خبر «نقـطـة تحـول 4» انتـهـت ومخـاوف إسـرائيـل ازدادت

الساعة 05:49 ص|28 مايو 2010

خلاصتها أن الجبهة الداخلية ليست جاهزة

«نقـطـة تحـول 4» انتـهـت ومخـاوف إسـرائيـل ازدادت

كتب حلمي موسى:

أنهت إسرائيل مناورة «نقطة التحول 4» لاختبار قدرة الجبهة الداخلية على احتمال حرب من نوع جديد تغدو فيها الصواريخ عنصرا مهيمنا وتتقلص فيها أهمية الجبهات الحدودية. ورغم مشاعر الرضا التي أعرب عنها قادة المناورة، إلا أن الخلاصة الجوهرية هي أن الجبهة الداخلية ليست جاهزة بما فيه الكفاية لمواجهة المخاطر المنتظرة.

 

 

وبقدر ما أوحت هذه المناورة بحجم المخاطر، بقدر ما أشاعت من مخاوف في صفوف الجمهور الإسرائيلي الذي كان، حتى عدوان تموز 2006، بعيدا في أماكن سكنه وآمنا نسبيا عن ويلات الحروب. وشكك معلق بارز في صحيفة «هآرتس» بجودة الوضع القومي لإسرائيل بعد حرب لبنان الثانية، وأن طبيعة المناورة أظهرت ذلك.

 

 

ويوم أمس انطلقت صافرات الإنذار في القرى والبلدات الشمالية على وجه الخصوص، بعدما كان التركيز في الأيام الأولى للمناورة التي بدأت يوم الأحد الماضي، على مدن الوسط والجنوب. وشكلت تدابير المناورة التي سمعت صافراتها وشوهدت بعض مظاهرها من القرى اللبنانية الحدودية، دافعا لاكتظاظ مروري وعرقلة للحياة الروتينية في الشمال.

 

 

وأعلنت قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية رضاها عن نتائج مناورة «نقطة تحول 4» وتجاوب الجمهور معها. وأشارت إلى أن صافرات الإنذار عملت بنجاح أكبر من السابق وبنسبة 97 في المئة رغم تزايد أعداد شكاوى الجمهور من عدم سماع الصافرات. وعملت قيادة الجبهة الداخلية أمس على تكرار إطلاق صافرات الإنذار في العديد من المناطق للتأكد من إصلاح الأخطاء ومواضع الخلل.

 

 

وقد شهد يوم أمس اختناقات مرورية في العديد من المناطق وخصوصا في الوسط والشمال. وقد تدربت الشرطة وأجهزة الدفاع المدني على التحرك في شوارع مغلقة وفق سيناريوهات جزئية وشاملة. وأشارت المعطيات إلى أنه توجد حاليا 2754 صافرة إنذار مقابل 1800 كانت في العام الماضي، وأن النية تتجه إلى رفع العدد إلى أكثر من ثلاثة آلاف صافرة قريبا. ومع ذلك، تم هذه المرة اختبار الإنذار عبر وسائل الإعلام الجماهيري، الإذاعة والتلفزيون، وكذلك عبر إرسال رسائل فورية على أجهزة الهاتف المحمول.

 

 

وقدّرت قيادة الجبهة الداخلية تجاوب السكان هذا العام مع المناورة بنسبة 50 في المئة، وهي أعلى من تلك في العام الماضي والتي كانت بحدود 40 في المئة. وأبدت رضاها عن أداء السلطات المحلية وعن التقدم في تدابير حماية الجبهة الداخلية مقارنة مع ما كان قائما أثناء حرب لبنان الثانية. ومع ذلك، تحدثت الصحف عن مواضع خلل بينها إلغاء مشاركة أعضاء المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية في المناورة، وكذلك المشاركة المحدودة للوزارات، وهو ما قاد سلطة الطوارئ القومية إلى توجيه اتهامات للمدراء العامين للوزارات بعدم المشاركة الكافية في المناورة.

 

 

ورغم أنه من الوجهة الرسمية لا تعتبر المناورات العسكرية والتكنولوجية جزءا أساسيا من مناورة «نقطة تحول 4» التي أحرقت أحد أكبر المحميات الطبيعية في الجولان المحتل، إلا أن ذلك لم يمنع الصناعات الجوية الإسرائيلية من الإعلان عن تحسين جوهري في منظومة صاروخ «حيتس 3» بحيث يمكن اعتراض الصواريخ الباليستية على ارتفاع اكبر من السابق. وشددت شركة الصناعات الجوية التي تتولى أمر تطوير هذه المنظومة على أن التطوير الجديد يتيح فرصا أكثر لاعتراض أي صاروخ يطلق نحو إسرائيل خصوصا إذا فشل الاعتراض من المرة الأولى. وقالت رئيسة مشروع «حيتس 3» في الصناعات الجوية إنه في مطلع العام 2011 سيجري أول اختبار على التطوير الجديد الذي يتيح كذلك تغيير مسار الصاروخ بعد انطلاقه. وأشارت إلى ميزة أخرى هي إمكانية إطلاق «حيتس» الجديد من على متن سفينة صواريخ.

 

 

وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن سلاح الجو يجري في الأيام الأخيرة مناورة مشتركة مع سلاح الجو اليوناني للتدرب على مهاجمة أهداف بعيدة. وهذه المناورة المسماة «MINOAS 2010» تجري أساسا فوق بحر إيجة بمشاركة الطائرات الأكثر تطورا لدى إسرائيل وخصوصا «اف ـ 16 آي» و«اف ـ 15 آي». وتشارك في المناورة طائرات تزويد بالوقود ومروحيات هجومية للتدرب على إنقاذ طيارين في حال سقوط طائراتهم.

 

 

تجدر الإشارة إلى أن السيناريوهات الأساسية للمناورة استندت إلى فكرة تعرض إسرائيل لآلاف الصواريخ من لبنان وسوريا وغزة وإيران، وأن هذه الصواريخ قد تحمل رؤوسا حربية غير تقليدية. ولأن قسما من الصواريخ دقيق التوجيه، فستتعرض مؤسسات حيوية عسكرية ومدنية للقصف، ما سيوقع عددا كبيرا جدا من الإصابات. وافترضت إسرائيل في المناورة أنها قد تضطر في الحرب المقبلة إلى نقل حوالى نصف مليون مستوطن إلى الضفة الغربية لتوفير الأمن لهم بعد تعرض أماكن سكنهم للقصف.

 

 

وربما أن هذا السيناريو هو ما دفع المعلق في «هآرتس» آري شافيت للكتابة تحت عنوان «مسألة وقت»، ان «الصافرات التي سمعت أمس لم تكن صافرات إنذار حقيقي. فالصواريخ لم تقع في غوش دان. ولم تسقط الأبراج في مركز تل أبيب. ولم يصب معسكر الكرياه. ولم تسكت قواعد سلاح الجو. ولم يحترق أي مركز تدريب للجيش الاسرائيلي، ولم تصمت أي محطة توليد طاقة. لم يملأ الجموع الذين يطلبون ملاذا المواقف تحت الأرض. ولم يسد مئات آلاف الهاربين من المدن الشوارع. ولم يحتشد في مطار بن غوريون إسرائيليون مذعورون هاربون».

 

 

وأضاف «لكن لا ينبغي لأحد أن يوهم نفسه. فالوضع الأمني القومي غير جيد. لقد جعل الانسحاب من طرف واحد من لبنان، اسرائيل تتعرض لتهديد استراتيجي من الشمال. والانسحاب من جانب واحد من قطاع غزة جعل اسرائيل تتعرض لتهديد بالصواريخ من الجنوب أيضا. إن حرب (ايهود) اولمرت في لبنان زادت في قوة حزب الله زيادة لم يسبق لها مثيل. وحرب اولمرت في غزة أضعفت شرعية اسرائيل على نحو خطر. وكان من نتيجة هذه الأحداث الأربعة التكوينية ـ على اثر تطور السلاح المائل المسار ـ أن أصبحت اسرائيل في 2010 أكثر تعرضا للتهديد مما كانت اسرائيل في 2000. إن قدرتها على استعمال قوة تسحق مهدديها تقلصت جدا. الهدوء هو هدوء مضعضع. والجليد جليد دقيق. لا نعلم متى سينكسر وأين».

 

 

وأشار إلى أن السجال الحقيقي في إسرائيل بين اليمين واليسار هو حول «عنصر الوقت. اليمين يعتقد أنه لصالح إسرائيل ويسمح لها بفرض وقائع على الأرض. وهذا غير صحيح. فالسجال الحالي حول الوقت في نظره هو سجال حول الحياة والموت. اعتقد اليمين عشية حرب يوم الغفران انه يوجد وقت. واعتقد اليمين عشية الانتفاضة انه يوجد وقت. واليوم أيضا، وتهديد الصواريخ وتهديد الاحتلال محسوســان مباشران، يعتقد اليمين أنه يوجــد وقت. لكن الحقيقة أنه لا يوجــد وقت. فإذا لم نعمل في الوقت في مواجهة الوقت فسيضربنا الوقت. إن الصافرات التي لا تُسمع، هي صافرات إنذار حقيقي».