خبر الهرب وعقابه- هآرتس

الساعة 10:29 ص|27 مايو 2010

الهرب وعقابه- هآرتس

بقلم: اسرائيل هرئيل

(المضمون: انسحاب اسرائيل من لبنان الذي يتمدح باراك بانجازاته زاد في قوة حزب الله وفي عدد الصواريخ عنده. وقد كان التمرين الكبير الذي أجري للجبهة الاسرائيلية الداخلية استعدادا لمواجهة هذه الصواريخ - المصدر).

        مع انقضاء عشر سنين منذ الانسحاب من لبنان من جانب واحد أجرت اسرائيل تمرينا كبيرا لحماية نفسها من الصواريخ. ولم يجر التدريب الباهظ الطويل تذكارا بالحدث، الذي يتمدح ايهود باراك بنجاحه، بل كي نتعلم كيف نضائل الاضرار من اصابات الصواريخ المتوقعة ولا سيما تلك التي سيطلقها حزب الله على الجبهة الاسرائيلية الداخلية.

        كان يجب على اسرائيل ان  تنهي بقاءها في جنوب لبنان، لكن باجراء ردعي لا بهرب مخز يستدعي – كما حدث حقا وعلى نحو عظيم – استمرار العدوان. وفي الحقيقة، أصبحنا منذ ذلك الحين في نظر حزب الله (وليس في نظره فحسب) مثل خيوط عنكبوت. لم يكتف حسن نصر الله بصواريخ الكاتيوشا. فقد بدأ يتسلح بصواريخ، أصابت (في حرب لبنان الثانية الجبهة الداخلية اصابة عميقة وقتلت مواطنين وجنودا وأحدثت اضرارا اقتصادية كبيرة)، ولم ترد اسرائيل. وقد هاجم ايضا وقتل واختطف جنودا، وزادت تهديدات باراك الجوفاء بأنه اذا فعل فستكسر ذراعه، زادت تحرشاته. وصبت ايران وسورية، اللتان دهشتا لجرأته – لكن في الأساس لعدم جرأتنا على مجازاته – صبتا زيت الصواريخ ووسائل اخرى  على الشعلة.

        خطب نصر الله أول من أمس خطبة احتفالا بما سماه عقدا منذ هروب اسرائيل المذعور. إن اسرائيليين كثيرا لم يوافقوا – ولا يوافقون – على أن يضللوا، يضطرون الى الموافقة على تعريف واحد من أكبر أعداء اسرائيل وذاك أن تمرين قيادة الجبهة الداخلية هو ثمرة الخوف من الصواريخ التي يملكها. واذا هاجمته اسرائيل فان القطع البحرية في الموانىء وفي الطريق الى اسرائيل، لا الجبهة الداخلية والمنشآت العسكرية فحسب، ستهاجم. وهو الذي يردع اسرائيل لا العكس.

        وسيوافقه الاسرائيليون أيضا على أن ذلك الهرب، والنتائج البائسة لحرب لبنان الثانية أيضا، ذات معان استراتيجية بعيدة لمصلحة حزب الله. فهي تنفخ وما زالت تنفخ الى اليوم روح المعركة بين مقاتلي المنظمة وبين أعداء آخرين لاسرائيل.

        لا يكف باراك عن زعم أن الانسحاب في سنة 2000 أتى اسرائيل بمزايا استراتيجية مهمة. وهو يشمل في هذه المزايا تزود حزب الله بالسلاح من غير أن تحرك  اسرائيل ساكنا، بنحو من خمسين ألف صاروخ، فيها صواريخ ذات مدى استراتيجي تستطيع ان تصيب كما يقول نصر الله تل ابيب وديمونا والمطارات العسكرية ومطار بن غوريون. ومن المحقق أنها تشتمل على صواريخ سكاد التي زودت سورية بها حزب الله وعلى صواريخ مضادة للطائرات من ايران ايضا.

        فحص تمرين الجبهة الداخلية عن الاستعداد ايضا في مواجهة جبهات أخر، مثل سورية وحماس. لكن حماس مثل حزب الله ايضا عرفت أن تهديدات اسرائيل لا غطاء لها. حذر اريئيل شارون على نحو لا لبس فيه من أنه اذا أطلق ولو صاروخ واحد على النقب بعد الانفصال، فسيكون رد اسرائيل شديدا مرا. وأطلق أكثر من 1000 صاروخ. وبقيت تهديدات شارون، مثل تهديدات باراك، بلا غطاء. وعندما بلغ السيل الزبى ولم يعد من الممكن منع عملية شاملة، خرجت اسرائيل في عملية "الرصاص المصبوب"، لكنها وقفتها في منتصفها. فلم تصب القدرة والباعث على استمرار مكافحة اسرائيل، بل العكس. ولم يؤت بغلعاد شليت الى البيت.

        وحماس مثل حزب الله بالضبط، تحتفل: فالقطاع مليء بالصواريخ التي يبلغ مداها تل ابيب ومطار بن غوريون. واسرائيل، بدل ان تمنع وصولها – او تدمرها – تجري تمرينا ضخما للجبهة الداخلية ("الأكبر في تاريخ الدولة") كي تستعد لمواجهتها أيضا. هذا هو الهرب وهذا هو عقابه.