خبر ما معنى أن سفن كسر الحصار تنتهك قانون إسرائيل ؟ .. د. عبدالله الأشعل

الساعة 02:29 م|25 مايو 2010

بقلم: د. عبدالله الأشعل

أعلنت "إسرائيل" أن سفن كسر الحصار عن غزة تقوم بانتهاك القانون الإسرائيلي، وقد يعتقد البعض أن غزة جزء من "إسرائيل" حتى تكسر قوانينها، كما زعمت "إسرائيل" أن هذه السفن بهذا العمل تعد تدخلا في شؤون "إسرائيل" الداخلية، وهذا يعني أن غزة ليست إقليماً محتلا، وإنما هي جزء من "إسرائيل". ويبدو أن "إسرائيل" التي تنفي أن غزة إقليم محتل قد أعلنت أنه إقليم متمرد معادٍ، أي متمرد على سلطتها، وخارج عن سلطانها، وهذا مفهوم غريب، ولكنه يعني أن العالم كله يرى غزة إقليماً محتلاً من الناحية القانونية، وأن على "إسرائيل" أن تحترم التزاماتها وفق  القانون الدولي، ولا علاقة لقانونها بعمل السفن إلا أن يكون القانون الإسرائيلي غرضه إبادة غزة، وأن السفن تنقذها.

لا خلاف على أن الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة براً وبحراً وجواً من جانبها ومن الجانب المصري جريمة مركبة في القانون الدولي؛ لأن الحصار على إقليم، خاصة إذا كان تحت الاحتلال الإسرائيلي يرقى إلى مستوى جريمة الإبادة الجماعية، والعقوبة الجماعية كجريمة حرب، فضلاً عن أنه جريمة ضد الإنسانية، على افتراض أن غزة تنتمي إلى الجنس البشري. فـ"إسرائيل" كسلطة محتلة تقع عليها التزامات متعددة، أهمها تأمين احتياجات القطاع وليس خنقه وإحكام الحصار عليه. وقد كانت التهدئة في أساسها تهدف إلى رفع الحصار، ولكن "إسرائيل" تصر على إبادة سكان غزة. ليس هذا غريباً، ولكن الغريب هو أن سفن كسر الحصار، ومحاولات الجماعات والأفراد كسره براً من معبر رفح، قد أصبح – فيما يبدو – هو الجريمة، فلم يعد الحصار جريمة مادامت "إسرائيل" هي التي تفرضه على مرأى ومسمع من  العالم، دون أن يحرك ساكناً. بل إن الدول "المتحضرة" مشغولة بفرض عقوبات على إيران من خلال مجلس الأمن لمجرد أن الغرب يعتقد أن إيران تحلم بالحصول على سلاح نووي، وهي لا تزال تتحدى السياسات الغربية، وهذه الحملة ضد إيران سببها الوحيد قلق "إسرائيل" من أن تنافسها إيران في حيازة السلاح النووي، بل إن التسلح الإسرائيلي هو الذي سيدفع إيران إلى التسلح النووي، أو شن الحرب عليها ودمار المنطقة لمجرد أن "إسرائيل" تصر على أن يكون الملف الإيراني هو الذى يتصدر اهتمام العالم. فهل يعقل أن تترك "إسرائيل" بهذا الشكل المفضوح لكي تبيد بالحصار سكان غزة، وتمنع إنقاذها الجزئي بسفن كسر الحصار، والتي تهدف إلى الإغاثة، ولفت النظر إلى هذه الجريمة المستمرة. كيف لا يتحرك العالم العربي لإنقاذ غزة، وكذلك العالم الإسلامي، ولماذا إذا كان العرب يريدون فعلا إنقاذ غزة لا يعقدون اجتماعاً للجمعية العامة وتجنيد العالم الثالث كله للضغط على "إسرائيل" وتحدي الحصار الإسرائيلي؟

تقول "إسرائيل" إن سفن كسر الحصار تؤدي إلى إفلات أهل غزة من الموت، وهذا ينافض القانون الإسرائيلي القاضي بإبادة غزة، ولم تكتف "إسرائيل" بأنها دمرت غزة، وارتكبت فيها محرقة مشهودة بالصوت والصورة على عكس الهولوكوست الألماني في اليهود. فهل سلم العالم بأن احترام القانون الإسرائيلي هو الأولى، حتى لو تطلب إبادة مليون ونصف فلسطيني حشروا لسوء حظهم بين الرمضاء والنار، وسكت العالم كله على مأساتهم.

ولماذا لم يحرك أمين عام الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان ساكنا لنصرة محاولات إنقاذ غزة حتى لا يظن الناس أن هناك تواطؤا عربياً وإسلامياً ودولياً عاما على إبادة أهل غزة.

لقد فصَّلَ جولدستون في تقريره جوانب جريمة الحصار في غزة، والتي بدأت قبل المحرقة بعامين، واستخلص التقرير بشكل غير مباشر أن فشل الحصار في تركيع غزة هو الذي عجل بالمحرقة، أو أن الحصار أرهق السكان حتى تعطي المحرقة أكبر الآثار في الإبادة والدمار، وبدا العالم وكأنه يسلم بأن من حق "إسرائيل" حصار غزة.

إن إيران تعاقب لأنها تساعد غزة قدر المستطاع، والمطلوب قطع كل إمداد أو أمل للحياة في غزة.

أليس من العار أن يصبح إنقاذ غزة جريمة تعاقب عليها دول عربية، وأن تشعر بالسعادة في تصدي "إسرائيل" لسفن كسر الحصار. إن هذه السفن لا تهدف إلى مهاجمة "إسرائيل"، وليس هناك أدنى أساس قانوني يبرر غلبة القانون الإسرائيلي على القانون الدولي القاضي بحق الحياة لسكان غزة، وتجريم الحصار والنية الإجرامية التي تحركه، بل يدين القانون الدول الأخرى خاصة المجاورة لغزة، والتي يقع عليها التزام بكسر الحصار بدل إحكامه والتعاون في ارتكاب هذه الجريمة النكراء.

إن إنقاذ سكان غزة لاعلاقة له بالخلاف بين فتح وحماس، كما أن ربط الوفاق الفلسطيني برفع الحصار جريمة جديدة يجب التأكيد عليها، فهل تفارق الدول العربية حالة السكوت على الحصار والسعي لكسره بكل السبل حتى لا تسأل أمام الله عن إبادة شعب كل ذنبه أنه يقول ربنا الله، وحتى لا تدور الأيام وتقع تحت طائلة أحكام القانون الدولي؟.