خبر هل يفعلها أبو مازن ويقود سفينة كسر حصار لغزة؟

الساعة 05:10 ص|06 يونيو 2010

هل يفعلها أبو مازن ويقود سفينة كسر حصار لغزة؟

فلسطين اليوم – غزة

تسليط الأضواء على المصالحة في خضم التركيز الفلسطيني والعربي والدولي على ما وصفه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بـ"الهجوم على القانون الدولي وضمير الإنسانية والسلام العالمي" بعد القرصنة التي قام بها كيان الاحتلال في المياه الدولية للبحر الأبيض المتوسط وقادت إلى المجزرة التي ما زالت آثارها تتدحرج مثل كرة الثلج – كما عبَّر الدكتور رمضان شلَّح الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي- قد يؤجل طي صفحة الانقسام حتى إشعار آخر.

ففي هذه المجزرة وآثارها يجد المراقبون السبب الأول والمباشر لمبادرة منظمة التحرير إلى محاولة دفع المصالحة إلى الواجهة السياسية بينما كل الظروف الملموسة تشير إلى عدم توفر الشروط الموضوعية لإنجازها، فهذه المجزرة قد حاصرتها سياسياً وإعلامياً بقدر ما حاصرت نتائجها العكسية، بالنسبة لكيان الاحتلال، "الشريك الإسرائيلي" في عملية التسوية وأربكت "الراعي الأميركي" لهذه العملية وأحرجت "الشريك المصري" فيها، في وقت ينصب تركيزهم جميعاً على المباحثات غير المباشرة التي ترعاها واشنطن آملة أن تقود إلى استئناف المفاوضات الفلسطينية المباشرة مع كيان الاحتلال، بحيث يصعب على أي مراقب أن لا يستنتج بأن تسليط الأضواء على مصالحة لم تنضج ظروفها الموضوعية بعد, إنما يستهدف أولاً التغطية على تحدي المنظمة ومفاوضيها لشبه إجماع فلسطيني على رفض الذهاب إلى المفاوضات.

 

ويستهدف ثانياً التغطية على انشغال المنظمة بهذه المفاوضات حد أن لا يكون لها أي دور في جهد دولي "سلمي ومدني وشعبي" متواصل لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، بالرغم من خطابها الذي يسوغ معارضتها المعلنة للمقاومة الوطنية ومطاردتها لناشطيها بالتنسيق الأمني مع الاحتلال بتبني المنظمة لــ"المقاومة السلمية والشعبية، وبالرغم من أن هذا الجهد الدولي قد وفر لها فرصة نموذجية لم تسهم فيها لممارسة هذا الشكل من المقاومة الذي تعلن تبنيها له.

 

ولا يمكن ببساطة تفسير القرار الذي اتخذه الاجتماع المشترك للمنظمة وفتح في نفس يوم مجزرة أسطول "الحرية" بإرسال وفد مشترك برئاسة "مستقل" إلى غزة, بأنه مجرد حرص على مصالحة, قال رئيس الوفد منيب المصري نفسه في الثاني عشر من الشهر الماضي إنها "لا تزال بحاجة إلى وقت، لأن الأمور لا تزال صعبة جداً".

 

فما الذي تغير بعد أقل من عشرين يوماً؟ لكن لماذا تنضم فصائل منظمة التحرير الأخرى إلى وفد "المصري"؟ وهل تنضم إليه كطرف في الانقسام أم كوسيط؟ لقد حرصت هذه الفصائل منذ الانقسام الدموي بين "فتح" و"حماس" على إظهار أنها ليست طرفاً في الانقسام وحاولت أن تعزز رصيدها الشعبي بالدعوة إلى الوحدة الوطنية ثم عززت "استقلاليتها" بمبادرات للوساطة بين الحركتين، غير أن انحيازها إلى برنامج "فتح" التفاوضي قد أفشل هذه الوساطة، وشكك في استقلالية فصائلها التي انعكست على أفضل وجه في حرصها أثناء جولات الحوار الوطني في القاهرة وغير القاهرة على أن لا تضيع حصصها في "كعكة" منظمة التحرير وسلطة الحكم الذاتي ضحية لأي اتفاق "ثنائي" حرصت دائماً على إعلان معارضتها له بين الحركتين مما يلقي ظلالاً من الشك حول جدوى مساعيها للوساطة بينهما.

 

يوم الثلاثاء الماضي اقترحت مفوضة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون من أجل دعم " الاستعداد لتصعيد الجهود" الأوروبية لإنهاء حصار القطاع أنه ينبغي قيام عباس بزيارة غزة. لكن عباس أكد عدم وجود أي خطط لديه لزيارتها "في الوقت الحاضر" كما أشيع مؤخراً، كما أن "حركة فتح ترفض هذه الزيارة قبل أن تتحقق المصالحة" ، بينما يكرر عباس أن الشرط المسبق للمصالحة هو توقيع "حماس" على الورقة المصرية، وأن الشرط المسبق الثاني هو الرعاية المصرية للمصالحة، بالرغم من أن "الاستمرار مع اللعبة الإقليمية مضر لأن الرهان على أي دولة تريد تجيير القضية الفلسطينية لصالحها يعد قصوراً في نهج القيادة في فتح وحماس معاً"..

 

وعلى كل حال، ما زال على المنظمة وفتح معاً، وربما فصائل المنظمة الأخرى أيضاً، أن توضح كيف سيكون توقيع "حماس" على الورقة المصرية مختلفا في إحداث أي تغيير في مواقفهم جميعا يختلف عن مواقفهم بعد توقيع حماس على اتفاق القاهرة ووثيقة الأسرى واتفاق مكة والمبادرة اليمنية, وجميعها فشلت في دفعهم إلى منح الوحدة الوطنية الفلسطينية أولوية على التزامهم بشروط "الرباعية"؟ .

 

لقد كان السبب الأول للانقسام هو الشروط التي وضعتها "الرباعية" من أجل إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية عام 2006 لأنها أدخلت إلى معادلة التفاوض عاملاً من خارجها يربك "عملية السلام"، ومن هنا الانقسام فالاقتتال ثم الحصار الذي تمخض عن الانفصال الإقليمي الراهن بحكم الأمر الواقع. لكن الحكومة التي تمخضت عنها الانتخابات الأخيرة في دولة الاحتلال لم تدخل إلى معادلة التفاوض عاملاً يربك خطط التسوية السياسية فحسب, بل إنه يهدد بدفن "عملية السلام" وخططها كافة، ومع ذلك ما زالت المنظمة تتساوق عمليا مع الأجندة الأميركية التي تعتبر "حماس" لا حكومة الاحتلال الجديدة هي العقبة الرئيسية أمام استئناف هذه العملية، وما زالت تعطي لهذه العملية أولوية على الوحدة الوطنية الفلسطينية.

وربما تكون استجابة عباس لاقتراح أشتون بزيارة غزة محكاً لجدية أي تحرك جاد للمنظمة و"فتح" باتجاه المصالحة، إذ يمكنه اصطحاب دويك أولاً إلى مقر المجلس التشريعي حيث مكانه دون أي ذرائع، كون ذريعة "انتهاء الولاية الدستورية" سيفاً ذا حدين يمكن شحذه ضد الرجلين، واصطحابه ثانياً للإفراج عمن تعتقلهم السلطة من إخوانه كإجراء من إجراءات بناء ثقة تمهد للمصالحة و"تحرج" حماس لكي ترد بالمثل، ثم إصدارهما بياناً مشتركاً يعلن إنجاز المصالحة الوطنية ورفع الحصار عن غزة شرطين مسبقين لأي استئناف للمفاوضات، ثم ترؤس الوفد المشترك للمنظمة و"فتح" المتجه إلى غزة وضم دويك إليه، وربما يكون من الأفضل أن لا يعبر هذا الوفد إلى القطاع من معبر رفح، بل أن يبدأ صفحة جديدة من وحدة النضال الوطني باستئجار سفينة لكسر الحصار تقود أسطولاً يفك حصار غزة.