خبر بين السيء والاسوأ-معاريف

الساعة 09:35 ص|07 يونيو 2010

  بقلم: شموئيل روزنر

(المضمون: الاتراك يقودون الان الجبهة التي تحاول منع العقوبات الدولية بقيادة امريكية ضد ايران، والامريكيون يريدون ارضاءهم، وليس خسارتهم).

يحتمل الا يكون أمام اسرائيل مفر. يحتمل أن تضطر الى الموافقة على لجنة تحقيق كهذه او تلك لموضوع الاسطول، لجنة يكون لها طابع دولي او تضم في عضويتها مندوب دولي، او على رأسها تقف شخصية دولية. يحتمل ان يكون الخيار الذي تقف امامه اسرائيل الان هو بين السيء والفظيع، وان من الافضل لها أن تختار السيء. يحتمل أن يكون كل ما يمكنها أن تفعله في ضوء الضغط هو المساومة على الشروط، على حجم التفويض، على تركيبة المشاركين. الحرص على الا يضطر جنود الوحدة البحرية الى التسلح بالمحامين وان يخضعوا للتحقيق، والتأكد بان يكون في اللجنة ايضا مندوب امريكي وليس فقط لغز نيولندي؛ المطالبة بان تحقق اللجنة بحدث موضوعي والا تنشغل بالمسألة السياسية للحصار على غزة.

حتى لو استجيبت كل هذه المطالب، حتى لو أخذ مبادرو اللجنة على عاتقهم كل القيود التي تعنى بها اسرائيل، حتى لو جلس فيها امريكي، وحتى لو ظهر أن النيوزلندي هو محب كبير لصهيون – حتى لو حصل كل هذا، فمن غير المجدي أن نتوقع بان تخرج اسرائيل جيدا من التقرير الذي سيخرج عنها. في افضل الاحوال ستخرج متوسطة حتى سيئة. في الحالة المعقولة ستخرج سيئة حتى سيئة جدا. صحيح: هناك غير قليل من الحجج القوية التي ستفيدها في يوم الاختبار، توجد براهين، توجد معلومات، يوجد رجال قانون دهاة يمكنهم أن يعرضوا مبرراتها. غير أن لجان التحقيق ليست هيئات "قضائية". ليس حقا. فهي هيئات تتخذ صورة القضائيين – بمعنى، اولئك الذين يستخدمون اللغة القضائية، اولئك الذين يطرحون مسرحية وكأنها قضائية، في الوقت الذي يدور فيه الحديث عمليا عن مؤسسات سياسية. وفي العمل السياسي توجد لاسرائيل فرصة اقل للنجاح.

لا، فرصها اقل ليس بسبب كراهية اسرائيل. ليس فقط بسبب كراهية اسرائيل. إذ كما أسلفنا يمكن التأكد من أن يجلس في اللجنة اشخاص ليست كراهيتهم هي معتقدهم (على أن تكون المعلومات الاستخبارية المسبقة عن المرشحين أدق من المعلومات الاستخبارية التي وضعت تحت تصرف الوحدة البحرية قبل الاجتياح الفاشل لـ "مرمرة"). فرص اسرائيل اقل لانها أضعف سياسيا ممن يقف أمامها. فهي أصغر، أقل حيوية وأقل خطورة من تركيا. للمندوب الدولي، النيوزلندي أو الامريكي – الى جانب رغبته الشديدة، على فرض أن تكون لديه مثل هذه الرغبة، للنزول للتحقيق وصولا الى الحقيقة – ستكون مصلحة واضحة في عدم الاهانة، او اثارة غضب الاتراك. أما اغضاب اسرائيل فيؤلم اقل.

توجد للامريكيين الان صعوبة كبيرة مع حكومة أنقرة. من جانب واحد فانهم يحتاجونها، ومن جانب آخر يلاحظون بقلق تغيير نبرة ونغيير نهج الاتراك – نعم، تجاه اسرائيل بالطبع، ولكن على نحو مبطن وواضح ايضا تجاه الولايات المتحدة. الاتراك يقودون الان الجبهة التي تحاول منع العقوبات الدولية بقيادة امريكية ضد ايران، والامريكيون يريدون ارضاءهم، وليس خسارتهم. تركيا هي دولة كبيرة جدا، هامة جدا، قريبة جدا من مراكز الاحتكاك  والمواجهة المحتملة من أن يسمح لها بقطع الاتصال والانتقال نهائيا الى معسكر الخصم. "الغرب"، الذين ادار ممثلوه الاوروبيون كتفا باردة لتركيا عندما جروا الارجل ورفضوا عمليا ضمها الى الاتحاد الاوروبي، سيضطرون الى أن يدفعوا بعملة ما كي يحافظوا على الاتصال.

على أي حال لا توجد فرصة ان تتخذ لجنة دولية قرارا يقبل الرواية الاسرائيلية ويلقي بالمسؤولية عن تدهور قضية الاسطول على تركيا. صحيح، لم يفعل الاتراك شيئا كي يمنعوا المأساة، لم يستجيبوا لطلب اسرائيل، لم يبدوا أي اهتمام بتهدئة الخواطر، سمحوا، وربما بشكل غير مباشر او مباشر، مولوا الاستفزاز. في المحكمة يمكن لهذا ان يكفي للادانة. ولكن يجدر بنا الا نتشوش: اللجنة الدولية هي مخلوق سياسي.