خبر قطيعة فلسطينية: ماذا كنتم تفعلون..يديعوت

الساعة 08:50 ص|21 مايو 2010

بقلم: شاؤول روزنفيلد

محاضر في الفلسفة

                لو أن غريبا أتى منطقتنا لاصبح مقتنعا بان قرار السلطة الفلسطينية على مقاطعة منتوجات المستوطنات يلائم على نحو عجيب القول المأثور الانجليزي: قطع الانف نكاية بالوجه. لان قادة الاقتصاد الفلسطيني الذي يعتمد في أصغر دقائقه على مائدة اسرائيل، كان يفترض أن يدركوا ان عطاسا اقتصاديا طفيفا لجارتهم الكبيرة من الغرب قد يحدث ربوا عاما في مناطقهم. ان اللعب بنار المقاطعة يمكن أن يعمل باتجاهين، وتكفي عملية مجازاة اقتصادية واحدة من كثيرات ممكنات منا كأن لا ندخل اسرائيل أكثر من مائة الف عامل فلسطيني لتقلب وضع الاقتصاد الفلسطيني، الذي يبدي دلائل انتعاش لطيفة في السنة الاخيرة. "نستطيع ان ندير هذه المعركة الاقتصادية"، قال حاكم القدس في السلطة الفلسطينية، عدنان الحسيني. وفي الحقيقة يستطيع الشركاء ذلك بل لهم الحق في فعل ذلك، كما يحل لاسرائيل بالضبط ان تراكم غير قليل من الصعاب على التصدير والاستيراد الفلسطينيين؛ أو ان تشجع مصانع المستوطنات "على ارسال الخمسة والعشرين الف عامل فلسطيني" الذين يعملون فيها الى بيوتهم؛ او ان تحظر على ارباب العمل الاسرائيليين كلهم استعمال عمال من يهودا والسامرة؛ او أن تمتنع من شراء انتاج فلسطيني؛ أو أن تراكم صعابا بيروقراطية وغيرها على نقل مواد خام وتقنية اسرائيلية بل أن تفرض القيود والحظر على تحويل الاموال غير المنقطع من دول الخليج الى السلطة. يعلم رئيس الحكومة الفلسطيني، سلام فياض، الذي قد يكون أعلم من جميع زملائه في القيادة الفلسطينية بالحاجة الشديدة الى رفع مستوى عيش رعاياه، ولا سيما من أجل تعزيز سلطته ازاء حماس، يعلم حقيقة ان كل خطوة من الخطوات المذكورة آنفا تستطيع ارجاع الاقتصاد الفلسطيني سنين الى الوراء. فما الذي يجعل الخبير الاقتصادي فياضا يجعل في رأس فرحه الان فكرة القطيعة، برغم محادثات التقارب وبرغم علمه بالاضطراب المحتمل الذي قد يحدثه رد اسرائيلي مناسب للاقتصاد الفلسطيني؟

        قد يكون هذا جزءا من رد فياض على اقتراح وزير امننا ايهود باراك الذي يفترض أن يصرح بعطفة نبيلة تدفىء القلب في هذه الايام لجورج ميتشل عن اخلاء اراضي مستوطنين من اجل شارع يربط رام الله بالمدينة الفلسطينية روابي التي يفترض أن يسكنها أكثر من مائة الف ساكن عندما تصبح كبيرة. وقد يكمن بعض التفسير في حقيقة أن فياضا ورفاقه يعلمون انه لا يوجد زفت وريش يمكن ان يصبغ بهما المستوطنات والمستوطنين من غير أن يحظوا بتشجيع وتأييد ومشايعة من رؤساء امريكيين ما وغير قليل من الاسرائيليين الذين يؤمنون من أعمال قلوبهم أن تسعة اعشار الفساد والظلم ومنع السلام أتى من المستوطنات.

        وربما مع كل ذلك يوجد اساس التفسير خاصة في قراءة فاسدة من أساسها من اسرائيل لسقف خسارة الفلسطينيين وسقوطهم والتي يصحبها بطبيعة الامر عدم استعداد اكثر حكومات اسرائيل لتسعير ملائم لكل تحرش وتحد وتكسير أدوات من الفلسطينيين. على سبيل المثال، في 1993 عندما طلب الى شمعون بيرس ان يبين ما الذي يجعله يقدر بان الفلسطينيين سيفون بالاتفاقات التي وقعت معهم في اوسلو، زعم بانهم "يعلمون جيدا بانه يوجد ما يخسرون".

        كان في منطق بيرس في ظاهر الامر حقيقة كبيرة وان كان الى جانبها ايضا حقائق ثعلبية عملية وصغيرة دحضتها مرة بعد اخرى. كان للفلسطينيين في الحقيقة ما يخسرون، بيد أن اسرائيل في الاكثر لم تدرك ما هي الخسارة التي يرونها غير محتملة، الى أن بيرس وبيلين والرفاق أيضا ما كانوا مستعدين للتوصل معهم الى تصفية حساب، ولا سيما ان تصفية حساب كهذه كانت تكون بمنزلة شهادة حاسمة على اخفاق الاتفاقات المدوي. ان السعر البخس الذي جبته حكومات رابين وبيرس من الفلسطينيين لم يثر في الشركاء اكثر من ضحكمة صغيرة ممزوجة بادراك ان وسائل رد الاسرائيليين تتلخص على التقريب برد ضعيف مع الغمز احيانا. ان مبدأ نتنياهو "اذا اعطوا فسيأخذون" في ولايته الاولى لرئاسة الحكومة، عملية "السور الواقي" لحكومة شارون في 2002 – أضعفا شيئا ما ايمان الفلسطينيين بان تحطيم الادوات الاسرائيلي ليس جزءا من جملة ردودها الممكنة. بيد أنه مثل كل مكان أهوج على الارض، يجب ان تحلق العقوبة المحتملة المؤلمة طوال الوقت فوق رؤوس العصاة. وكما ان عددا من حكومات اسرائيل منذ اوسلو قد احتوت نقض الفلسطينيين المكرر للاتفاقات، تبدو حكومة نتنياهو الان ايضا مثل جهة تمتاز بعجز كبير في كل ما يتعلق بوقف سمكة الاقتصاد الفلسطيني الفاسدة عند مكانها، وبقدر كبير تغرس فيهم "الشعور" بانه لا يوجد ما يخسرونه.

        وعلى ذلك كل ما يجب ان يقرره نتنياهو الان هل تجرى لفياض والحسيني خطة فطام عاجلة عن الشعور الجديد – القديم بان اسرائيل تتبنى مرة اخرى احتواء النزوانية والتحريضات ونقضهم للاتفاقات او انه ما يزال هو ووزراؤه يجارون طريقة المراحل الفلسطينية.