خبر إسـرائيـل والمعـارضـة التـركيـة: تـنسيـق لإسقــاط أردوغــان!

الساعة 05:32 ص|09 يونيو 2010

إسـرائيـل والمعـارضـة التـركيـة: تـنسيـق لإسقــاط أردوغــان!

محمد نور الدين

تنتشر بصورة متزايدة داخل الأوساط الإعلامية نظرية أن إسرائيل هدفت من خلال عدوانها على سفينة «مرمرة» التركية وقتل الأتراك توجيه صفعة إلى تركيا ككل، ولكن تريد أكثر إطاحة حزب العدالة والتنمية من السلطة.

وهذه النظرية تجد لها سندا أيضاً في تركيز المسؤولين الإسرائيليين هجومهم على رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان. وهو ما يفسر الحملة المضادة التي شنها اردوغان مطالباً برأس الحكومة الإسرائيلية وزعيم القراصنة بنيامين نتنياهو.

ولعل التصريحات التي تلت موجة التضامن مع الدم التركي والتي صدرت عن زعماء المعارضة التركية قد انتهت مدتها وبدأوا كيل التهم لأردوغان من زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار اوغلو إلى زعيم حزب الحركة القومية دولت باهتشلي وصولا إلى حزب السعادة الإسلامي والقوى الإسلامية الموصوف بعضها بالاعتدال مثل فتح الله غولين زعيم جماعة النور التركية. أما حزب السلام والديموقراطية الكردي فلم يوفر فرصة إلا واتهم اردوغان بالازدواجية عندما يدافع عن أطفال فلسطين، لكنه يمعن قتلا في الأطفال الأكراد.

يقول عاكف ايمري، في صحيفة «يني شفق»، إن الإسرائيليين يريدون من موجة عدوانهم إحداث موجات ارتدادية تصل إلى الداخل التركي. ويضيف إن من مصلحة إسرائيل أن يأتي إلى السلطة في تركيا تحالف من الأحزاب التي تؤمن بالجمود وعدم تطوير دور تركيا في الخارج، مثل حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية. ومثل هذه الأحزاب التي تقول بدبلوماسية الكواليس والنخب تسهّل إذعان تركيا للضغوطات الخارجية، ولا تعير أهمية الحراك الاجتماعي العلني ودوره في ردع هذه الضغوط، وتسهّل عودة إسرائيل في علاقاتها مع تركيا إلى سابق عهدها.

ويعتبر ايمري أن «أي ائتلاف من هذين الحزبين يسهل على إسرائيل استخدامهما كحصان طروادة من اجل إعادة توتير علاقة تركيا مع محيطها. كما أن انغلاق تركيا من جديد على داخلها يخرجها من دور العنصر المؤسس للنظام الإقليمي الجديد، ويعيدها مخفرا لقوى الهيمنة الغربية. ومثل هذا الائتلاف مستعد للعودة إلى اتفاقات التعاون الاستراتيجي مع إسرائيل. ومثل هذا الائتلاف الحكومي يخدم مصلحة إسرائيل في سعيها لتعطيل الحلول السلمية للأزمة الإيرانية وتبرير الحرب عليها، وهذا يتطلب تغيير السلطة الحالية لحزب العدالة والتنمية المعرقل حتى الآن للخيار العسكري مع إيران».

ويقول انه كما تريد إسرائيل أخذ المنطقة تحت سيطرتها تريد فعل الشيء ذاته مع أنقرة، وهي تحاول استخدام كل الأوراق من اجل ذلك، وفي رأسها تغيير السلطة في تركيا.

ويقول أستاذ العلاقات الدولية إحسان داغي، في مقال في صحيفة «زمان»، إن إسرائيل خسرت حتى الآن لأن العنف وانتهاك الشرعية وغياب الضمير لا يكسب، ولكي تكسب يجب ألا تكون «مثل إسرائيل» وألا تستخدم أساليبها، وبالتالي يجب حتى عدم ذكر كلمة حرب. ويضيف إن «حكومة (تركية) تسعى للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن تفكر في إدخال تركيا في حرب. وان بلدا ينتقل بسرعة إلى الديموقراطية والحرية والتمدين (ضد العسكرة) لن يولي اعتباراً لأي سيناريو حربي. ومثل هذا السيناريو تسعى إليه القوى التي تريد إعادة العسكرة إلى السلطة، وهي قوى في الداخل وفي الخارج».

ويقول الكاتب إن استمرار سياسة تركيا انتهاج سياسات الحل السلمي للمشكلات والتعاون الإقليمي يدفع بإسرائيل إلى العزلة، ولكن يجب في كل الحالات أن تبادر الحكومة إلى خطوتين: الأولى إبطال الاتفاقات العسكرية مع إسرائيل والثاني قطع روابط القوات المسلــحة التركية مع إسرائيل، وهذا يعني تــطوير استراتيجـية عســكرية تركية بعيدة المدى.

ويعتبر داغي أن «سياسة المصالحة والسلام والتعاون التي تنتهجها تركيا تزعج إسرائيل، لأن مشكلة إسرائيل الرئيسية هي أنها لا تريد السلام. كما أن نفوذ تركيا المتصاعد في المنطقة وتزايد الاحترام لصورتها مقلق لإسرائيل، خصوصا أن صورة تركيا هي «القوة الناعمة» وهي النقيض لصورة إسرائيل المتطرفة. كما ان تركيا خرجت من موقع البلد الذي ترغب إسرائيل أن تراه، لذا فإن الهدف الأساسي لإسرائيل من عمليتها هو تعطيل الدور التركي هذا».

ويقول إن «مشكلة إسرائيل إنها لم تستطع قراءة تركيا في السنوات الأخيرة. واقتصرت على النظر إليها على أنها سلطة حزب العدالة والتنمية رافعة شعار انه لا حل معها إلا بإطاحة الحزب». ويضيف إن إسرائيل بدأت في تحريك اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وخلق مقولة إن تركيا تريد قطع روابطها مع الغرب وتدمير النظام العلماني وإحياء الهيمنة العثمانية الإسلامية. ويعتبر أن الكلام ارتفع في الغرب على دعم القوى المعارضة لحزب العدالة والتنمية والدفاع عن منظمة «ارغينيكون» والتشكيك بالمحاكمات. وينتهي إلى القول إن سياسة تركيا وشعبها لم تعد سهلة لكي تنسجم مع هذه السيناريوهات، فضلا عن أن مثل هذه المشاريع لإطاحة الحكومة الحالية هي إنذار ولا ينصح بها لأن العمل مع اللوبي الإسرائيلي ليس سوى «قبلة الموت»لأصحابها.

من جهة أخرى، دعا الكاتب إبراهيم قره غول إلى إلغاء كل الاتفاقيات العسكرية مع إسرائيل. وقال «إلى متى ستنتظر الحكومة لإلغاء الاتفاقات؟ هل عندما تقصف الطائرات الإسرائيلية اسطنبول كما قصف طياروها الذين تدربوا فوق سماء قونية لبنان عام 2006 وغزة عام 2009 وسوريا عندما قصفوا دير الزور؟».

ويتساءل «عمن وضع في أذهان الأتراك أن إسرائيل حاجة عسكرية وان من مصلحة تركيا التجسس على إيران وأن تقام غرفة خاصة بإسرائيل في رئاسة الأركان وأن تكون الأراضي التركية مسرحاً للاستخبارات الإسرائيلية؟ أي بلد يتحمل مثل هذه الاهانات والتحقيرات؟» وقال «أما اليوم فمن يمكن أن يدافع عن بلد قتل مواطنينا؟ وأية مصالح مشتركة مع جيش في بلد يقول إنه سيغرق المركب الذي يمكن أن يكون عليه رئيس حكومتنا؟». وتابع «إذا كان الاعتداء على أسطول الحرية هو «11 أيلول تركيا» وإذا كان «لن يبقى شيء على ما كان عليه» كما يقول المسؤولون الأتراك، فيجب إنهاء هذه الاتفاقيات العسكرية».