اسرائيل، مهما كان مخطوءا، يمكن أن يعلمنا درسا مهما في المشاعر ومزاج التفكير لمقرري السياسات في الجيش والحكومة. ينبع القرار على الاغارة على سفن الاسطول أيضا، وفي الاساس، من الشعور الذي عبر عنه في يوم السبت (قبل الاغارة) جهة عسكرية رفيعة المستوى جدا في حديث معي اذ قال "لا يهم ماذا نفعل ولا يهم مقدار حذرنا وكيف نتجه الى شأن الأسطول. فسيكونون جميعا على أية حال ضدنا، وفي الأمم المتحدة سينددون بنا ويضربوننا على رؤوسنا. يحذر العالم المس بكرامة كوريا الشمالية، وألا يغضبها برغم أنها قتلت بحارة من كوريا الجنوبية أبرياء بلا خجل، وهو يظهر التلون الشديد مع اسرائيل التي تحارب حماس وهي منظمة ارهابية لها دولة. يحسن في وضع كهذا على الأقل ان نحافظ على الكرامة الوطنية وعلى مبادىء الحصار البحري على غزة". بعبارة أخرى: أصبحت الحرب على الرأي العام العالمي من ورائنا وقد خسرنا.

        إن هذا الشعور أي "عقلية الحصار"، وفحواه أن جميع "الأغيار" ضدنا يغلي في المجتمع الاسرائيلي منذ اقامة الدولة، لكن يبدو انه بلغ ذروته في السنين الأخيرة ولم يعد من نصيب عناصر يمينية بل تبوأ مكانا مركزيا في مزاج التفكير الاسرائيلي.

        كل ما حدث في الساحة الدولية هذا العام – تقرير غولدستون، والغضب والتنديد الدوليان على أثر اغتيال المبحوح في دبي، وطلب لجنة منع نشر السلاح الذري تفتيش منشآت اسرائيل – كل ذلك يزيد في الشعور العام الصعب الذي يميز اليوم أجزاء واسعة جدا في  المجتمع الاسرائيلي. برغم دعوات الاحتجاج التي تسمع في مواجهة نشاط الجيش الاسرائيلي، من النزاهة ان نقول ان اكثر السكان غير متأثرين بصورة حدوث ذلك.

        إن "عقلية الحصار"، والتعب وعدم الاكتراث اللذين ينبعان منها، خطر على دولة في أوجها فكيف تكون على دولة تحارب حربا يومية طويلة، مع مواجهة تهديدات لوجودها من أفواه نماذج خلاصية تفعل ما تستطيع لاحراز قدرات ذرية.

        أصبح الوضع أخطر والدولة تملك الوسائل العسكرية لاتخاذ خطوات مانعة عقابية لاعدائها، قد يفضي بعضها بالشرق الاوسط الى تجاوز نقطة عدم العودة على نحو واقعي تماما.