خبر أثرنا أعصاب العالم..هآرتس

الساعة 11:39 ص|04 يونيو 2010

بقلم: يوئيل ماركوس

قوة ردود الفعل الدولية على قرار اسرائيل وقف الاسطول البحري تثبت باننا أثرنا أعصاب الاصدقاء والاعداء على حد سواء. وبعد أن سمعنا التحليلات الى حد التعب ورأينا المشاهد المحرجة، فان ما ينبغي أن يقلقنا هو حملة نزع الشرعية عن اسرائيل التي حقق هذا الحدث الفاشل لها خدمة. يوجد ثمن للغرور – مثلا حين اجلسنا السفير التركي على كرسي منخفض وظننا أننا أبطال.

        هذا الاسطول لم يكن حملة انسانية، بل حملة علاقات عامة خسرت اسرائيل فيها. إذ انها عملت بالضبط مثلما توقعوا بان تعمل: كالفيل في حانوت من الفخار. الرد العالمي من الاصدقاء، فما بالك من غير الاصدقاء، خطير، إذ انه مؤشر على وضعنا العام في العالم.

        المواقف والمعاذير عندنا تبدأ في اثارة الملل. عندما يكون العالم مليئا بالمشاكل الاقتصادية والسياسية، التي تحتاج الى حلول، فان اسرائيل تحتل مركز الساحة مع مشاكل سلبية. نعطي الانطباع بان زعماءنا غير واعين الى أنه مطلوب توازن في اقلاق العالم بمشاكلنا. اسرائيل تحتاج على عجل الى تغيير الاتجاه. كيف؟ ان تكف عن ان تكون محتلة.

        انا لا احب هذه الكلمة، ولكن صورتنا كمحتلين ادخلت الفلسطينيين بنجاح الى الوعي العالمي. واسرائيل، بخطوات من نوع الحصار الذي فرضناه على غزة، تعزز فقط صورتنا السلبية. عندما تعمل امريكا اوباما على تغيير وتقليص بؤر التوتر في العالم من خلال التسويات – اسرائيل لا يمكنها ان تتصرف كالازعر في الحارة.

        حتى لو كانت كل عملية بحد ذاتها مبررة، فان سياستنا في أنه ما لا يمكن حله بالقوة ينبغي حله بمزيد من القوة، غير مقبولة على امريكا وعلى الاتحاد الاوروبي. وهذه في الفترة التي يقول فيها اوباما ان استخدام القوة يجب أن يكون الوسيلة الاخيرة، والا يكون بأي حال الوسيلة الاولى. وهذا هو السبب الذي يجعله يعمل بحذر وعلى اطراف الاصابع في الموضوع الايراني، وهذا هو السبب الذي يجعل العالم سوي العقل قلقا من التهديدات العلنية والخفية في أن تعمل اسرائيل وحدها ضد ايران.

        قبل نحو اسبوع نشر في صحيفة بريطانية نبأ نقل ايضا الى صحافتنا ويقضي بان اسرائيل نقلت غواصة نووية الى الخليج الفارسي. ليس واضحا اذا كان هذا النبأ حقيقيا أم لا – ولكن مجرد نشره كان زق اصبع في عين احمدي نجاد والحاق حرج بالادارة الامريكية. الان، عندما رأى الجميع باي غباء عملنا ضد السفينة التركية "مرمرة"، فان العالم بأسره، ولكننا نحن على نحو خاص ينبغي أن نصلي لان تبقي اسرائيل مشكلة ايران في يد القوى العظمى وتركز على جلب السلام الى ساحتها الخلفية.

        ارادة المصير أم الصدفة الغبية ان تتم السيطرة على "مرمرة" عندما كان بيبي في كندا. وعلى مدى نحو ساعة وصلت من هناك انباء متضاربة في مسألة هل يواصل بيبي الى واشنطن ام يعود الى الديار فورا. وقد سبق أن رفعوا له التقارير عما يجري في السفينة وعن الكمين الذي اعده اصدقاء حماس. وجه سارة لم يعبر عن تردداته. إذ في كل حالة تصوير تلتقط وهي بابتسامة كبيرة. ولكن في نهاية المطاف البيت الابيض قرر تأجيل اللقاء الى مرة اخرى.

        وحسنا فعل. الناطق بلسان اوباما شجب العملية، على نحو يشبه الناطقين، الوزراء ورؤساء الوزراء في العالم بأسره. كانت هذه اللعبة التلفزيونية "واحد ضد مائة" بالعكس. يتبين أنه يمكن الاستخفاف ببعض العالم لبعض من الوقت، ولكن ليس بكل العالم كل الوقت. "شيء ما هزل في العقل اليهودي"، يقول النائب نحمان شاي، "في كل فشلة لنا توجد بداية الفشلة التالية".

        المسألة الفورية هي هل ينبغي تشكيل لجنة تحقيق؟ الجواب هو نعم. إذ توجد الكثير من الاسئلة دون أجوبة. من قرر وكيف؟ من صادق على معايير العملية؟ كيف حصل ان مئير دغان الذي ورطنا مع نصف العالم بسرقة جوازات السفر كي يصفي المبحوح في دبي، لم ينجح في أن يسرب الى "مرمرة" عملاء يبلغوا عن القوى واسلحتها ومنع مفاجأة المقاتلين الذين نزلوا مباشرة الى وحدات الفتك. اين كان العقل اليهودي الذي يحقق لنا الاختراعات؟ جهاز الامن يعرف بالضبط أي كانت الفشلات، ولكن من المهم تشكيل لجنة تحقيق، مع مراقب امريكي، قبل أن تشكل الامم المتحدة لجنة خاصة بها مع رئيس معادٍ. نحن أقوياء في الحرب ضد الضعفاء، ولكن الضعفاء يجعلون من ضعفهم قوة. هذه العملية تطرح علامات استفهام: "كيف اتخذ القرار – ليس في الحكومة، ليس في المجلس الوزاري بل في دائرة مقلصة"، وهل باراك – مثلما في القول الشهير "ذهب العجب وبقي الولد"، سمينا وبهيجا – لا يزال مؤهلا ليكون وزيرا للدفاع. وفوق كل شيء، ألم يحن الوقت لصرف ايلي يشاي وافيغدور ليبرمان وحزبيهما من الحكومة وضم كديما. العالم كله ضدنا – هذه لم تعد انشودة، بل تهديد على وجودنا.