خبر فصل هام في التاريخ- يديعوت

الساعة 09:39 ص|20 مايو 2010

فصل هام في التاريخ- يديعوت

بقلم: عوفر شيلح

 (المضمون: في اسرائيل نعلم التاريخ وكأن كل العالم يختصر بمأساة اليهود. وهكذا يسهل على الدولة ان تقنع مواطنيها بسياستها مهما كانت منقطعة عن العدالة - المصدر).

 

الى جانب الانجليزية، التاريخ هو في نظري الموضوع الاهم الذي يعلم في المدارس. مع كل الاحترام للرياضيات، وأنا جد احب الرياضيات فهي ليست حقا قابلة للاستخدام في الحياة. وعي التلميذ، بالمقابل، يقرر حياته. واذا كان لديكم اطفال يتعلمون لامتحانات البجروت في التاريخ التي ستجرى في الصيف فخذوا لحكم لحظة لتطلعوا فيها على كتب التعليم التي يدرسونها. او اذهبوا الى الانترنت، وادخلوا هناك الى اسئلة الامتحانات الاخيرة، في بجروت شتاء 2010 مثلا. كل ما تريدون ان تعرفوه عن الوعي الاسرائيلي بالضحية، المنطوية على ذاتها والمتقلصة حتى نقطة، يوجد هناك.

        امتحانان الزاميان في التاريخ عقدا في الشتاء الماضي: الاول (القسم أ) كرس كله لشؤون اليهود. وظهرت فيه أسئلة هامة عن هرتسل، تصريح بلفور، الكتاب الابيض والتمرد العربي الكبير.  قسم كبير على نحو خاص عني باللاسامية وكراهية اليهود. ومشوق أكثر هو امتحان القسم ب، الذي تظهر فيه ايضا اسئلة عما درج ذات مرة على وصفه بانه "التاريخ العام". لمعظم الدول المذكورة فيه – الاتحاد السوفييتي، بولندا، فرنسا والولايات المتحدة – مكرسة أربعة اسئلة، اثنان عامان واثنان في شؤون اليهود. ما يفترض بابنكم ان يعرفه عن القوة العظمى الرائدة في القرن العشرين، مثلا، يختصر بسؤال "هل تحققت توقعات المهاجرين اليهود الى الولايات المتحدة بتغيير مستقبل ابنائهم". وعند الوصول الى المانيا او الى شمال افريقيا، فان تاريخهما العام يختفي تماما تقريبا والقصة هي فقط عنا وعن الظلم الذي احيق بنا هناك. ليس للمغرب تاريخ، بالطبع، غير موقفها من اليهود. ليس لالمانيا وجود الا في وعي الكارثة. تاريخ دولة اسرائيل يظهر في خمسة اسئلة فقط من اصل 21.

        الطالب الاسرائيلي، حسب هذا الامتحان، يفترض أن يعرف كل شيء عن الفارق بين اليهود القدامى والجدد في فرنسا في الثلاثينيات، ولكن عن حرب يوم الغفران يُسأل سؤالا عاما على نمط "اعرض سببين لاندلاعها". كل شيء حصل بعد 75 ليس موجودا أو ذا صلة.

        يمكنني أن اواصل، ولكن من المعقول ان تكونوا فهمتهم. في التاريخ الذي يدرس في جهاز التعليم في اسرائيل اليهود هم شعب يعيش بمفرده تقريبا، مطارد ومكروه، الاحداث التاريخية الكبرى التي لم تحصل لنا ليست موجودة على الاطلاق، الا عبر المنشور اليهودي – وهذا هو دوما تقريبا منشور الضحية.

        الفكاهي الامريكي جاكي مايسون أجمل ذات مرة كل الاعياد اليهودية بكلمات "حاولوا قتلنا. نجونا. والان الى الطعام". تعليم التاريخ في المدارس يبدو ذات الشيء، ولكن بدون الطعام.

        اضيفوا الى ذلك الانشغال الحثيث بالكارثة، الذي يبدأ في روضة الاطفال وينتهي بالرحلة الاعتبارية لبولندا، لتحصلوا على تلاميذ ليس فقط عالمهم ضيق ومليء بالمضطهدين، بل وايضا التاريخ الاسرائيلي نفسه مشطوب منه. افحصوا اطفالكم: ما يعرفوه عن حرب لبنان الاولى او عن يوم الغفران سيصدمه. 

        ثمة للمنهاج التعليمي هذا اسباب تاريخية وسياسية، ولكن يجدر التركيز على المنفعة التي فيه لمن يمسك بالمقود: لمواطنين كهؤلاء سهل أكثر بيعهم التهديد الوجودي المتواصل، التبرير التلقائي لكل فعل بالقوة، كراهية الاجانب – كل ما تستند اليه اجزاء واسعة ومتزايدة من أفعال الحكم الاسرائيلي. من الاسهل ان نروي لهم اننا الدولة الاكثر اخلاقية في العالم (وليس فقط الجيش الاكثر اخلاقية في العالم، بالطبع). وان من ينتقدنا يفعل ذلك لانه لاسامي، وليس لان لديه مشكلة مع هذه السياسة أو تلك. من الاسهل أن نشرح لهم بانه لا توجد حلول للنزاعات، وان من يعتقد خلال ذلك يكون خائنا. باختصار، انظروا الى ما يحصل حولكم، في الاجواء العامة وفي وسائل الاعلام، لتفهموا بان كل شيء يبدأ بتعليم التاريخ.