خبر إغاثة للصمود وأخرى للاعتدال ..فهمي هويدي

الساعة 07:11 ص|30 مايو 2010

إغاثة للصمود وأخرى للاعتدال ..فهمي هويدي

أبحث كل صباح عن أخبار "أسطول الحرية" في الصحف المصرية فلا أجد لها أثرا، ولذلك أصبحت  أتابعها من مصادر أخرى، بعدما صار للأخبار ألف باب، وأصبح التعتيم عليها وحجبها من قبيل دفن الرؤوس في الرمال.

 

من ثم، فإنني لم أواجه مشكلة في متابعة رحلة قافلة الإغاثة وكسر الحصار المضروب على غزة، التي يقودها ويشارك فيها نفر من النشطاء النبلاء والشجعان الذين يصرون على تحدي الغطرسة الإسرائيلية.

 

لكن ما استغربت له حقا هو تجاهل الإعلام المصري للرحلة، الذي لا أستطيع أن أفسره بالسهو والخطأ، لذلك فإنني أشم في ذلك التجاهل رائحة العمد، الذي إذا أحسنا به الظن فقد نرجعه إلى الخجل والحرج من أن حملة بذلك الحجم الكبير الذي تشارك فيه أطراف أوروبية وتركية وعربية، تغيب عنه مصر، وهي الدولة الكبيرة، التي تقول لنا الأبواق الإعلامية الرسمية إنها "لم تقصر" يوما ما في حق القضية الفلسطينية.

النتيجة أن المواطن العادي في مصر لم يحط علما بالموضوع، إلا إذا كان من متابعي قناة "الجزيرة" أو تليفزيون "الأقصى"، أو مواقع الإنترنت المعنية بالموضوع،

 

أصبحت الأغلبية تجهل أن أسطول الحرية، الذي تبنته ورعته الحملة الأوروبية لكسر الحصار التي تتخذ من بروكسل مقرا لها يضم تسع سفن، منها ثلاث سفن شحن، وست للركاب.

 

أما سفن الشحن فثمة واحدة منها ترفع علمي تركيا والكويت، والثانية بتمويل جزائري، والثالثة ممولة أوروبيا من السويد واليونان،

 

وهي تحمل عشرة آلاف طن من المساعدات الطبية ومواد البناء والأخشاب، كما أنها تضم مائة منزل جاهز لمساعدة الذين دمر الإسرائيليون بيوتهم أثناء العدوان الأخير على غزة، علاوة على 500 عربة كهربائية لاستخدام المعاقين من ضحايا الحرب.

 

سفن الركاب تحمل نحو 750 ناشطا ومتضامنا من 60 دولة. وقد زودت لأول مرة بأجهزة للبث الفضائي لنقل أخبار الرحلة إلى العالم الخارجي، ومن ركابها 36 صحفيا يعملون في 21 وكالة أنباء ومطبوعة عالمية.

 

من الركاب أيضا 44 شخصية رسمية وبرلمانية وسياسية أوروبية وعربية، ومن الأخيرين عشرة نواب جزائريين. ومن الشخصيات البارزة التي انضمت إلى الحملة عضوا البرلمان الإيرلندي كريس أندرو وإينجوس أوسنديغ، وعضو البرلمان الأوروبي كرياكوس تريانتافيدليز، والزعيم السياسي البلغاري كيراك تسونوف، والنائب السابق في مجلس الشيوخ الإيطالي فيرناردو روسي، ورئيسة حزب المصلحة العامة في إيطاليا مونا ببيي، والسياسي النرويجي المعروف إيرلج فولكفورد، والكولونيل الأمريكية السابقة آن رايت المعروفة بمعارضتها للحرب على العراق، وعدد من النواب الأوروبيين والأتراك.

 

ليست هذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها الناشطون المتضامنون مع غزة كسر الحصار وإيصال المعونات إلى المحاصرين في غزة. فقد سبق لهم أن نظموا ثماني محاولات، نجحت في اجتياز العراقيل الكثيرة التي وضعت أمامها ووصلت إلى غزة، باستثناء واحدة خطفها الإسرائيليون في شهر يونيو من العام الماضي (2009). لكنها المرة الأولى التى يعبأ فيها أسطول بذلك الحجم الكبير نسبيا. وقد أعلنت إسرائيل أكثر من مرة أنها لن تسمح للسفن بالرسو على شاطئ غزة، في حين أن منظمي الحملة يصرون على بلوغ هدفهم. وهذه المواجهة يفترض أن تحدث اليوم (السبت) أو غدا، ويتعذر التنبؤ من الآن بما يمكن أن تسفر عنه.

 

 

أثار انتباهي في هذا السياق، أن جريدة الأهرام نشرت في عدد الخميس الماضي (27-5) خبر ترقب وصول قافلة إغاثة إماراتية إلى مصر، تم إرسالها بالتنسيق مع الهلال الأحمر المصري برئاسة السيدة سوزان مبارك ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين، وأبرزت الأهرام باللون الأحمر مسألة التنسيق مع الهلال الأحمر المصري.

 

وذكر الخبر أن القافلة تضم 42 مقطورة تحتوي على 400 طن دقيق فاخر و100 طن سكر و100 طن مكرونة وشاحنات أدوية لكل الأمراض. ولم يفت خبر الأهرام أن ينوه إلى أن الهلال الأحمر المصري قام بإدخال ألف طن من المساعدات في الأسبوع الماضى إلى "الأشقاء الفلسطينيين"، "في إطار جهود مصر لتخفيف الحصار عن أبناء غزة".

 

لا أعرف ما إذا كان ذلك التزامن مقصودا أم لا، لكني حين قرأت الخبر قلت:

 

حتى الإغاثة لم تنج من الانقسام بين معسكري الصمود والاعتدال؟!