خبر سخافة مطلقة- معاريف

الساعة 09:33 ص|01 يونيو 2010

سخافة مطلقة- معاريف

لا يكفي أن تكون محقا

بقلم: بن كاسبيت

(المضمون: الردع الاسرائيلي تلقى ضربة شديدة. الصورة الاسرائيلية تلقت ضربة قاضية. وكل هذا حصل في عمق المياه الدولية وجعل اسرائيل دولة قراصنة. ماذا سنفعل حين سيأتي الاسطول القادم، الذي سيضم عددا اكبر من السفن مع عدد أكبر من الناس وربما ايضا مع بعض السفن الحربية التركية؟  المصدر).

قبل كل شيء فليكن واضحا: نحن الجانب المحق في هذه القصة. الحصار البحري على غزة لم يفرض بسبب حيل للحكم الاسرائيلي، بل لان الاف الصواريخ اطلقت من هذا القطاع الارهابي على مواطنين اسرائيليين هادئين على مدى سبع سنوات، حتى بعد أن خرجت اسرائيل من المنطقة وأخلت الاراضي حتى آخر إنش.

في غزة تسيطر منظمة ارهابية متعطشة للدماء، بدائية، لا تعترف باسرائيل، بحقها في الوجود، بالاتفاقات الموقعة معها، غير مستعدة لان توقف عمليات الارهاب وتحتجز أسيرا اسرائيليا منذ أكثر من أربع سنوات في قبو دفين دون زيارات، ظروف مناسبة او نشطاء حقوق انسان يمكنهم أن يقتربوا ويتظاهروا من أجله. حكم حماس كان ينبغي أن يسقط في رصاص مصبوب وفقط المخاوف وانهزامية أناس مثل ايهود باراك منعت تحقيق هذه المهمة، التي كانت ممكنة. "غزة ترنحت"، استعاد الذاكرة بعد ذلك رئيس الاركان غابي اشكنازي لايام الحملة، "كنا جد قريبين من اسقاط حماس".

وبالفعل، يا سيد اشكنازي، خسارة أنكم لم تسقطوها.

وفضلا عن ذلك: الاسطول التركي هو "اسطول سلام" تقريبا مثلما هو محمود احمدي نجاد الام تريزة. المشاغبون الذين نزلوا في سفينة "مرمرة" هم "نشطاء سلام" تقريبا مثلما هو الشيخ رائد صلاح راهب بوذي. دور حكومة تركيا في اسطول الكراهية هذا بارز ويجب الا يقلقنا نحن فقط، بل كل الحكومات سوية العقل في المنطقة وفي العالم.

        لو كنت بنيامين نتنياهو ما كنت لاعتذر لتركيا او أتلعثم. بالعكس، فهم يستعيدون السفير الى الديار؟ نعيد نحن سفيرنا ايضا. كما أني كنت سأفحص تجميد العلاقات العسكرية، أفحص المساعدة الخفية للمتمردين الاكراد الذين قتلوا أمس جنودا أتراك في الاسكندرونة (مشوق أن نعرف اذا كان اردوغان سيتصرف حيال الاكراد بضبط للنفس مثلما يتوقع منا التصرف حيال الارهاب الذي يعلن عن رغبته في ابادتنا من على وجه الارض)، أدعو جماهير السياح الاسرائيليين الى ادارة ارجلهم عن نوادي "كله مشمول" في انطاليا (أمس تبين أن في السفن التركية أيضا "كله مشمول")، وأعمل ضد تركيا في كل محفل في العالم، بما في ذلك الاعتراف المتأخر (من الافضل متأخرا على الا يكون) للكارثة الارمنية. الاتراك هم آخر من يمكنهم ان يزايدوا علينا اخلاقيا. اذا كان منذ زمن غير بعيد من المجدي الحفاظ حيالهم على ضبط النفس في محاولة لمنعهم من الانضمام الى محور الشر، فانهم الان باتوا عميقا هناك. اذا كانوا يريدون حربا؟ فليتفضلوا.

        الى هنا عن حقنا. ولكن يوجد ايضا جانب آخر لهذه العملة. في البحر لا يكفي أن يكون المرء محقا، ينبغي أيضا أن يكون حكيما. العملية البحرية، فجر يوم الاثنين، أمام شواطىء غزة، كانت سخافة مطلقة. خليط من الاخفاقات التي ولدت حفلة مخجلة.

        ضرر عظيم سيلحق باسرائيل في أعقاب هذا الامر، في مجالات لا حصر لها. هذا يبدأ بالفشل الاستخباري اللاذع، تواصل بفشل عملياتي، ولكن العنوان الرئيس هو الفشل السياسية. في رأس هرم هذه الفشلات يقف اولئك الذين اصدروا الامر الغبي على نحو فظيع والذي أنزل عشرات المقاتلين الجسورين الى عش الضبابير، وفيه مئات الراديكاليين الاسلاميين العنيفين والمفعمين بالكراهية.

        الوحدة البحرية هي اليوم الوحدة المقاتلة الافضل في الجيش الاسرائيلي، ولكن لم يكن لها أي فرصة في هذه المعركة. لم تكن لديها الادوات للانتصار فيها. واضح أنه في نهاية المطاف، "مرمرة" احتلت، ولكن الثمن لا يطاق. الضرر الذي سيلحق في اعقاب ذلك يفوق منفعته بلا قياس. احد ما كان ينبغي ان يفكر في هذا من قبل. أحد ما كان ينبغي أن يفهم بان سفينة بمثل هذا الحجم ليست يختا، وهي لا تشبه كارين إي. وليس بينها وبين ما عرفناه من قبل أي وجه شبه. احد ما كان ينبغي له أن يعرف ماذا يحصل في الداخل. من بيت مئات المسافرين واحد على الاقل كان ينبغي أن يكون على اتصال مع الموساد او شعبة الاستخبارات او احد آخر. أحد ما كان ينبغي ان يحذر. أحد ما كان ينبغي أن ينبه. واحد ما كان ينبغي،  في النهاية، أن يقرر.

        المؤشر المشهود له جدا على حقيقة انه كان هناك اخفاق يكمن في اول جملة قالها أمس ايهود باراك للصحفيين: "المجلس الوزاري المقلص، رئيس الوزراء وأنا أمرنا وصادقنا على العملية...". كل من يعرف باراك يعرف كم هو يبتعد عن المسؤولية. في كل حياته السياسية اختص في عدم ابقاء أدلة في الساحة عن أي مسؤولية. وها هو، عندما تستدل احاسيسه اليقظة على قصور، يسارع الى توزيع الحظوات: المجلس الوزاري، رئيس الوزراء، وفقط بعد ذلك أنا. عندما يوجد مكسب يتحقق، يكون هذا فقط "انا".

        ذات ايهود باراك تجول بيننا على مدى كل حرب لبنان الثانية بلغة تآكلت في فمه المرة تلو الاخرى: "نهاية الفعل بالتفكير المسبق"، قال باراك وهزء من الخفة التي انطلق فيها ايهود اولمرت الى تلك الحرب ووزع على كل من طلب ذلك تحليلاته الذكية الرائعة التي بموجبها كان ينبغي التجلد، وكان محظورا العمل بتسرع، وكان واجب على القيادة السياسية أن تفكر مسبقا بالمخاطر، بالاحتمالات الايجابية، وفقط بعد ذلك، اذا كان ينبغي على الاطلاق، العمل. وكل هذا التروي والمسؤولية والحذر اقترح عملها بعد أن هاجم حزب الله دورية للجيش الاسرائيلي، قتل جنودا، اختطف اثنين آخرين وقصف كل الشمال لساعات طويلة.

        إذن أين كان هذه المرة؟ ماذا، "مرمرة" هددت بقصف ابراج اكيروف. فباراك هو المستوى الذي يصادق على عمليات الجيش الاسرائيلي قبل أن يؤتى بها الى "المجلس الوزاري المصغر"، أليس كذلك؟ أولم يتصور بان يحتمل أن تكون اسرائيل تسير نحو فخ مخطط له مسبقا؟ ألا يتمكن مقاتلو الوحدة البحرية مع مسدسات الالوان من تدبر أنفسهم حيال مئات النشطاء الاسلاميين المفعمين بالكراهية والمتحمسين؟ في كل الجيش الاسرائيلي الابداعي، العظيم والذكي ما كان يمكن التفكير بسبيل آخر لوقف "مرمرة"؟ اصافة احد المحركات، واجبار السفينة الى الانجرار الى اسدود؟ لقد سبق ان فعلنا امورا اكثر تعقيدا من هذا بكثير جدا.

        أقترح، قال باراك في مؤتمره الصحفي امس، "عدم اعطاء منظمة عدمية استغلال الحدث المؤسف هذا للعنف". إذ ان هذا بالضبط ما فعلته، سيدي وزير الدفاع. سرت كالاهبل مباشرة الى داخل فخ وضعته أمام قدميك منظمة عدمية مجرمة تعنى بالارهاب، والان بسبب عبقريتك، مسؤوليتك و "التفكير المسبق" لديك، فان كل العالم مقتنع بانهم نشطاء سلام هادئين حاولوا تحطيم حصار وحشي، ونحن المتوحشون الذين نذبح الابرياء – فيما أن الواقع معاكس تماما.

        واين كان بنيامين نتنياهو؟ في كندا، بالطبع. يوم الاربعاء، عشية سفره، اجرى نتنياهو سلسلة ميراتونية من المداولات مع وزراء السباعية حول هذا الاسطول. المداولات الاخيرة انتهت في ساعة ليل متأخرة. وتوزع وزراء السباعية مستنزفين الى بيوتهم. بعضهم حسدوا السرير الذي رتبه بيبي لنفسه في الطائرة، ولكن سرعان ما تلقوا مكالمة استدعتهم مرة اخرى، من جديد، الى الاجتماع في مطار بن غوريون في الغداة في السادسة صباحا. نعم، حتى على شفا جناح الطائرة واصل رئيس الوزراء التردد والتردد والتباحث.

        السؤال هو كيف، بعد كل هذه المداولات التي لا نهاية لها، في النهاية اتخذ القرار الاسوأ الذي يمكن للمرء أن يتصوره. وكيف بعد أن اشتعل كل شيء واصل رئيس وزرائنا التردد والندم أربع مرات اذا كان سيعود الى البلاد فورا ام يواصل زيارته كالمعتاد ام يقصرها في منتصفها او شيئا ما. أربع مرات نشرت بيانات متضاربة، الى أن تبين أنهم سيعودون في النهاية. الحقيقة هي ان نتنياهو أراد جدا ان يختطف مع ذلك لقاءا مع اوباما، ربما حتى أمس ايضا، ولكن الامريكيين أوضحوا بانه لا يوجد ما يمكن الحديث فيه. من ناحيتهم، زيارة نتنياهو اصبحت عبئا ثقيلا جدا. لا يوجد شيء يحتاجه اوباما الان اقل من صورة مع نتنياهو.

        الجيش الاسرائيلي هو الاخر ليس نظيفا. مقاتلو الوحدة البحرية لم يكونوا متدربين على ما حصل لهم على "مرمرة". لا ينبغي لنا أن تكون لنا شكوى تجاههم. بالعكس. المشكلة هي مع من بعثهم. دفاعا عنهم ، يقول رجال القيادة السياسية، ان الجيش قدر الا تقع اصابات في هذه العملية. وبالفعل، هذا التقدير كان منقطعا عن الواقع. في الجيش الاسرائيلي ايضا تدربوا على هذه السيطرة مسبقا بل واعدوا نموذجا. وبالفعل، كان هذا التدريب ايضا منقطعا عن الواقع والنموذج لم يكن يشبه الاصل. ولكن فوق الجيش الاسرائيلي توجد قيادة سياسية. وهي التي ينبغي ان تتخذ القرار. الحذر. الاخذ بالحسبان التورطات والسيناريوهات غير المتوقعة. هذا المستوى فشل فشلا ذريعا امس.

        اذا كانت هذه هي نتائج محاولة السيطرة على سفينة غير مسلحة على مسافة ربع ساعة من اسدود، ما الذي ينبغي لنا ان نفكر به عن المواجهة المتوقعة حيال ايران؟ وماذا يفترض بالايرانيين أن يفكروا بهذا الان؟ الوحدة البحرية 13، الوحدة الاكثر فخرا لشعب اسرائيل، اهينت أمس. عالم كامل شاهد قطيع الخدج يضربون ضربا مبرحا المقاتلين الذين ارسلوا الى المكان الذي لم يكن لديهم ما يبحثون عن شيء فيه. الردع الاسرائيلي تلقى ضربة شديدة. الصورة الاسرائيلية تلقت ضربة قاضية. وكل هذا حصل في عمق المياه الدولية وجعل اسرائيل دولة قراصنة. ماذا سنفعل حين سيأتي الاسطول القادم، الذي سيضم عددا اكبر من السفن مع عدد أكبر من الناس وربما ايضا مع بعض السفن الحربية التركية؟ كيف يقول باراك، "نحن سنعرف ماذا سنفعل". مثلما عرف بعد اختطاف الجنود الثلاثة في هار دوف، ومثلما يعرف الان.