خبر قاهرة السعدي وأحلام التميمي.. تسع سنوات في الأسر ..ياسر الزعاترة

الساعة 04:37 م|18 مايو 2010

قاهرة السعدي وأحلام التميمي.. تسع سنوات في الأسر ..ياسر الزعاترة

قبل أيام دخلت الأسيرة البطلة قاهرة السعدي عامها التاسع في الأسر، لكنها لم تفقد الأمل بالتحرير، وقبل ذلك الأمل بالله عز وجل بأن يخلفها في أبنائها خيراً، بعدما حرمت منهم جراء الأسر الذي نتج عن قرارها الطوعي بالالتحاق ببرنامج المقاومة للاحتلال.

 

قاهرة السعدي، تلك الفتاة التي عاشت اليتم منذ طفولتها لم تعرف الذل ولا الهوان، بل تعلمت في مدرسة فلسطين والإسلام كيف تتحدى القتلة وتثخن فيهم، وكيف تمضي في طريق الجهاد غير عابئة بالتبعات الثقيلة لذلك.

 

تزوجت وهي في الرابعة عشرة من عمرها، وأنجبت وهي في الخامسة عشرة (ماذا يقول جماعة سيداو في هذه الحالة؟)، وما هي سوى سنوات منذ زواجها عام 90 حتى أنجبت أربعة من الأبناء (ساندي، محمد، رأفت، دنيا).

 

من مواليد مخيم جنين عام 1976، وقد اعتقلت في 7/5/2002، بعدما خاضت معركة البطولة والشرف (معركة مخيم جنين وما بعدها)، منضوية في صفوف حركة الجهاد الإسلامي، فكانت لها مساهمتها العديدة في التجنيد وتهريب الأسلحة وحماية المجاهدين وتوصيل الاستشهاديين.

 

لم يثنها الصغار، صغارها عن خوض معركة البطولة والشرف، بينما سبقها زوجها إلى ذات المضمار، وها هي تقدم المزيد من البطولة في معركة الصمود ضد الجلاد مع أخواتها في سجون الاحتلال، هي التي حكمت بثلاثة مؤبدات، زائد ثلاثين عاماً.

 

في السجن، تتحدى قاهرة وأخواتها الجلاد، بل إنهن ما برحن يذكرنه كل يوم بأن على هذه الأرض شعباً عظيماً لن يذل ولن يهون، وأن سبيله الحقيقي هو سبيل الجهاد والمقاومة، لا سبيل التفاوض الذليل الذي يديره من ينتظرون إذن الاحتلال كي يتحركوا من قرية إلى قرية.

 

قبل شهور أيضاً دخلت الأسيرة البطلة أحلام التميمي عامها التاسع في الأسر، وهي في شهر أيلول المقبل تكمل عامها العاشر، حيث اعتقلت نهاية أيلول من العام 2001.

 

أحلام (مواليد عام 80) هي صاحبة الحكم الأعلى بين النساء الفلسطينيات في تاريخ الاحتلال، حيث حكم عليها بالسجن المؤبد 16 مرة، وذلك بعد اتهامها بترتيب وصول الاستشهادي عز الدين المصري الذي أسفرت عمليته عن مقتل 16 إسرائيلياً، وعندما نطقوا بالحكم ابتسمت أحلام وقالت للقتلة الذين يرتدون ثوب القضاة ولكل أعوانهم في المحكمة "إن 16 قتيلاً هو عدد قليل نسبياً مقارنة بالعدد الكبير ممن قتلتموهم.. وسأشاهدكم وأنتم في جهنم، إن شاء الله إن الابتسامة المرسومة على وجهي لن تزول".

 

أحلام، طالبة الإعلام في جامعة بير زيت، لم تتردد في خوض غمار الجهاد في كتائب القسام، وكانت صاحبة السبق في هذا المضمار، فكانت النتيجة وقوعها في أسر الصهاينة، لكنها لم تندم على ما فعلت، وظلت إلى جانب أخواتها تواصل الصمود وتمدهن كما تمد شعبها بالقوة والعزيمة.

 

اليوم يصرّ الاحتلال على رفض إدراج اسمي قاهرة السعدي وأحلام التميمي في عداد الأسرى الذين تشملهم صفقة الجندي شاليط، وكذلك حال سائر الأسيرات، وعلى رأسهن المحكومات بالمؤبد، وهن آمنة منى، دعاء الجيوسي، سناء شحادة، وبالطبع لأنه يدرك ما يعنيه ذلك من دفعة معنوية لمقاومة الشعب الذي يواجهه.

 

أيا يكن الأمر، فهنا في سجون الاحتلال تقف هؤلاء النسوة الرائعات شواهد على عظمة هذا الشعب، مع العلم أن عطاء النسوة الفلسطينيات لا يقاس بعدد المعتقلات أو الشهيدات منهن، وإلا لكان محدوداً مقارنة بعطاء الرجال، فهنا في الحالة الفلسطينية تتحمل النسوة أعباء الجهاد والمقاومة أكثر من الرجال، فهم يستشهدون ويؤسرون بينما هنّ يحملن الأمانة من بعدهم، وإن بدا أن حالة قاهرة السعدي وعدد من الأخوات الأخريات مختلفة، أعني الأسيرات الأمهات.

 

هذه هي فلسطين، التي كانت نساؤها سيداتْ في إنجاب الرجال والحرائر وتربيتهم على حب فلسطين والجهاد في سبيل الله، وسيداتْ في البطولة، وسيداتْ رائعاتْ حين يخلفن الأبطال في المسؤوليات الجسام، سواء أكنّ أمهاتْ أم زوجاتْ أم أخواتْ، أم حتى بناتْ: يكبرن قبل الأوان.

 

سلام على فلسطين وأحرارها وحرائرها، ومن يسير على دربهم ودربهن إلى يوم الدين.

 

صحيفة الدستور الأردنية