خبر المقدسي عدنان مراغة يدخل عامة الواحد و العشرين بالاسر

الساعة 08:34 ص|25 مايو 2010

المقدسي عدنان مراغة يدخل عامه الاعتقال الواحد و العشرين

 فلسطين اليوم: القدس المحتلة

"الاحتلال يسرق أبناءنا، ويأخذهم حيث يريد ولا يعيدهم، عشرون عاما مضت وصورة ابني عدنان لا تفارقني، ولا زلت حتى اليوم استيقظ من نومي قلقة عليه " بهذه العبارات بدأت الحاجة أم عثمان تصف حالة افتقادها لابنها الأسير المقدسي عدنان محمد عطا مراغة ) 41 عاما( الذي يفتح صباح اليوم عيناه سريعا ويجهز نفسه لمقابلة والديه عبر زجاج غرفة الزيارة في سجن جلبوع، ليعيش معهم أولى ساعات عامه الاعتقالي الواحد والعشرين الذي يخط سطرا جديدا في كتاب معاناة عائلة مراغة.

 

أم عثمان، الوالدة الصابرة التي ضعف بصرها، وأصيبت بمرضي السكري والضغط، لا زالت حتى اليوم تتنقل على بوابات السجون الإسرائيلية برفقة أهالي الأسرى للقاء أحبائهم لدقائق معدودة تحصى فيها أنفاسهم ونبضات قلوبهم، تتوجه هناك وهي أعلم الناس بمدى ألم الأم التي لم تحتضن ابنها منذ زمن. واحد وعشرون عاما وزعتها أم عثمان بين زيارة عدنان وشقيقه الأسير المحرر عثمان ) 43 عاما( وشقيقتهما الأسيرة المحررة سعاد ) 39 عاما(..

 

وتروي أم عثمان قصتها قائلة:" كان عندي أطفال صغار، وأثناء اعتقال ابنائي الثلاثة، كنت اتركهم لوحدهم من الساعة الخامسة فجرا لأتوجه لزيارة سعاد في سجن تلموند، وأسير مسافات طويلة لأصل إلى نقطة تجمع حافلات الصليب الأحمر التي تنقلنا للسجون، ومساءً أعود في وقت متأخر، منهكة من مشاق السفر وأوضاع السجون التعيسة، وأحاول اطعام أطفالي ما أستطيع تحضيره بشكل سريع. وتتكرر القصة في الأسبوع التالي بنفس التفاصيل ولكن إلى وجهة أخرى، إما لزيارة عثمان في سجن عسقلان أو لزيارة عدنان في سجن بئر السبع، وبذلك اصبحت اعرف الايام من تواريخ الزيارات، وكل تفاصيل حياتي ترتبط بمواعيدها.ورغم كل سنوات العذاب، لا زالت تتذكر أنها وأثناء اعتقال أولادها، وعندما كانوا يحتجزونهم في مركز تحقيق المسكوبية بالقدس، كانت تذهب هناك أكثر من مرة في اليوم الواحد، محاولة رؤيتهم وادخال طعام لهم كي لا يبقوا جائعين، لدرجة أنها في إحدى المرات بقيت جالسة عند الباب من الساعة العاشرة صباحا حتى الخامسة مساء لترى ابنها عثمان  وتوفر الكانتينا  له قبل إعادته إلى سجنه".

 

عدنان الذي عاش حقيقة الوطن المسلوب منذ أن كان جنينا في رحم أمه، إذ كانت تزور أخيها الأسير في سجن الرملة وهي تحمله في أحشائها، اعتقل بتاريخ 22 - 5- 1990 بعد أن تمت مطاردته لمدة عام ونصف، وتعرض أثناء التحقيق معه في الزنازين الاسرائيلية للتعذيب الشديد الذي استمر لشهرين. وتوضح والدته حالته بعدما تمكنوا من رؤيته قائلة: عندما رأيناه لأول مرة في المحكمة، كان وضعه مزريا، شعره طويل، ملابسه متسخة، يلتقي والديه في أول أيام عامه الاعتقالي الواحد والعشرين والدة الأسير المقدسي مراغة: لم تكتمل فرحتي يوما وأشتاق لاحتضان عدنان قبل مماتي وعلامات القيود ظاهرة على يديه ورجليه.

 

ووجهت لعدنان تهمة الانتماء للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والمشاركة في عدد من العمليات الفدائية ضد الاحتلال، وصدر بحقه حكما يقضي بسجنه مؤبدا و 18 عاما، وبعد مرور 10أعوام على اعتقاله، تم تحديد حكمه بالسجن لمدة 45 عاما.

 

ولم يمنع القيد حلم عدنان من التحول لحقيقة، ولم يوقف طموحه، فعمل على إكمال دراسته داخل السجن وحصل على شهادة الثانوية العامة، وهو حاليا يواصل دراسته للحصول على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية  من الجامعة العبرية المفتوحة.

 

وكانت الأسيرة المحررة سعاد قد سبقت شقيقها عدنان في طريق النضال، فاعتقلت لمدة 3 أعوام و 7 اشهر غير متواصلة، بتهمة المشاركة في مظاهرات شعبية ورمي حجارة، وكانت السلطات الاسرائيلية تضغط عليها أثناء اعتقالها وتهددها بحجزها في الزنازين لترشدهم إلى مكان اختباء عدنان.

 

أما الشقيق الأكبر الأسير المحرر عثمان، فأفرج عنه عام 2008 بعد قضائه 17 عاما من مدة محكوميته البالغة 27 عاما، والذي كان قد اعتقل في 15 - 2- 1989 بتهمة الانتماء للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والضلوع في عمليات فدائية، وقد قضى الشقيقان عثمان وعدنان 13 عاما سويا متنقلين بين سجون عسقلان، نفحة والرملة.

 

الحاج أبو عثمان الذي تزين وجهه بمشاعر الفخر بأبنائه، وأظهرت عيناه مدى شوقه للقاء عدنان قال : منذ واحد وعشرين عاما لم نحتفل بعيدي الفطر والأضحى، ولم نكن نعد طعاما خاصا به كما هو متعارف عليه، فكيف نفرح وأبنائي يعيشون الغربة في وطنهم، محتجزين في أصعب الظروف وأقساها. في الأعياد كنا نتوجه لزيارة أبنائي، وكان عيدنا يبدأ عندما نراهم وينتهي بانتهاء زيارتنا لهم، وحتى فرحة الإفراج عن سعاد وعدنان لم تكن كاملة.

 

وتضيف أم عثمان: تزوج أبنائي وبناتي جميعا، ولم أحس بفرحة كل أم تزوج أبناءها، فرحتي منقوصة، ولا يكملها إلا الإفراج عن عدنان والاحتفال بزفافه ورؤية أبنائه يلعبون هنا في بيتي الذي اشتاقت حجارته لهمسات عدنان.

 

وأشار أبو عثمان إلى أن ما يعد من أصعب الأمور هو أن لا يرى عدنان أيا من أبناء أشقائه وشقيقاته، أو حتى أزواج شقيقاته وزوجات أشقائه، فهو يعرفهم عبر الصور فقط، إذ انه هو ووالدته وأشقاءه فقط المسموح لهم بزيارته، مع العلم أن شقيقه عثمان ممنوع من الزيارة وشقيقته سعاد كانت ممنوعة أيضا ولكن مجددا سمح لها بذلك.

 

أجواء الخيبة التي عايش أفراد العائلة مرراتها  طول السنوات الماضية، جعلتهم يشككون بمصداقية أية عملية تبادل أسرى.

 

ويقول أبو عثمان: في اتفاقية أوسلو نسي المفاوض الفلسطيني قضية أسرى القدس والداخل والجولان الذين يعانون داخل السجون الإسرائيلية، وحتى اللحظة هم يدفعون ثمن ذلك غاليا، وما زالوا يعانون من استثنائهم من كافة الافراجات وصفقات التبادل وحسن النوايا التي تجري.

 

الحاجة أم عثمان التي لم يغفل لسانها لحظة عن الدعاء لحرية ابنها عدنان وبقية الأسرى، تواجه اليأس بالصبر، والخوف بالأمل وتقول:  الصفقة الحالية هي السبيل الوحيد لتحرر أسرى القدس، أتمنى أن يعود ابني قريبا لأعيش معه ما تبقى من عمري، وأن تفرح كل أم بعودة ابنها وكل زوجة بعودة زوجها، وان يعود الأسرى الآباء إلى أبنائهم.