خبر مفاتيح العودة .. أمانة ثقيلة يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد

الساعة 05:28 ص|19 مايو 2010

مفاتيح العودة .. أمانة ثقيلة يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد

فلسطين اليوم : وكالات

لم تكتفِ أم رياض بالحفاظ على مفتاح منزل والديها في بلدة لفتا المهجرة قضاء القدس المحتلة، بل أجلسته على الكوفية الفلسطينية، ووضعتهما معاً يرافقهما العلم الفلسطيني في إطارٍ خشبي، واحتضنته كما تحتضن الأم ولدها.

وترفع أم رياض اللفتاوية، ابنة السبعة وخمسين عاما، علامة النصر، وتمسك بمفتاح بيت والدها بعزم كبير، وتقول: "المفتاح غالي عليّ كثير كثير، حطوه أهلي أمانة برقبتي، عشان أحافظ على المطالبة بحق العودة، ونظل عايشين على أمل الرجوع للبلاد".

ورغم أنها ولدت في أريحا، بعد خمس سنوات على الخروج من بلدتها، إلا أنها تصفها وكأنها عاشت فيها، فتتحدث عن الدالية، وأشجار الزيتون، والعادات والتقاليد، و"الفزعة" و"العونة"، وترفع مفتاحها وتقول، "سنعود".

وأضافت إنها لم تحتفظ فقط بالمفتاح، بل بأثواب والدتها المطرزة، وبكوفية والدها التي كانت تعانق تراب الأرض، قائلةً: "احتفظ للآن بأثواب أمي، كان تطريزها حلو، وبحطة أبوي، وبحسها لليوم بتحكي، وبتفوح منها ريحة البلاد".

وأشارت أم رياض، إلى أنها ستبقى محافظة على المفتاح وعلى حق العودة، وستنقله إلى أبنائها وأحفادها حتى تحقيقها، مشيرةًً إلى أنها تنقل لهم يوميا ما ورثته عن أبويها من حكايا وقصص، ليعيشوا في قلب النكبة، ويتذوقوا معاناتها، حتى لا ينسوها أبدا.

ومثلما فعلت أم رياض، كانت أم نبيل أبو عيّاش، ترفع مفتاح العودة إلى السماء، وتطيّر عبره آلاف الأماني بالعودة إلى بلدتها المجدل، التي زارتها لمرة واحدة قبل أربعة وعشرين عاما، على أمل العودة والإقامة فيها.

ولفتت إلى أنه رغم أنها ولدت في غزة بعد أن هاجر أهلها بثلاث سنوات، إلى أنها تنتمي إلى المكان الذي عاشوا فيه هناك في المجدل، رغم أن اليهود هدموا أجزاء كبيرة من البلدة بما فيها بيت والدها.

وتقول: "اليهود هدموا كل البلد، حملت المفتاح ورحت هناك، بس كان بيتنا مهدوم، كلشي فيها متغير، مش مثل ما كان أهلي يحكولي، بس مع هيك رح أحافظ على المفتاح، وإذا متت رح أعطيه لولادي".

وأشارت أم نبيل إلى أن أبناءها وأحفادها عاشوا وتربوا على ثقافة النكبة، فوالدهم أيضا لاجئ من اللد، قائلةً: "سيحمل أبنائي وأحفادي مفاتيح بيوت أجدادهم، في المجدل، وفي اللد، وسيعودون إلى هناك، إن لم يكتب لنا نحنُ العودة".

ولم يقتصر احتفاظ أبو علي من بلدة بيت جيز قضاء الرملة، بمفتاح العودة فقط، بل احتفظ أيضا بكل ما استطاع والده الخروج به من البلدة، ونقله معه إلى مخيم قلنديا قضاء القدس، على أمل أن يحملها يوما، ويعيدها إلى مكانها في بيت والده.

وأشار إلى أنه ولد بعد النكبة بثلاث سنوات، وحمل أمانة العودة من والديه، فاحتضن تراب بيت جيز وحكاياتها، وبات اليوم، وهو على أبواب الستين من العمر، يُحملها لأبنائه وأحفاده، حتى يحافظوا على ما بدأه أجدادهم وأكمله آبائهم، وهو النضال لأجل العودة.