خبر المصيبة الاستراتيجية « أردوغان »..معاريف

الساعة 12:06 م|06 يونيو 2010

بقلم: بن كاسبيت

على قادة الدولة أن يسيروا على أطرفا اصابعهم، وفي جهاز الامن يحذرون جدا على كبريائه، ولكن كل من له عينان واذنان في رأسه يفهم بان رجب طيب اردوغان اصبح مثيرا للتحريض والكراهية، ناجعا وهداما. ديماغوجي خطير، داهية، لا يتردد في استخدام الوسائل ويشدد كل لحظة خطابه. اردوغان لا يتردد في ان يعترف بان حماس هي حزب شقيق لحزبه ويرى، في واقع الامر، في اسماعيل هنية، خالد مشعل، احمد الجعبري وعصاباتهم نوعا من "النموذج للاقتداء".

        رئيس الوزراء التركي خرج منذ زمن بعيد عن نطاق المشكلة الموضعية او الانية. اردوغان، صحيح حتى الان هو مصيبة استراتيجية آخذة في التجسد امامنا. "هو احمدي نجاد الثاني"، قال ليس امس مصدر سياسي كبير في القدس، وفي ذات النفس اقسم الا اقتبسه من عول على تركيا بان تكون الحلقة الاقوى في محور الدول سوية العقل في المنطقة، يحصل عليها الان كحجر اساس لمحور الشر.

        عند مراجعة تاريخه، نفهم. فمنذ سن الرابعة تلقى الكراهية في مدرسة متطرفة. ثوري في روحه، اردوغان يفعل كل شيء كي يغير وجه تركيا. وقد شق طريقه بمثابرة وبحكمة. والان جاء دور الجيش التركي الذي حتى وقت قصير مضى كان آخر حماة الدستور و "الكمالية" (نظرية كمال اتاتورك، الذي فصل الدين عن الدولة وجعل تركيا ديمقراطية علمانية تحتذى). اردوغان القى بجنرالات الى السجن، اردوغان يقضم من قوة مجلس الامن القومي (الذي يسيطر عمليا في الجيش)، وفي الاسبوع الماضي غير رئيس الموساد التركي، بعث الى البيت برجل مهني غني التجربة والسمعة وجلب مكانه اسلامي متطرف.

        اردوغان يريد أن يدخل التاريخ كمن قلب العجلة واعاد الامبراطورية التركية الى عهدها المزدهر. من المحزن أنه يخطط لتنفيذ معظم هذه الخطوة على ظهرنا. فقد شخص الرافعة، ورأى السلم، والان يتسلقه في الطريق الى مكانة صلاح الدين، او على الاقل جمال عبدالناصر الجديد، او من يأتي اولا. محافل امنية في اسرائيل مقتنعة بان الفخ الذي اعد لمقاتلي القافلة أسفل سفينة "مرمرة" هو ثمرة العقل الناشط لاردوغان. "نيويورك تايمز" نشرت ان ممولي هذه الحملة يعتبرون من مجموعة الدعم القريبة لاردوغان. كلما تعمق التحقيق تكاثرت المؤشرات. وهو من شأنه أن يجد طريقه الى هنا، على رأس جيش تركي هذا او ذاك، يجر كل المنطقة الى نزال في وضح النهار امام غزة ويهدد بان يصبح شهيدا.

        خيط دقيق من الكراهية يربط بين "عودوا الى اوشفيتس" التي قالها واحد من رجال "مرمرة" في شبكة الاتصال ردا على طلب سلاح البحرية الاسرائيلي، وهيلن توماس، ابنة التسعين، المراسلة القديمة للبيت الابيض، التي قالت الاسبوع الماضي ان على اليهود ان يخرجوا من فلسطين وان "يذهبوا الى الديار". عندما سئلت اين ديار اليهود، اجابت توماس "في بولندا، في المانيا، في امريكا". الخيط الذي يربط هذا، صحيح حتى اليوم، هو طيب اردوغان، رئيس وزراء تركيا، الذي كانت حتى وقت قصير مضى من الحلفاء الاستراتيجيين والهامين لاسرائيل في المنطقة، وبشكل عام.

        اذن ما العمل؟ على هذا السؤال يجب ان يجيب بنيامين نتنياهو. ذات مرة، عندما كان مجرد مواطن قلق (بين  الولايتين)، قال نتنياهو في حديث خاص انه "اذا انتهى ذات مرة تحالفنا مع تركيا، فيمكن اغلاق البسطة". كان بالغ بالطبع. اما اليوم فهو رئيس الوزراء، ونحن المواطنون القلقون. اسرائيل قوية بما فيه الكفاية، حتى بدون تركيا، ولكن وضعها الدولي في درك اسفل لم يسبق له مثيل. حملة منهاجية من نزع الشرعية تجري ضدها، على مستوى عالمي. اردوغان هو صحيح حتى اليوم، الروح الحية لهذه الحملة. كان ينبغي ادارة الازمة الحالية بحكمة. اردوغان يعمل على اباحة دم اسرائيل ومحظور الانبطاح امامه. كما أن التهديدات والانذارات التي تصل بوتيرة نار قاتلة من ناحية أنقرة يجب أن تصطدم بجواب مصمم. من جهة اخرى، محظور تحطيم الاواني ويجب بذلك كل جهد للحفاظ على الاتصال، او الجمر. من اجل هذا اكتشفوا امريكا، ولكن هناك ايضا نتنياهو في وضع حساس، بحيث انه من الصعب معرفة من اين سيأتي الخلاص. في هذه الاثناء، كالمعتاد، يلعبون على الزمن. السباعية ستجتمع مرة اخرى اليوم وستبلور الصيغة الاسرائيلية للتحقيق. شيء ما مثل تحقيق داخلي اسرائيلي، مع مراقبين اجانب (امريكيين)، لن يحقق مع الجنود. نتنياهو يأمل في أن يضيع الوقت ويعلق اماله اليوم، وكم هو غريب، على المونديال. يوم الجمعة القريب القادم ستبدأ هذه، والعالم سيتركنا اخيرا على راحتنا. في تركيا مرضى على كرة القدم، وكل ما تبقى لنا هو أن نأسف بانهم لم يصعدوا الى النهائيات. من جهة اخرى نحن ايضا لم نصعد. هكذا بحيث أنه في وقت ما سيترك الطرفان كرة القدم ويعودان الى المباراة الحقيقية الاكثر خطورة بكثير، هنا والان.