خبر مخلصون غائبون- هآرتس

الساعة 08:37 ص|30 مايو 2010

مخلصون غائبون- هآرتس

بقلم: تسفي بارئيل

 (المضمون: اذا كان مخول وسعيد مذنبين بالمواد المنسوبة اليهما في لائحة الاتهام، فان المحكمة ستستنفد معهما القانون. ولكن المجتمع اليهودي في اسرائيل لا يحتاج الى قرار محكمة، فهو منذ الان يعرف الحقيقة - المصدر).

        اخيرا وجد مشجبان للتعليق عليهما مشروع القانون الجديد، الذي يقضي بأن تسحب جنسية من يدان بعمل ارهابي او بالتجسس. وهذان هما امير مخول وعمر سعيد، المواطنان الاسرائيليان، المتهمان بالاتصال بعميل أجنبي، رجل حزب الله. ولكن قرار المحكمة سيكون فقط ملاحظة هامشية وذلك لأن الاثنين قد أدينا أمام الجمهور في أنهما خرقا "واجب الولاء" لدولة اسرائيل.

        من ناحية المتقدمين بمشروع القانون، دافيد روتم وروبرت إلتوف من "اسرائيل بيتنا"، فان مخول وسعيد هما برهان على أنه يوجد واجب لردع كل الاسرائيليين العرب، المشبوهين والمتهمين على حد سواء، الجواسيس المحتملين و "الارهابيين" الغافين. "هذا المشروع جاء على خلفية دور سكان ذوي جنسية اسرائيلية في المس بالدولة من خلال أفعال تجسس في السنوات الاخيرة. هدفه هو التشديد على أن العلاقة بين الحق في الجنسية الاسرائيلية والولاء للدولة هي علاقة غير قابلة للانفصام"، كما جاء في الشروحات للقانون.

        للوهلة الاولى كلمة "عربي" لا تذكر في مشروع القانون ولكن العرب هم حاضرون غائبون فيه. فهل يتصور أحد نزع جنسية عنات كام اذا ما ادينت بالتجسس او بالخيانة؟ وهل فكر أحد ما بسحب جنسية الحنان تننباوم الذي اتصل بوكلاء حزب الله؟ او ناحوم منبر؟ مردخاي فعنونو او صحفيين، رجال موساد سابقين وضباط كبار نشروا أنباء كان يمكنها، ويمكنها، أن تفيد العدو؟ وكيف ستوصف عملية ارهابية لغرض تطبيق مشروع القانون هذا؟ هل فقط تفجير باص او اطلاق النار على مواطنين يهود، أم ربما ايضا اطلاق النار على مواطنين فلسطينيين يقطفون الزيتون؟ وماذا مع زرع عبوات ناسفة في مدخل بيوت نشطاء من اليسار؟ او السيطرة بالقوة على المنازل والاراضي؟

        ولكن مشروع القانون بحد ذاته ليس المشكلة. فعلى أي حال قانون الجنسية، كما تم تعديله في 1980 يقضي بأن "وزير الداخلية مخول بالغاء الجنسية الاسرائيلية لشخص قام بفعل فيه خرق للولاء لدولة اسرائيل". لا ضرورة حتى لأن يجتاز المرشح لسحب الجنسية اجراء قضائيا. المشكلة هي في المفهوم الذي يقضي بأن وسطا معروفا على الملأ، بمجرد وجوده، أصله، لغته وارتباطاته مع ما يعتبر دول عدو، هو وفقط هو، مرشح لأن يتحمل نتائج هذا التشريع. اذ دون العرب لن تكون هناك حاجة على الاطلاق لمشاريع قوانين كهذه، اذا فقط اليهود يمكنهم ان يكونوا موالين للدولة.

        النتيجة يمكن أن نقرأها في جدول العلاقات بين اسرائيل والعرب، الذي أجراه البروفسور سامي سموحة من جامعة حيفا. بموجب هذا الجدول فان 29 في المائة من العرب لا يريدون صديقا يهوديا، 62 في المائة يخشون من الترحيل، وليس لدى نحو 40 في المائة ثقة في جهاز القضاء ونسبة مماثلة تؤيد مقاطعة الانتخابات.

        هذه المعطيات هي حالة وضع وليس شرحا. هذه صورة دينامية، حسب الجدول آخذة فقط في الاحتدام. وحسب الأجوبة، لم تعد المشكلة منذ زمن بعيد المساواة في الظروف، تمديد أنابيب مجاري او تخصيص أماكن عمل للعرب – المشكلة هي ثقافة العزل التي تفرضها دولة اسرائيل وتواصل فرضها على الاقلية العربية. ثقافة العزل، التي نجحت في تحويل العرب من مواطنين الى مرشحين للمواطنة، حيث تطرح عليهم في كل مرة اختبارات دخول جديدة. وها هو، بالذات على ولائهم يمكن ان نتعرف من الموقف منهم في الدول العربية. فهناك يتعاملون معهم بأنهم "عرب غريبون"، يكادون يكونوا خونة، غير مستعدين للتعاون في مقاومة سياسة اسرائيل، مثابة "عديمي الولاء العربي". وهم يسمون "عرب الـ 48"، حتى ليس فلسطينيين. يهود الشتات يعرفون جيدا هذا الشرك، حين يمسك بجاسوس اسرائيلي في الولايات المتحدة ومسألة ولاء اليهود كطائفة يعاد في حينه فحصها من جديد.

        ثقافة العزل لا تحتاج حقا الى قوانين من النوع الذي يحثه "اسرائيل بيتنا"، أو ذوو الآراء العنصرية في أحزاب أخرى. وذلك لان هذه القوانين، التي يعملون عليها بمرافقة الطواعية الجماهيرية الاستكمالية والتشجيعية، لا تخلق واقعا جديدا، بل فقط تصيغ وتجمل الواقع الذي وجد له سيطرة بعيدة السنين.

        اذا كان مخول وسعيد مذنبين بالمواد المنسوبة اليهما في لائحة الاتهام، فان المحكمة ستستنفد معهما القانون. ولكن المجتمع اليهودي في اسرائيل لا يحتاج الى قرار محكمة، فهو منذ الان يعرف الحقيقة.