خبر 18 سنة ولازمة واحدة -هآرتس

الساعة 08:54 ص|25 مايو 2010

18 سنة ولازمة واحدة -هآرتس

بقلم: يوئيل ماركوس

 (المضمون: لا يفضي الحسم العسكري بالضرورة الى حسم سياسي فاسرائيل لم تحل مشكلاتها في 1967 برغم انتصارها اللامع على القوات العربية ولم تحل مشكلاتها ايضا في 1982 عندما طردت منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان - المصدر).

        سواء أكان صدفة أم لا، في اليوم الذي بدأ فيه تدريب استعداد الجبهة الداخلية "نقطة تحول 4" كانت قد انقضت عشر سنين منذ انسحاب اسرائيل المتسرع من لبنان، بعد 1216 قتيلا وطعم مر للفشل. حملت هذه الحرب البائسة اسماء كثيرة لكنهم سموها أكثر من كل شيء "حربا باطلة". وعدوا بعملية لـ 48 ساعة لكنهم بلغوا بيروت. طالت في تناسخاتها المختلفة مدةة 18 سنة.

        ان خريجي الثانويات الذين رشحوا للخدمة في لبنان، ألفوا أكثر أناشيد الحرب سخرية مما أسمع ذات مرة في حروب اسرائيل: "اهبطي الينا أيتها الطائرات الورقية، خذينا الى لبنان، لنحارب من أجل شارون ونعود في تابوت". جعل جنرالات تلك الفترة العملية القصيرة في ظاهر الأمر معركة طويلة. كان علة ذلك اغتيال سفيرنا في لندن شلومو ارغوف، على يد عميل لابي نضال. وعندما قالوا ان أبا نضال فضلا عن أنه غير محسوب مع منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت آنذاك في لبنان، لم يعمل من أجلها أيضا – وكان رد رئيس الاركان رفائيل ايتان في جلسة الحكومة: "أبو نضال أو أبو شميدال، يجب ضرب منظمة التحرير الفلسطينية".

        مع مرور الوقت أخذت الاصوات التي طلبت الخروج من لبنان تقوى. يذكر هذا بقصة رواها ذات مرة بنحاس سبير: وهي ان ابنه عاد في السبت الى البيت خفيت الصوت. قال انه لعب كرة القدم وكله بعضهم ركلة في وجهه. كان رد سبير: لم أسألك ما الذي جرحك بل لماذا كنت هناك ايضا. على نحو يشبه ما حدث لنا في "الرصاص المصبوب" اتهمونا آنذاك ايضا بالمجزرة في صبرا وشاتيلا التي ندد بها العالم كله. لم يجرؤ أي رئيس حكومة وأي رئيس اركان على اقتراح الخروج من لبنان، حتى عندما كان من الواضح أننا حصلنا على حزب الله بدل منظمة التحرير الفلسطينية.

        كان ايهود باراك رئيس الحكومة الوحيد الذي وهبت له قوى النفس كي لا نستعمل كلمة أكثر غوغائية، المطلوبة من أجل أن يفعل ما لم يجرؤ أحد من اسلافه كلهم على فعله – أي اخلاء لبنان ذات ليلة خلافا لرأي ضباط كبار فيهم رئيس الاركان شاؤول موفاز الذي زعم في أحاديث مغلقة أن الانسحاب المتسرع سيضر بقوة ردع اسرائيل.

        أتى باراك بالاقتراح لتجيزه الحكومة لينفذ من الفور في تلك الليلة. ان مشاهد الانسحاب، وترك جزء من محاربي جيش جنوبي لبنان وجزء من أدوات القتال لم تكن مطرية. ولن نتحدث عن أن الجانب الثاني من الجدار أصبح موقعا سياحيا اجتذب اليه كارهي اسرائيل على اختلافهم، ممن أتوا لرمي الجدار بالحجارة.

        ما زال مختلفا الى هذا اليوم في مغادرة الجيش الاسرائيلي الليلية. يقول معارضو هذا الاجراء: من الحقائق أن الخروج العاجل لم يمنع حرب لبنان الثانية التي أدخلت ساحتنا الأمنية تهديد الصواريخ البعيدة المدى حتى قلب الجبهة الداخلية.

        ما يزال اليمين المتطرف يرى الى هذا اليوم ذلك الهروب من لبنان مسؤولا عن استقواء حزب الله وتهديده لبطن اسرائيل الضعيف. لا يريد أحد أن يرى مرة أخرى قوافل الهاربين من مركز البلاد الى الجنوب. يوجد فلسطينيون يقولون انه سيأتي يوم قد يحدث فيه هرب مخيف من نوع الخروج من لبنان من المناطق أيضا. أتقولون ان هذا غير عملي؟ من الحقائق ان اريك شارون أخلى غوش قطيف.

        اذا فعل ذلك، كما بين، من أجل تنديد الشعب من حلم أرض اسرائيل الكاملة فانه لم ينجح في ذلك حقا بل العكس. فقد قوى حماس التي زادت اطلاق صواريخ القسام وجرتنا الى حرب أخرى، "الرصاص المصبوب"، التي أحدثت لنا ضررا في الصورة في العالم ولم تعجل بتسوية مع الفلسطينيين أيضا.

        الدرس المستخلص هو أن الحسم العسكري لا يفضي بالضرورة الى حسم سياسي. يعلمنا التاريخ أنه اذا لم يوجد حسم سياسي فان الحرب التالية تكون مكتوبة في الجدار. ان الحرب العالمية الاولى وقمع المانيا المهزومة ولدا الحرب العالمية الثانية. وكانت حرب الايام الستة من ناحية عسكرية حربا براقة لكنه مع عدم وجود تسوية سياسية ولدت حرب يوم الغفران.

        لم يحلم السادات باحتلال اسرائيل لكن كان له هدف سياسي. من حسن حظه وحظنا أنه وجد آنذاك في الادارة الامريكية أناسا مثل نيكسون وفورد وكيسنجر وضعوا حدا لحرب فيتنام وفتحوا نافذة على الصين الشعبية وصدعوا صدعا للسلام مع مصر. والاستنتاج: حتى لو كانت مرت 43 سنة منذ نصر الايام الستة، فليس متأخرا بعدا من جهة الحكومة الحالية، ولها الكثرة المطلوبة لذلك ايضا، ان تترجم ذلك النصر العسكري الى تسوية سياسية.