خبر لماذا منتجات المستوطنات وحدها؟! ..عبد الله الشاعر

الساعة 10:35 ص|20 مايو 2010

لماذا منتجات المستوطنات وحدها؟! ..عبد الله الشاعر

 

ثمّة حملة في الضفة الغربية لمقاطعة البضائع والمنتجات التي تصل من المستوطنات وذاك شيء جيد ولا شك وسيعود على الاقتصاد الفلسطيني بالخير الكثير...

 

 لكن ثمة سؤال بدهي لماذا منتجات المستوطنات وحدها والسوق الفلسطينية عامرة بما لذّ وطاب وبما فسد وخبث من منتجات دولة الكيان، تلك المنتجات التي نهبت جيوب الناس وجعلت من التعلق بالكيان والارتباط ( بخيراته ) مسألة حياة أو موت، كما عززت النظرة للمنتج الفلسطيني بعين الازدراء والدونية!.

 

صحيح أن نسبة لا يستهان بها من المنتجات الفلسطينية لا تطاق، والغش يشكل ابرز ملامحها، لكن محاربة هذا الكيان يتطلب عدم تنشئة أطفالنا وإرضاعهم صغارا حليب "تنوفا" حتى غدو يميلون عاطفيا تجاه الأم المرضعة أكثر من الأم التي حملتهم في الاحشاء وذاقت الأمرّين قبل أن يروا النور.

 

المشكلة أننا لا نحارب منتجات المستوطنات من منطلق البدء في مشروع الاستقلال الاقتصادي، وتلك محرمات لا تبيحها اتفاقية "أوسلو"، ولا تسمح حتى بزيادة كمية "البرغل" المستورد ولا حتى البصل أو الفجل، فالسلطة طوقت عنقها باتفاقيات اقتصادية تجعل من مقاطعة المنتج القادم من المستوطنات أمراً شكليا لا يتعدى محاولة تنفيس وخطوة عرجاء في زمن السباق الاستيطاني الذي يبتلع الأرض ويغير المعالم ويفرض واقعا تصبح معه المقاطعة اضعف الأسلحة واقلها تأثيرا.

 

كيف للمواطن الفلسطيني أن يثق بهذه الحملة والمستوطنات وأبو أبو المستوطنات هم سلالة هذا الكيان ونسله الذي جاءنا من صلبه وجرمه ... وإذا كان الأمر كذلك وهو كذلك وزيادة، فلماذا يصر الساسة الفلسطينيون على مفاوضته وهم  أمام أية لحظة (زعل) يتحدثون عن صلفه وعبثية التفاوض معه.

 

كيف لنا أن لا نفهم أن هذه المقاطعة مع أهميتها وضرورتها للفلسطيني ليست أكثر من ذر للعنتريات في الوعي الشعبي خدمة للمشروع التفاوضي الذي نذر نفسه وأعصابه للقاءات السرية والعلنية إلى أن ترث الدبابات الإسرائيلية مجدها وتعيد انتشارها أمام المقاطعات وعلى أنقاض المنازل وفوق أضلاع الفلسطينيين...

 

إنني لا أقلل من أهمية محاربة منتجات المستوطنات، لكنني اشكك في جدواها في ظل الارتهان لسياسة هذا الكيان ولاقتصاده الذي يشكل اقتصاد المستوطنات جزءاً متواضعاً منه ليس إلا.

 

اشكك في صدقية هذا التوجه في ظل الإصرار على غمر السوق الفلسطينية بكل منتجات (إسرائيل) السياسية والاقتصادية والأمنية، وتحويل كل مفاهيم المقاومة الحقيقية إلى "خردة" أن الأوان  للتخلص منها.

 

ربما يقول قائل إن المعطيات عن المنتجات القادمة من المستوطنات مذهلة وهذا صحيح، ونزيد على قوله جملة من الحقائق ليس اقلها أن بعض شركات التموين العاملة في المستوطنات تقوم بوضع صورة مسجد قبة الصخرة على عبوات التمر التي يجري شحنها إلى تركيا ودول أوروبية، ويتم تغليفها بعبوات تحت اسم (تمور الحرمين) لتبدو وكأنها منتج فلسطيني أن حجم المبيعات من منتجات المستوطنات بمنتجات وطنية فإننا سنوفر خمسين ألف فرصة عمل جديدة لأبناء شعبنا.

 

إن 46% من الدخل السنوي للمستوطنات يساهم به الفلسطينيون من خلال شرائهم لمنتجات المستوطنات!!.

 

وإذا ما نظرنا في الخريطة الجغرافية والمشاكل المائية فلا بد أن نشير إلى أن المستوطنين المقيمين في منطقة الأغوار وعددهم (9600) مستوطنا يستهلكون وحدهم ربع كمية المياه التي يستخدمها سكان الضفة الغربية كافة والبالغ عددهم قرابة 25 مليون نسمة!

 

أما عن الأراضي فقد تم تخصيص ما يقارب تسعين ألف دونم من أراضي فلسطين المحتلة للقطاع الزراعي في المستوطنات، ولو نظرنا في مساحة الأراضي لذهلنا من حالة واحدة ومثلها الكثير، فعلى سبيل المثال تبلغ مساحة الأراضي المقامة عليها مستوطنة (معاليم ادوميم) خمسين كيلو متر مربع وهي المساحة التي تقارب مساحة "تل أبيب".

 

إن في المستوطنات معامل ومصانع عديدة، فعلى سبيل المثال لا الحصر يوجد في مستوطنة بركان المقامة على أراضي "سلفيت" أكثر من ألفي مصنع منتج، كما انه يوجد أربع مستوطنات صناعية كبرى هي "أرئيل وعطروت وميشور ادوميم وبركان" بالإضافة إلى ما يقارب خمسة عشرة منطقة صناعية ذات مساحة أكبر.

 

أقول هذا لأؤكد خطورة المستوطنات وضرورة مقاومتها لكن لا بد من التساؤل عن معطيات الكيان نفسه وعلى أكثر من صعيد لا سيما وهو كيان مشيد على ثروات ودماء هذا الشعب وتاريخه وحضارته فهل مثل هذا يحتاج إلى أن يكون شريكا أو بالأحرى أن يقبل بناء شركاء؟!

 

إن الغيرة على هذا الوطن وأهله يجب لا يكون انتقائيا ومزاجيا لأننا ببساطة لا نريد لأحد أن يضحك على ذقوننا!!.