خبر « إسرائيل » .. ضحايا كُثر لجريمة أسطول الحرية ..ماجد عزام*

الساعة 11:30 ص|07 يونيو 2010

"إسرائيل" .. ضحايا كُثر لجريمة أسطول الحرية ..ماجد عزام*

على عكس ما يبدو للناظرين، ثمة ضحايا كثر للجريمة التي اقترفها "إسرائيل" ضد أسطول الحرية في عمق البحر المتوسط عدا عن الشهداء التسعة وعشرات المصابين من الناشطين الذين كانوا عرضة لجنون وغطرسة القوة التي مارستها القوة البحرية الخاصة لجيش الاحتلال-شاييتط- بأوامر مباشرة من نتن ياهو وباراك   خريجي الوحدة الخاصة لرئاسة الأركان سييرت متكال التي ارتكبت بدورها عديد من الجرائم في فلسطين والمنطقة أيضا.

 

 قدرة الردع الإسرائيلية هي برأيي إحدى أهم الضحايا للقرصنة التي نفذتها وحدة شاييتط في عرض البحر   تظهر عزيمة النشطاء كما تسيير الأسطول نفسه ان هذه "إسرائيل" لم تعد قادرة على ردع أحدا فى المنطقة   لا سياسيا ولا عسكريا كما ان طريقة عمل الوحدة نفسها تؤكد زوال قدرة الردع الإسرائيلية فى عيون أعدائها وكما تساءل اليكس فيشمان عن حق فى يديعوت احرونوت "اذا كانت هذه هي نتائج محاولة السيطرة على سفينة غير مسلحة على مسافة ربع ساعة من اسدود فما الذي ينبغي التفكير فيه عن المواجهة المتوقعة حيال إيران". 

 

 

الضحية الثانية على المستوى الإسرائيلي الداخلي تتعلق بنابليون او أكثر الجنرالات الإسرائيليين حصولا على الأوسمة وزير الدفاع ايهود باراك الذي فقد بريقه كقائد عسكري استثنائي بعدما فقد بريقه كقائد وزعيم سياسي العبقري والمتخصص في فك وتركيب الساعات-وليس البوصلة- المحلل البارع لشؤون الشرق الأوسط في الحكومة بات على دائرة الاستهداف السياسي والإعلامي وتصاعدت الأصوات التي تطالب باستقالته وتحمله المسؤولية عن الفشل الكبير والمدوي، دانييل بن سيمون النائب السابق عن حزب العمل والصحافي أيضا لخص بدقة أزمة او بالأحرى مكمن خطورة باراك على إسرائيل والمنطقة "ما زال زال يتصرف بعقلية الخمسينات وشريعة الغاب وفق قاعدة اما تأكل او تؤكل".

 

في السياق الخارجي يمكن الإشارة أيضا إلى خسائر مهمة لـ"إسرائيل" فالعملية تعنى نهاية او موت التحالف الاستراتيجي مع تركيا ربما تستمر العلاقات في

 

أبعاد مختلفة دبلوماسية وحتى تجارية وأمنية إلا أنها فقدت حتما البعد الاستراتيجي في ظل التناقض الكبير في التوجهات والسياسات بين البلدين فتركيا التي تسعى إلى حلول دبلوماسية وسلمية لمشاكل المنطقة وفق الشرعية الدولية لا يمكن أن تتحالف استراتيجيا مع دولة تتصرف وفق شريعة الغاب وترتكب المجازر بشكل منهجي ومتسلسل وعن سبق إصرار وترصد منذ تأسيسها حتى الآن .

 

 القرصنة الإسرائيلية لم تؤدى فقط إلى إعادة وضع حصار غزة الظالم وغير الأخلاقي على جدول الأعمال السياسي الدولي وإنما أدت أيضا الى بداية العد التنازلي لكسره وهى مسألة وقت فقط حتى يتم إنهاء الحصار جديا وعمليا   أي كان الشكل المتبع ممرات إنسانية كما نص القرار 1860 او فتح معبر رفح بشكل دائم للمواطنين والبضائع أو تسيير خط بحري من غزة واليها إنما الثابت والأكيد ان الحصار وإلى غير رجعة، بعد فشله في تحقيق أهدافه السياسية   والإستراتيجية.

 

 جريمة المتوسط    ستصب مزيد من الزيت على نار الغضب الدولية ضد إسرائيل كدولة ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وهى ستدفع الرياح فى أشرعة حملات المقاطعة   ضد الدولة العبرية على مستويات مختلفة سياسية واقتصادية وأكاديمية وأمنية كان عاموس عوز محقا عندما قال ليديعوت احرونوت" ان "إسرائيل" تتحول   الى دولة منبوذة وجرباء لا يرغب احد بعلاقة معها الدولة التي تستخدم القوة العسكرية ضد مدنيين لابد من ان تخسر المعركة الأخلاقية ".

 

إحدى أهم التداعيات الأخرى لجريمة القرصنة الإسرائيلية تتمثل بكونها اى الجريمة تفرغ مفاوضات التقريب-غير المباشرة- من محتواها وجدواها، اذا كان ثمة اشياء كهذه أصلا وهى ستؤدى الى خلق صيرورة تدفع ليس فقط باتجاه كسر الحصار وإنما أيضا باتجاه إنهاء الانقسام وتكريس المصالحة الفلسطينية ليس وفق أجندات وأهواء وضغوط خارجية وانما وفق المصلحة الوطنية العليا   التي تقدم الحوار الداخلي وترتيب البيت الفلسطيني على الحوار والمفاوضات مع "إسرائيل" التي لم ولن تؤدى إلى اى نتيجة لا في المدى المنظور ولا حتى في المدى البعيد .

 

* مدير مركز شرق المتوسط للإعلام