خبر نتنياهو صادق -هآرتس

الساعة 08:40 ص|03 يونيو 2010

نتنياهو صادق -هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

 (المضمون: كلام على حماقة القيادة الاسرائيلية ودفعها اسرائيل الى عداوة العالم كله - المصدر).

        هذا حين اجلال رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو. كانت نبوءاته نبوءات حق، واخذت جميع نبوءاته تتحقق ازاء نواظرنا. نستطيع ان نقول الان بفخر: إنه يرأس حكومتنا رجل رؤيا، وسائس رأى ما يولد. لن يستطيع حتى كبار منتقديه نقض ذلك، فالحقائق تتكلم من تلقاء نفسها.

        قال نتنياهو ان العالم كله ضد لنا. ألم يصدق؟ وقال أيضا: نحن نعيش في خطر وجودي. ألا يبدأ الأمر يبدو كذلك؟ فبعد لحظة تحاربنا تركيا أيضا. وقال نتنياهو إنه لا يوجد أي احتمال للتوصل الى تسوية مع العرب. ألم ير الأمر رؤية صائبة؟ إن رئيس الحكومة، الذي رأى الخطر في كل زقاق، والعدو في كل ركن، والذي قال دائما إنه لا أمل، والذي كرر على مسامعنا أننا سنعيش على السيف أبدا، كما علمه أبوه المؤرخ، عرف ما الذي يتحدث عنه.

        لم يكن عندنا منذ دافيد بن غوريون مثل هذا الشخص، نبي حق، تتحقق نبوءاته كلها، واحدة بعد الاخرى، فعل يديه الذي يفخر به. حسبنا سخرية وحسبنا استخفافا: إن نتنياهو لم يتنبأ فقط بل جرف بزعامته الدولة كلها على أعقاب نبوءاته. لن يردعه أحد عن تحقيق رؤياه، وبعد قليل سيكتب محللو البلاط – "صدق نتنياهو".

        يقود الدولة الان طيار آلي، وربان أعمى، يقود طائفة من العميان بتصميم ودقة تقتدى نحو أماكن نبوءاته. اذا كان قد بقي شيء من التخويف لم يتحقق، فقد أتى اختطاف السفن الفاضح وحققه ايضا. إن العالم كله الان ضد لنا حقا.

        واذا كان قد بقي شيء من احتمال ألا يكون طيارنا أعمى تماما، فربما يوجد عنده أجهزة للرؤية الليلية، فقد أتى اعلانه بأن الحصار على غزة سيستمر – وليمضي العالم والفهم وغزة واسرائيل ايضا الى الجحيم – ودحض ذلك. بعد عرض القضب الحديدية والسكاكين التي ضبطت في "مرمرة" نستطيع ان نقنع أنفسنا نهائيا، بأن الخطر يترصدنا في كل زقاق، وبأن القاعدة في كل سفينة، وبأن الوسائل القتالية فوق كل ظهر سفينة، وأنه حتى "مرمرة" كانت تهديدا وجوديا لا أقل، كما تنبأ زعيمنا.

        لن يطلب أحد بطبيعة الأمر ان يرى البنادق التي شحنت وأطلق النشطاء بها النار، ولا مقاطع الفيديو التي ظهر فيها جنود الجيش الاسرائيلي يطلقون النار، ولا المادة التي صورها الصحفيون على السفينة، وصودرت. حسبنا صورة الضربات الشديدة التي أنتجها متحدث الجيش الاسرائيلي.

        يخطىء نحو من سبعة مليارات انسان (مع حذف 5 ملايين اسرائيلي يهودي) فليس عندهم زعيم كنتنياهو ولهذا ما زالوا يعتقدون أن اختطاف سفن ركاب في مياه اقليمية عمل قرصنة لا يختلف عن عمل القراصنة الصوماليين. وهم يعتقدون (ويخطئون) أنه لا حق لاسرائيل في وقف رحلة بحرية، وهم يعتقدون (ويخطئون) ان الضحية سكان غزة والركاب النازحون لا جنود الوحدة البحرية الذين دهمو بالقوة وضربوا. ويعتقدون (ويخطئون) ان المهاجم هو الذي حط على سفن ليست له، وقتل بالنار الحية تسعة مدنيين وجرح عشرات.

        العالم يخطىء، ونتنياهو وحده، وكلنا على أثره، صادقون. لن نزيل الحصار. لم يأت في أربع سنين بشيء من الفائدة، بل بالضرر فقط، لكن ما يهم ذلك. مرحى لتحقيق رؤيا نتنياهو. سنصبح دولة يندد بها أكثر، ولن نبقي صديقا في أنحاء العالم وفي ذلك الولايات المتحدة. صحيح أن ايهود اولمرت هو الذي وضع حجر الاساس للتدهور الفظيع في عملية "الرصاص المصبوب"، التي اصبح العالم بعدها أقل صبرا على كل سلوك عنيف لاسرائيل، لكن نتنياهو يتابعه على نهجه.

        مع ذلك كله، لم تتحقق رؤياه كلها: لقد بث أملا واحدا، "السلام الاقتصادي"، الذي سيأتي الفلسطينيين واسرائيل بالنماء والثروة – ولم يوجد الى الان أكبر تخريبا منه للتصدير الاسرائيلي الذي سيضطر بعد قليل الى بيع منتوجاته في بيتح تكفا، وفيها فقط. يحل لنبي أيضا أن يخطىء أحيانا، ويغلب عليه ألا يبث أملا آخر بعد.

        يريد نحو من نصف الاسرائيليين الان لجنة تحقيق على حسب استطلاعات نشر أمس. يجوز ان نقدر ان هذا فقط لان جنودنا ضربوا وأهينوا. لانه ما الذي ينبغي تحقيقه سوى ذلك؟ فعندنا سائس نبي تتحقق نبوءاته واحدة بعد أخرى، وصهيون (لا) يأتيها مخلص.