خبر لماذا تفرض إسرائيل عقوبات على جثث الشهداء؟

الساعة 05:19 ص|21 مايو 2010

لماذا تفرض إسرائيل عقوبات على جثث الشهداء؟

فلسطين اليوم-القدس العربي

شارك النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، في مهرجان القوى الوطنية، في قرية عارورة قضاء رام الله، في اطار الحملة الوطنية من اجل تحرير جثامين الشهداء الذين تحتجزهم قوات الاحتلال الاسرائيلي منذ عشرات السنوات، واكد بركة في كلمته ان هذا النهج يعكس مدى القباحة والانحطاط الخلقي عند الاحتلال.

وشارك في المهرجان عدد من قيادات فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وتزامن موعد انعقاد المهرجان، بالذكرى الـ 34 للعملية التي سقط فيها مشهور طلب العاروري ابن القرية، وهو من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وما تزال قوات الاحتلال تحتجز جثمانه، رغم صدور قرارين للمحكمة العليا الاسرائيلية بتسليم الجثمان الى عائلته، التي كانت حاضرة في المهرجان، وفي مقدمة افراد العائلة والدا الشهيد، وهما في سن متقدم، تجاوزا الثمانين ، وكل ما يتمنونه هو ان يزفوا ابنهم شهيدا ليوارى الثرى بموجب الشريعة والتقاليد.

وكانت الكلمة للنائب محمد بركة، فقال ان قباحة الاحتلال وشراسته نراها ايضا في هذه القضية، فالاحتلال ينتقم من الشهداء حتى بعد ان فقدوا حياتهم، ويختار ان ينتقم من جثامينهم، وينكل بعائلاتهم بمنعها من القيام بواجبها تجاه فلذات اكبادها، وقال ان هذا الاحتلال يحتجز كل شيء انساني طالما انه يعترض معه، فهو الاحتلال ذاته الذي منع مفكرا مثل ناعوم تشومسكي من دخول الضفة الغربية لانه يصرخ في وجه الاحتلال، وهو الذي منع ممثلا اسبانيا من الوصول الى رام الله، لانه مناهض للاحتلال، هذا احتلال منحط اخلاقيا.

وتابع بركة قائلا ان الشهداء الآن في مقابر الارقام، فعلى كل قبر لوحة تحمل رقما، دون اي اسم للشهيد، والشهداء ليسوا فلسطينيين فقط، بل ايضا هناك شهداء عرب ويجب ان يكونوا ضمن الاحصائيات التي نتداولها، وان نطالب بتحرير جثامينهم هم ايضا. وطالب شقيق الشهيد شاهر العاروري، بالعمل لكافة المؤسسات الحقوقية الدولية للضغط على اسرائيل، لان احتجاز جثامين الشهداء يعتبر وفق اعتراف القضاء الاسرائيلي قضية غير اخلاقية، داعيا الى العمل على انهاء الانقسام بسرعة.

على صلة بما سلف، ربما تكون اسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي تفرض عقوبات على الجثث، حيث انها تحتجز اعدادا غير معروفة من جثث الشهداء الفلسطينيين والعرب الذين استشهدوا في مراحل مختلفة من الكفاح الوطني. واقامت اسرائيل لهذه الغاية مقابر سرية عرفت باسم مقابر الارقام، حيث كشف النقاب عن اربع مقابر كهذه، فضلا عن احتجاز جثث اخرى في ثلاجات. المقابر السرية عبارة عن مدافن بسيطة، محاطة بالحجارة بدون شواهد، ومثبت فوق القبر لوحة معدنية تحمل رقما معينا، ولهذا سميت بمقابر الارقام لانها تتخذ الارقام بديلا لاسماء الشهداء. ولكل رقم ملف خاص تحتفظ به الجهة الامنية المسؤولة، ويشمل المعلومات والبيانات الخاصة بكل شهيد.

وقد كشفت مصادر صحافيّة اسرائيلية واجنبية في السنوات الاخيرة معلومات عن اربع مقابر ارقام هي: مقبرة الارقام المجاورة لجسر 'بنات يعقوب' وتقع في منطقة عسكرية عند ملتقى الحدود الاسرائيلية ـ السورية ـ اللبنانية، وتفيد بعض المصادر عن وجود ما يقرب من 500 قبر فيها لشهداء فلسطينيين ولبنانيين غالبيتهم ممن سقطوا في حرب 1982، وما بعد ذلك. مقبرة الارقام الواقعة في المنطقة العسكرية المغلقة بين مدينة اريحا وجسر دامية في غور الاردن، وهي محاطة بجدار، فيه بوابة حديدية معلق فوقها لافتة كبيرة كتب عليها بالعبرية 'مقبرة لضحايا العدو' ويوجد فيها اكثر من مائة قبر.

وتحمل هذه القبور ارقاما من '5003 ـ 5107' (ولا يعرف ان كانت هذه الارقام تسلسلية لقبور في مقابر اخرى ام كما تدعي اسرائيل بانها مجرد اشارات ورموز ادارية لا تعكس العدد الحقيقي للجثث المحتجزة في مقابر اخرى).

مقبرة 'ريفيديم' وتقع في غور الاردن، ومقبرة 'شحيطة' وتقع في قرية وادي الحمام شمال مدينة طبريا الواقعة بين جبل اربيل وبحيرة طبريا. غالبية الجثامين فيها لشهداء معارك منطقة الاغوار بين عامي 1965 ـ 1975. وفي الجهة الشمالية من هذه المقبرة ينتشر نحو 30 من الاضرحة في صفين طويلين، فيما ينتشر في وسطها نحو 20 ضريحا، ومما يثير المشاعر كون هذه المقابر عبارة عن مدافن رملية قليلة العمق، ما يعرضها للانجراف، فتظهر الجثامين منها، لتصبح عرضة لنهش الكلاب الضالة والوحوش الضارة. وغنيٌ عن القول انّ مقابر الارقام هي اهانة لانسانية الانسان، في حياته وبعد موته.