خبر العودة الى صهيونية هرتسل- هآرتس

الساعة 08:33 ص|26 مايو 2010

العودة الى صهيونية هرتسل- هآرتس

بقلم: كارلو شترينغر

 (المضمون: يدعو الكاتب الى معاودة صهيونية هرتسل وايحاد هعام التي كانت منفتحة انسانية غير دينية ورفض صهيونية اليمين الحديثة - المصدر).

        لم تبدأ الصهيونية مثل أيديولوجية موحدة. فقد كانت هناك صهيونية هرتسل الليبرالية؛ وصهيونية ايحاد هعام ويهودا مغنيس الروحانية؛ وفي العقود الاولى من نشوء الدولة سيطرت على السياسة الاسرائيلية الصهيونية الاشتراكية، وفي العقود الاخيرة نجم قرن الصهيونية التنقيحية، ومع تنازلها مع الصهيونية الخلاصية أنشأت تصورا يهب للأرض معنى دينيا ولا يمنح حقوق الانسان معنى. لكن كان من الممكن قبل عدة سنين وجود حوار بين المثل الصهيونية المختلفة.

        اليوم، للاسف الشديد، وبسبب أناس يمين جعلوا من أنفسهم ممثلين للصهيونية – ترى الصهيونية مساوية لاخلاص أعمى لحكومات اسرائيل وقراراتها، واجلال القوة اليهودية والانفصال عن الحس النقدي. فكل من لا يوافقك يسمى "بعد صهيوني" ويتهم بعدم الاخلاص.

        هذا التوجه يجعل هرتسل و "ايحاد هعام" بعد صهيونيين. فقد طمح هرتسل الى فصل تام بين الدين والدولة والسياسية، لا يوجد في نظريته أي مكان لتصورات لاهوتية تقول إن لليهود حقا في أرض اسرائيل بسبب وعد الهي. وكان "ايحاد هعام" يتهم اليوم بما بعد صهيونية تنبع من كراهية للذات.

        أجرى بن غوريون حوارا طويلا مع أحد أشد معارضيه العقائديين وهو الفيلسوف شموئيل هوغو بيرغمن. أيد بن غوريون الحوار مع أصحاب مواقف مختلفة، لا اسكاتهم.

        تبين المقالة الممتازة لبيتر بنريت، وهو محاضر في الاعلام وعلوم السياسة وابن عائلة يهودية – ارثوذكسية، في  العدد الاخير من صحيفة "نيويورك ريفيو اوف بوكس" كيف أبعد الخط السياسي للمؤسسة اليهودية القديمة في الولايات المتحدة الجيل الشاب. فهم لا يؤمنون بسياسة القوة، والتوقيع الدائم على عنصر الضحية يثير فيهم احساسا بالغربة. يشعر كثير منهم بأنه اذا كان معنى الصهيونية تأييد حكومة اسرائيل وخطواتها لتشجيع الاستيطان وسلب الفلسطينيين في القدس فانهم غير صهانية.

        يدعو بنريت الى انشاء "صهيونية لا تعرف الراحة"، "تغضب من المسار الخطر الذي تسير فيه اسرائيل وتعشق ما تستطيع أن تكونه الى الان". هذا تعريف ممتاز لما نحتاج اليه. لا حاجة حتى الى ايجاد أي شيء لانه يجب ببساطة مواصلة صهيونية هرتسل وايحاد هعام الليبرالية من جديد.

        ترفض الصهيونية الليبرالية الدعوة المجنونة الى صوت يهودي موحد. وهي ترفض أن يقولوا لها من هو اليهودي المخلص وهي غير مستعدة لتأييد سياسة حكومات اسرائيل اذا كانت مدمرة وغير انسانية وقصيرة النظر.

        ان الصهيونية الليبرالية غاضبة حقا على ما صارت اليه اسرائيل: على تدهور التربية التي تخضع لعقائديين حزبيين يؤيدون السياسة الموجهة، وعلى سيطرة البيروقراطيين من اليمين الذين يؤيدون سلب الفلسطينيين، وعلى هدم الثقافة في حين يوجه المال الى تعبيد شوارع للمستوطنين الذين يضايقون الفلسطينيون في حياتهم.

        ستؤيد الصهيونية الليبرالية يهودا شبانا، في اسرائيل والجاليات، يشتهون التعبير عن حبهم لما يمكن أن تكونه اسرائيل من غير ان يضطهدهم يمين كلياني. وهي لن تتخلى من الوضوح الاخلاق والانسانية العامة باسم الاخلاص للقبيلة.

        تمجد الصهيونية الليبرالية احدى مزايا التراث اليهودي وهي الاستعداد للجدل؛ وروح التخصيص؛ ورفض الخضوع للسلطة المطلقة. وستجند الطاقة الخلاقة التي كانت منذ كانت علامة شهرة الاسهام اليهودي في الثقافة الغربية، كي تنفصل عن ثوابت السياسة الاسرائيلية وزخمها والتقدم نحو مستقبل نستطيع الفخر بها.