خبر في عالم متقلب لا يكفي أن نكون محقين..يديعوت

الساعة 12:00 م|06 يونيو 2010

بقلم: ايتان هابر

درءا لسوء الفهم: نحن محقون. نحن محقون جدا. نحن دوما محقون. نحن محقون ايضا حتى عندما نخطىء. حسنا، وماذا في ذلك؟ هل سيسجلوننا الان في الكتاب الذهبي للحق؟ هل حاييم هخت سينتج عنا مسلسلا آخر بعنوان "خروج المحق"؟

نحن محقون عندما نقول ان العالم كله ضدنا، ان العالم متهكم، وحشي، بل ولاسامي. ولكن ما حصل مؤخرا، اساسا مع الاسطول التركي، ملزم بان يوقظ عندنا الغافين، ان يقرع كل اجراس التحذير وان يشعل كل الاضواء الحمراء: ايها الرفاق الاعزاء، دولة اسرائيل في خطر.  اسرائيل تمر بعملية نزع شرعية في العالم، والعالم الشرير هذا، بعد ان يسحب شرعية من دولة ما، يتعاطى معها كالغبار.

امام ناظرينا العالم ينقلب رأسا على عقب: في هذا العالم يعيش اليوم اكثر من مليار ونصف مسلم، غير قليلين منهم، ممن يسعون الى انقاذ انفسهم من حياة الجهل، يهاجرون بجموعهم، ولا سيما الى بلدان اوروبا. ملايين المسلمين يحتلون اوروبا ويتركون سكانها وزعمائها عديمي الوسيلة حيال المساجد، "البرقع"، والصلوات خمس مرات في اليوم. كل زعيم، في كل دولة، ولا سيما في اوروبا، يجري اليوم حسابا بسيطا: يريد أن يبقى سياسيا وهو يريد أن ينقذ دولته وثقافته. دولة اسرائيل لا تشمل في "كله مشمول" لزعماء المعمورة.

حتى زمن اخير مضى تغلبت اسرائيل على كل العوائق السياسية، الامنية والاقتصادية لديها، لانها اعتمدت على دعم الولايات المتحدة. وفهم العالم بان اسرائيل هي الولاية الـ 51 لامريكا – ومن يريد ان يتورط مع امريكا؟ مع ريح الاسناد الهائلة هذه غض الجميع النظر عما اسموه "احتلالا" وعندنا اسموه "عودة صهيون"، "بداية الخلاص" وجملة الاسماء المغسولة الاخرى. عصرنا الليمونة الامريكية حتى آخر قطرة، وعندما قال الامريكيون لنا، مثلا، بان مشروع الاستيطان لا يروق لهم، غنينا ورقصنا لهم "اعطوا المشورة وسنخرقها".

كان لاسرائيل زعماء حكماء. مناحيم بيغن، مثلا. الرجل أقام مع مصر سلاما، يصمد منذ ثلاثين سنة. اسحق رابين وشمعون بيرس مثلا. واصلا مساعي المصالحة والسلام، توصلا الى اتفاق مع الفلسطينيين (لم يحترم) ومع الاردن (يصمد منذ 15 سنة)، والاساس فهما بانه فتحت "نافذة فرص" لم يسبق لها مثيل ومن يدري اذا كانت ستعود (روسيا انهارت، سوريا استلقت على الارضية). العالم كله اعرب عن عطفه لاسرائيل – 33 دولة اخرى اعترفت بها، نحو 80 ملك، رئيس ورئيس وزراء وصلوا لزيارتها والاقتصاد ازدهر. بعد رابين وبيرس واصل ايهود باراك، ارئيل شارون وايهود اولمرت "مسيرة السلام"، تحدثوا مع زعماء عرب، التقوا، بحثوا – وبالاساس زرعوا الامل.

كل تلك السنين ازداد العالم الاسلامي واصبح قوة سياسية، اقتصادية وعسكرية. زعماء العالم تابعوا بقلق ما يجري واجروا الحساب: مليار وربع مسلم قد لا يكونوا محقين، ولكنهم قادرون على أن يثيروا المشاكل وان يقلبوا العالم.

في هذه الاثناء اغلقت "نافذة الفرص" وتبدد الحلم الاسرائيلي بشل عداء ايران من خلال اتفاقات مع الفلسطينيين والسوريين. في هذه الاثناء أيضا قام في الولايات المتحدة رئيس فهم القوة المهددة لمليار وربع مسلم. وان كان هو (لا يزال) ملتزما بمواصلة أمن اسرائيل، ولكن الاعمال خلف "اعطوا مشورتكم وسنخرقها" أثارت اعصابه. اوباما اوضح لاسرائيل بانه ليس "ابنا وحيدا"، ولهذه اللحظة انتظرت دول عديدة، ولا سيما اسلامية. اما الان فان العالم "يجري الحساب" معنا.

الولايات المتحدة لا تزال تمنح الثقة لنتنياهو وباراك، ولكن حبات الرمل تنفد في ساعة الرمل لواشنطن. في البيت الابيض يتوقعون مسيرة سلمية، ان لم يكن السلام نفسه. غير أنه في هذه الاثناء لا توجد لا مسيرة ولا سلام. اوباما ينظر من النافذة في الغرفة البيضاوية، يرى ساحات خضراء وحديقة ورود مزدهرة، ولكن خلف الحديقة، في الافق، يرى محيطا من مليار وربع مسلم. تسونامي مهدد.

في الوضع الحالي علينا قبل كل شيء أن نفهم ما يجري، وان نتصرف بحكمة وان نعرف متى نتقدم ومتى نتراجع. ليس عارا دراسة خطواتنا بحكمة. ذات مرة كنا حكماء ومحقون في نفس الوقت. اما الان؟ الان نحن محقون.