خبر تركيا ليست عدوا..هآرتس

الساعة 11:38 ص|04 يونيو 2010

بقلم: أسرة التحرير

من جملة منظومة العلاقات التي لاسرائيل مع الدول الاسلامية فان منظومة العلاقات مع تركيا هي الاقدم، وحتى وقت اخير مضى اعتبرت من ناحية استراتيجية هامة بقدر لا يقل عن العلاقات مع مصر. قضية الاسطول والتصريحات الحادة والاستثنائية لرئيس الوزراء التركي ضد اسرائيل ضعضعت بشكل دراماتيكي استقرار منظومة العلاقات هذه. تركيا تعتبر الان في نظر الجمهور الاسرائيلي عدوا يجب نبذه، وعلى الاقل فرض المقاطعة الجماهيرية عليه.

        ولكن تجدر الاشارة الى انه بالقياس الى مصر، اقامت تركيا على مدى السنين علاقة وثيقة وودية مع اسرائيل، على كل المستويات. الاسرائيليون شعروا فيها كما يشعر المرء في دولة شقيقة. التجارة اخذت في الاتساع، التعاون العسكري يعتبر امرا مسلما به. الزيارات المتبادلة للزعماء كانت جزءا لا يتجزأ من جدول الاعمال السياسي. دور تركيا في المفاوضات غير المباشرة بين سوريا واسرائيل ساعدت على اجمال تفاهمات اضافية بين دمشق والقدس، وبالاساس – مسألة التطبيع لم تكن مسألة موضع خلاف بين تركيا واسرائيل. التطبيع دفع الى الامام العلاقات الرسمية بينهما.

        الانعطافة لم تطرأ بسبب فوز حزب العدالة والتنمية وانتخاب رجب طيب اردوغان لمنصب رئيس الوزراء. هذا الحزب يحتل السلطة منذ 2002، رغم النبوءات السوداء التي رافقت صعوده الى الحكم تواصلت العلاقات بين الدولتين كالمعتاد. غضب تركيا انفجر عندما شعر رئيس الوزراء بخيانة رئيس وزراء اسرائيل السابق ايهود اولمرت، الذي لم يسمح لتركيا بمحاولة التوسط بين اسرائيل وحماس عشية حملة "رصاص مصبوب". تركيا فهمت في حينه بان اسرائيل ترى فيها دولة مسلما بها، ملزمة بان توافق على كل اخطاء اسرائيل.

        انتقاد اردوغان لاسرائيل لا يختلف من حيث الجوهر عن انتقاد اصدقاء آخرين لاسرائيل في اوروبا وفي الولايات المتحدة، وان كان اسلوبه اكثر فظاظة ومباشرة. اردوغان لا يتفق مع اسرائيل في استمرار الحصار على غزة، وهو يجد صعوبة في أن يفهم، مثل العديد من الاسرائيليين، المنطق الذي يقف خلف الحصار بعد أربع سنوات لم تحقق فيها اسرائيل من خلال ذلك اهدافها. الرعاية التي يعطيها اردوغان للاسطول الى غزة كانت مجرد استمرار للفهم الذي يعتقد بان الحصار لا يمكن له أن يستمر.

        اسرائيل يمكنها ان تتجاهل المبررات الموضوعية التي تعرضها تركيا، فتشهر برئيس وزراء تركيا وتصف نشطاء الاسطول بالارهابيين. لن يكون في ذلك ما يمحو عنها عار العملية، التي هي، وليست تركيا – التي قتل ثمانية من مواطنيها – هي التي دهورت مكانة اسرائيل في العالم.

        اسرائيل، التي تعيش الان صراعا من أجل انقاذ اسمها، ترى في الاعلام الوسيلة الوحيدة لتحقيق اهدافها. ولكن بدون سياسة فهيمة، سيظهر الاعلام كأداة فارغة. الخطوة الالزامية الاولى هي ترميم العلاقات مع تركيا بشكل عام ومع رئيس وزرائها بشكل خاص. وهذا يحتاج الى جرأة سياسية، تؤدي الى رفع الحصار عن غزة وتقريب تركيا من الخطوات السياسية في المنطقة. بدون ذلك ستواصل اسرائيل الرضى عن نفسها في الحصار السياسي الذي تنحشر فيه.