خبر فوز مضاعف لتركيا..معاريف

الساعة 11:40 ص|04 يونيو 2010

بقلم: بن كاسبيت

في مساء يوم من أيام الجمعة جلس رئيس الحكومة ايهود اولمرت في عشاء في برجي اكيروف. لا، ليس في شقة وزير الدفاع باراك. بل تحته ببضعة طوابق. في ساعة متأخرة اتصل به سكرتيره العسكري اللواء مئير خليفة. "يريد وزير الدفاع الحديث اليك على عجل"، قال خليفة لاولمرت. حزر رئيس الحكومة ما الذي يتحدث عنه. من المحقق انه يريد مرة أخرى أن  يفجر سفينة، قال لنفسه. وطلب الى خليفة أن يصرف باراك عن المكاملة. "لست الى جانب هاتف أحمر، أنا في تل أبيب، لم آخذ معي "ورد الجبال" (صيغة متنقلة من الهاتف الأحمر) قل له سنتحدث غدا".

        لكن باراك، كما يقول خليفة، استمر على الالحاح. "حسن، صلني به"، قال اولمرت. "يجب ان أتحدث اليك الان"، قال باراك لاولمرت، "أيحتمل هذا التأخير؟"، حاول اولمرت، "لست في البيت وليس الى جانبي هاتف أحمر"، قال، لكن باراك تابع الالحاح. كسر اولمرت قائلا: أتعلم ماذا، أنا في أكيروف تحتك ببضعة طوابق". ابتهج باراك وقال "حسن، اصعد للحظة اذن". صححه اولمرت. "لن أصعد، انزل أنت". نزل باراك. دخل الشقة الفخمة التي تعشى فيها مدعوون كثير وفيهم اولمرت، وقد دست في أذنه السماعة الأبدية لـ "البلو توث" وتصرف على نحو طبيعي مطلق كأنه رب البيت. أخذ أولمرت الى ركن وحاول ان يلح عليه ان يجيز عملية كوماندو جريئة على سفينة استعدت للخروج في رحلة مغطاة اعلاميا الى غزة. قال له اولمرت "ايهود، اذهب فنم، لن يكون هذا".

        ألح باراك. كان يفترض أن تخرج العملية في أثناء الليل او من الغد، لكن اولمرت لم يشأ الانصات. "انسى هذا"، قال لوزير الدفاع، الذي اضطر آخر الأمر الى جمع نفسه وسماعته والخروج من الشقة، ودخول المصعد ليرتقي ثلاثة طوابق على أعلى ويمضي لينام.

        في النهاية اولمرت هو الذي مضى لينام. فقد طرد كما تذكرون عن منصب رئيس الحكومة. نجح باراك في المناورة وفي أن يظل وزير الدفاع. واستمرت السفن ايضا على الابحار. في ولاية اولمرت كان عدد من الاساطيل الصغيرة البحرية. كتلك التي نظمت وتلاشت، وكتلك التي ساعدناها على الخفوت قبل خروجها، وكتلك التي خرجت في طريقها ووصلت، وكتلك التي خرجت ولم تصل. صحيح لم تكن تلك أساطيل كهذا الذي أتى هذا الاسبوع، لكن المبدأ كان مشابها. في كل هذه المرات كان باراك هو الذي هيج اولمرت والجهاز من أجل عمليات كوماندو جريئة. فقد سحره أمر محاربين ينزلون على الحبال في منتصف الليل من مروحيات فوق ظهر سفن. وصف شخص ما توجه وزير الدفاع الى عمليات من هذا النوع بأنه "مطرقة خاصة. انه يحدث عنده لذة. بل مجرد الحديث في ذلك".

        كان باراك في هذه الامور نشيطا وجريئا جدا. وعندما بلغ الأمر عمليات أخطر واكثر تعقيدا، كتلك التي تستطيع ان تؤثر تأثيرا استراتيجيا (او تحدث كارثة)، كان هادئا. بل ربما محجما. لكن عمليات ضوء – صوت غير معقدة كوقف سفينة كانت هوسا عنده. كانت المشكلة ان باراك لم يدرك كما يبدو كم يمكن ان تكون عملية كهذه من التعقيد وقابلية الانفجار، عندما يكون الحديث عن سفينة من طراز مرمرة. أصبح الجميع يدركون هذا الان.

        في فترة اولمرت أحبطت أكثر مبادرات باراك هذه. سمحت اسرائيل للسفينة الاولى التي كان عليها ايضا صحفيان (عميرة هاس وشلومي الدار)، بالدخول ولم يحدث شيء. "بلغوا الشاطىء في غزة وبعد بضعة ايام توسلوا ان نسمح لهم بالخروج"، يقول شخص ما كان في فريق اولمرت، "لم يكد ذلك يغطى اعلاميا". بعد ذلك نظم اسطول أكبر مكون من عدة سفن. سكتت اسرائيل. لم تكن هناك تصريحات عالية، ولا عناوين رئيسة على شاكلة "الكوماندو مستعد" او "الوحدة البحرية تحدق بالاسطول"، ولا تهديدات ولا توجيهات. وقف سلاح الجو السفن وجرت الى اسدود وكان التغطية الاعلامية في الحد الادنى ولم يحدث اي شيء.

        كانت عند باراك ايضا بحسب الشهادات فكر أخرى. كالمس مثلا بهذه السفن في موانىء أجنبية كالعملية التي عطلت سفينة "عودة عرفات". لم يستوعب، يقول أحد المسؤولين الكبار من فترة اولمرت، ان الزمن تغير. إن دولا تقيم معنا علاقات دبلوماسية مركبة لن تقبل فعلا كهذا. لا يشبه هذا قصف قافلة سلاح او مفاعل ذري. وليس مسألة وجودية. وأصبح الجميع يعلمون أننا نحن من فعلنا ذلك. لانه من يستطيع ان يفعل شيئا كهذا، الايرلنديون؟ أم السويسريون؟ ام البريطانيون؟ إن نيوزيلندا قطعت علاقتها بنا تقريبا بسبب جوازي سفر. توجه اصبع الاتهام الى اسرائيل فقط التي ستصنف على أنها دولة ارهاب.

        ماذا نفعل اذن؟ نفكر، يقول أحد كبار مسؤولي الولاية السابقة. اذا كان على السفينة سلاح او وسائل قتال نقفها والا سمحنا لها بالدخول. نحصر العناية في المعلومات الاستخبارية. عندما توجد وسائل قتال تصبح السفينة على نحو آلي سفينة ارهاب آنئذ توجد شرعية لوقفها بجميع الوسائل. وعندما يكون الحديث عن مدنيين، يفضل ضبط النفس أحيانا. وعلى العموم، جميع هذه الثرثرة حول الاسطول هي التي بنت وأنشأت القصة. لا تستطيع مرمرة الرسو في غزة فعمق المرسى الصخري هناك 6 أمتار، كانوا سيأتون الشاطىء بقوارب صغيرة، ويحضنون هنية، ويعلنون بأنهم انتصروا ويتوسلون بعد بضعة أيام للخروج. لا يعوزهم في غزة مال وهناك ما يكفي من نشطاء الارهاب ايضا. كان العالم يشمئز من القضية بعد ربع ساعة ويأتي الخلاص صهيون.

        جاء عن من قبل ايهود باراك الرد الآتي: "عبرت توصيات وزير الدفاع بالعملية دائما عن أفضل تقديره ووزنه للأمور وكان معتمدا على موقف جميع أجهزة الأمن وفي مركزها موقف الجيش الاسرائيلي".

        يدا بيد

        أخذ باراك يتحدث الان لمحاضر جلسات لجنة التحقيق في المستقبل. فهو الذي أتى راجعا بعد حرب لبنان الثانية، من اتخاذ اولمرت للقرار المتسرع، جال أشهرا وقال "نهاية التفكير بدء الفعل" وما كان يجب دخول مغامرة عسكرية (لاختطاف جنديين وقتل آخرين وقصف الشمال ساعات طويلة) يجد نفسه اليوم ممسوحا بالقار والريش، ويجر في شوارع المدينة يتلقى الضربة من كل صوب. وقد أعلن صبيحة العملية بأن "المجلس الوزاري المصغر ورئيس الحكومة وأنا أمرنا..."، من أجل أن يخفف عبء المسؤولية عن كاهله، وبعد يومين قال لقادة الوحدة البحرية "أنا على ثقة من أنكم ستعلمون استخلاص الدروس" (وكأنهم مذنبون بشيء ما)، ونشر أمس (وأنكر) انه هاجم الدعاية.

        فقد سيد الأمن درعه الرئيسة التي أبقته في الحياة السياسية الى الان. وهالة من يعلم ويفهم على النحو الافضل في الموضوع. أصبح الان يطلبون رأسه. جال افيشاي بريفرمان وهو وزير من العمل هذا الاسبوع في مطعم الكنيست وقال لكل من وافق على الانصات تقريبا انه حان الوقت للاستبدال بباراك (بريفرمان ينكر ذلك) وقال دانييل بن سيمون ذلك في المذياع (وتندم من الغد). أخذ عدد يزداد من الناس يقولون ذلك ويفكرون فيه. النار تلسع الأقدام والبيروتقنية التي يحبها باراك جدا تغشي على العيون. تسمع أصوات انفجار من كل صوب.

        في صبيحة العملية، في حوالي الـ 11 عشرة،  اتصلت تسيبي لفني بباراك. عرضت عليه أن تأخذ بمبادرة من الفور، وأن تتوجه الى البروفسور أهرون باراك (أو شخص مشابه) وأن تلقي عليه اجراء تحقيق سريع للعملية واتخاذ قرار في غضون اسبوع. تعلمت لفني شيئا ما من أحداث حرب لبنان وتقرير غولدستون وآمنت بأن اجراء كهذا سيسكن سلفا الدعوات الى لجنة تحقيق دولية. أصغى اليها باراك ولم يفعل شيئا. أصبح اليوم ممزقا بين لجنة تحقيق دولية وبين لجنة اسرائيلية مع مراقب أمريكي، وبين لجنة فحص حكومية، ويحاول ان يحسب أي منها سيكون ضررها به الأقل. الوحيد الذي يؤيده الى الان هو رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. ليس الحديث هذه المرة عن حب حقيقي بل عن طلب للبقاء. فهذان الاثنان متعلقان الان بعضهما ببعض والحلف بينما يفترض ان يقوى أكثر كي لا يطرد أحدهما بعد الاخر.

        سيء التدبير وسيء الحظ

        رئيس هيئة الاركان، الفريق غابي اشكنازي، في موقف دفاع. ففي النهاية تقع عليه المسؤولية عن العملية نفسها. يتندم أحيانا لانه لم يستسلم لحملة سلب الشرعية التي يقوم بها عليه منذ أشهر وزير الدفاع باراك ورئيس مقر قيادته يوني كورن. انهما يشتهيان أن يجعلا في المنصب مقربهما قائد منطقة الجنوب يوآف جلنت (وهذه المشكلة تحتاج الى نقاش مستقل)، ويتمنيان جدا اذلال اشكنازي وجعله ينصرف قبل الأجل. يقول لنفسه أحيانا إن من المؤسف أنه لم يعد المفاتيح عندما بدآ يلمحان لذلك. ليس اشكنازي طرازا يتعلق بقرون المذبح، لكن ليس عنده الان وقت لكل هذا. انه مؤمن أشد الايمان بأنه فعل ما كان يجب ان يفعل. يقول اشكنازي إن الحديث عن حملة لسلب اسرائيل شرعيتها لم تبدأ اليوم. في معرض نفاق عالمي. كانت كل دولة في العالم تفعل ذلك. لنر اردوغان ماذا يفعل اذا اقتربت سفينة من الجالين الاتراك منه.

        كانت العملية نفسها كما يرى اشكنازي يقتضيها الواقع. سبقتها عملية سياسية واسعة لم تف بالأمر. وكثير من التحذيرات. يقول رئيس الاركان لا سبيل أخرى لوقف سفينة بهذا الحجم، تمخر في البحر. لا يوجد شيء كهذا. زار الجرحى. قال له بعضهم "رأيت أنهم ضيقوا على قائدي، وانهم طعنوا بسكين ضابطا آخر ويوجهون اليه مسبة"، ماذا فعلت، سأل رئيس الاركان، "اطلقت  النار على رأسه"، قال المحارب. أطلقوا النار على من كان يجب ان تطلق عليه ولم يطلقوها على من لم يكن يجب اطلاقها عليه، يقول رئيس الاركان، أنا أحييهم اجلالا. كانوا على ما يرام، أبدوا عملهم كالرجال. كالاسود. لا شيء نخافه ونخفيه. ولا لجان التحقيق ايضا. ايريدون التحقيق؟ فليحققوا. ها نحن هؤلاء نجحنا في يومين في محو رواية المذبحة. كانت هنا جماعة من المرتزقة العنفاء، هاجموا من أجل القتل وعوقناهم. أفضل في مثل هذه الحالات ان يكون القتلى من الجانب الثاني لا من بين محاربينا. وهذا ما حدث.

        في جلسة المجلس الوزاري المصغر من غد العملية بدا مهتاجا. خرج في لحظة الى الخارج وقال لشخص ما، "ماذا يريدون، ان يكون القتلى منا؟"، لكنه سكن قليلا منذ ذلك الحين. والحقيقة انه لا علة تدعو اشكنازي الى طلب تسويغ الامر. فليس الجيش الاسرائيلي هو المذنب بما حدث هذا الاسبوع. الوحدة البحرية تستحق وسام شرف حق. فقد قام المحاربون بما كان يجب فعله. لم تكن العملية كاملة، وربما كان يمكن القيام بها على نحو مختلف في المستوى التقني. كل هذا غير مهم. المستوى السياسي هو الذي كان يجب عليه ان يقف العملية. وهو الناضج المسؤول الذي يفترض ان يدرك انه يوجد ها هنا شرك منصوب. كل اولئك الذين يوجهون الدعاوى على الاستخبارات لا يدركون انه لم توجد معلومات استخبارية لان مرمرة لم تدخل في قائمة أهداف الاستخبارات. كان الصلف كبيرا الى درجة أن أحدا لم يفكر في أن عددا من الفوضويين يمكنهم أن يشوشوا في الحقيقة. مهمة الجيش أن يأتي طول الوقت بخيارات عمل يعرضها على متخذي القرارات. ومهمة متخذي القرارات أن يجروا حساب الاحتمالات والاخطار وان يكونوا مسؤولين. رفضت على طول التاريخ آلاف العمليات التي اقترحها الجيش. يجاز شيء قليل ومنه شيء أقل ينفذ في الميدان. لكن في حالة مرمرة تضاءل المستوى السياسي في اثنين: بنيامين نتنياهو وايهود باراك. كان نتنياهو غير قلق على نحو كبير الى درجة أنه سافر الى كندا مساء العملية. لم توجد مباحثات منظمة، ولم تعرض خيارات مناسبة، وكان مجلس الامن القومي عاطل، وكانت جميع توصيات لجنة فينوغراد كأن لم تكن. بيبي وباراك، باراك وبيبي، سيء التدبير، وسيء الحظ اجتمعا معا لصنع هذه السلطة. ونحن جميعا نأكلها الان بشهوة.

        اشكنازي غاضب

        أكثر الاشياء اثارة للغضب أننا على حق. على حق تماما لكننا لسنا حكماء حقا. كانت مرمرة شركا نصبته حكومة  تركيا برئاسة أكبر أصحاب الدسائس في الشرق الاوسط، طيب اردوغان. يفحصون الان عن مبلغ عمق مشاركته.

        كان في الاسطول ايضا خمسون بيتا متنقلا من انتاج تركيا، وأطنان من الفولاذ والاسمنت ومعدات لا تستطيع سوى دولة رفعها. وحصروا فوق السفينة مئات من نشطاء السلام، مع أعضاء برلمان من دول كثيرة، وشيوخ ونساء وأطفال. زادوا على كل اولئك مجموعة من المرتزقة العنفاء، كل واحد معه غلاف فيه عشرة آلاف دولار نقدا على جسمه، بغير وسيلة تعريف او جوازات سفر او هويات. كان واضحا للمنظمين أنه يوجد ها هنا احتمال لاحتفال يدفن نهائيا بقايا شرعية اسرائيل الدولية ويزيل، مع شيء من الحظ الحصار عن غزة. كان كل ذلك مخططا له. علموا انه سيكون قتلى واحتسبوا الضجة التي ستنشأ، وكانوا على حق. خطونا برؤوس مرفوعة نحو هذا الشرف، ووقعنا فيه من المروحيات ونحن ناشبون فيه الان. وهم، المتوحشين، يخرجون من القصة فرسان حقوق الانسان الذين يحاربون قوى الظلام. هذا يثير الغضب لكن هذا هو الوضع. اذا أردنا أن نشبه ما حدث هذا الاسبوع بلعبة طاولة الزهر نحصل على فوز تركي مضاعف.

        يقول رئيس الاركان غاضبا: نحن دولة لا حثالة موطوءة وأنا على ثقة من أن العالم متأثر من وراء ستار بتصميمنا، والمشكلة هي ان الجميع خارج الغرفة يهاجموننا. لا أعرف كيف أقف سفينة كهذه بأية وسيلة أخرى، من حقي أن افحص عما يدخل غزة التي ما زالت تنتج الصواريخ وتحاول المس بنا طول الوقت. عندي جندييان مطعونان، وواحد واطلقت عليه النار وآخر شجوا رأسه بقضيب. حاولوا اختطاف جندي، أكثر الاحتمالات انهم ارادوا المساومة، ان يخفوه في مخزن ما وان يجروا معنا مفاوضة بحيث يبلغون غزة منتصرين. ما كان يحل لنا أن ندع هذا يحدث، ولم ندعه. هذه مسؤوليتي. هل الحصار على غزة عادل؟ هذا قرار المستوى السياسي. من الشرعي اجراء تباحث في هذا. اما التحقيق؟ فليأتوا وليحققوا. سيرى كل منتدى فني نزيه من الفور ها هنا من هو العادل ومن ليس كذلك. لست أخاف التحقيق.

        جماعة من الفشلة

        كل هذا حسن جميل، رئيس الاركان على حق، لكن العالم لا يريد الانصات. تشبه اسرائيل سجينا خطرا يسرح بكفالة، مقرونا به ضابط اختبار. فهي المتهمة من الفور، وتقاس بعيار لا يقاس به أحد، وكل ضئيل الشأن تافه الموضع يضربها وينكل بها. في هذا الوضع لا يكاد يوجد عمل تم لا ينشأ عنه لجنة تحقيق دولية من الفور. هذا وضع مؤيس لكن يجب ان نعلم كيف نواجهه. يحتاج الى العقل ها هنا ويحتاج الى التجربة. ويحتاج الى الصبر والاعصاب الفولاذية. وهي بالضبط جميع الاشياء التي لا يملكها بنيامين نتنياهو.

        أول من أمس مساء تحدث الى الامة. اقنع المقتنعين. أجل يا بيبي نحن على حق تماما. تستطيع ان تكون وزير اعلام ممتازا. لكننا نتوقع منك، لكونك زعيما حلولا لا تسويغات. وخطة عمل تخرجنا من هذا الوضع. السبيل الوحيدة لتخليص اسرائيل من مقام البرصاء هي  الأخذ بمبادرة سياسية. هذا ما فعله رابين. وها ما فعله باراك (في ولايته الاولى). وهذا ما فعله شارون وهذا ما فعله اولمرت (الذي نجح في اخراب نصف الشرق الاوسط وأن يظل مقبولا في العالم). يستطيع حتى وهم مسيرة سياسية مساعدتنا. لكنك غير قادر حتى على انشاء وهم. عندما نافست في رئاسة الحكومة وعدونا بثلاثة أمور رئيسة: أن  تنقذنا من الذرة الايرانية وتمنع القنبلة؛ وأنه لا يوجد أحد يعرف أمريكا أفضل منك؛ وأنك سيد الاعلام العالمي. وهكذا مرت سنة وتبين أن الجبل تمخض فولد فأرا. فأمريكا تضربنا بلا انقطاع، والقنبلة الايرانية تنطلق مسرعة أكثر من أي وقت مضى، وقد تحدثنا عن الاعلام. لا تنجح في اتخاذ قرار واحد من غير ان تتندم خمس مرات في الطريق اليه. ولا تنجح في مس أي شيء من غير احداث ورطة. من أسعار ضريبة القيمة المضافة على الخضروات والفواكه، الى الاصلاحات، ثم الى المبحوح في دبي، والشيخ رائد صلاح على مرمرة. نجحت في أن تجمع حولك فريقا من الفشلة. لم تتعلم أن كفاية الزعيم تقاس بأناسه وفريقه القريب. إن من يأتي بنتان ايشل سيبدو مثل نتان ايشل. يخيل الي ان ايشل يبدو هذا الاسبوع افضل منك.   تقاس الزعامة بخطب فصيحة أمام مؤتمر صهيوني في كندا، او حديث مقنع الى الأمة في الثامنة مساء في التلفاز. فالزعامة هي شجاعة اتخاذ القرارات، وتغيير وجه الواقع، والقيادة في طرق صعبة ايضا. وأنت غير مستعد للمس بشعرة من شعر رأس ايلي يشاي، وتخاف من افيغدور ليبرمان خوفك من الموت ولا تجرؤ على فعل حقيقي يمكن من اقامة حكومة واسعة سليمة. كل ما تريده هو ألا تفعل شيئا وأن تبقى في عملك. كنت على ثقة حتى هذا الاسبوع من انك ستنجح في ذلك.

        يخيل الي ان هذه الثقة صدعت شيئا ما. فقد بدأ دوارك، يا سيدي رئيس الحكومة، وما تزال تستطيع ان تقفه، وما تزال تستطيع تحويل الاتجاه، لكنك ستضطر من أجل فعل ذلك ان تكون اصيلا وشجاعا وأنى لك الشجاعة؟