خبر القابضون على جمر الهويّة .. حسام كنفاني

الساعة 03:58 م|16 مايو 2010

بقلم: حسام كنفاني

فلسطينيو 48 مجدداً في مهداف “إسرائيل”. هي خطة قديمة تتجدّد لوضع هؤلاء الفلسطينيين الذين آثروا الصمود في أراضيهم وعدم الفرار خلال النكبة، التي صادف يوم أمس ذكراها الثانية والستين، في خانة المشتبه فيهم وتصنيفهم كخطر على “إسرائيل” لتسهيل ترحيلهم أو نقلهم إلى مكان آخر خارج دولة الاحتلال.

قضية أمير مخوّل والدكتور عمر سعيد ليست معزولة عن القضايا السابقة التي طالت الكثير من القياديين من فلسطينيي ،48 وفي مقدمتهم الدكتور عزمي بشارة والشيخ رائد صلاح. هي نهج “إسرائيلي” في التعامل مع هؤلاء الذين لا يزالون قابضين على جمر هويتهم، ولم تنجح محاولات “الأسرلة” على مدى 62 عاماً في سلخهم عن واقعهم وذاكرتهم وأراضيهم التي يذهبون إليها سنويّاً لتجديد الولاء للذاكرة ومعاهدتها على عدم النسيان.

القضية ليست معزولة، لكن المشكلة أن فلسطينيي 48 أنفسهم معزولون. لم يعزلوا أنفسهم عن محيطهم، بل المحيط هو من اختار عزلهم.

منذ القضية الحالية وما قبلها، لم يخرج أي موقف عربي مدين لطريقة التنكيل “الإسرائيلي” البطيء بفلسطينيي 48. لم تصدر أي إدانة من الجامعة أو أي من دولها للاعتقال، رغم أن هذه الدول والجامعة كانت تبحث عن أي حدث في الضفة الغربية أو غزة لتصدير بياناتها الشاجبة، التي لا تملك سواها أساساً.

من الواضح أن الجامعة العربية وغالبية الدول فيها لا ترى إلى فلسطينيي 48 على أنهم جزء من العرب، تحاسبهم على جنسيتهم “الإسرائيلية” التي فرضت على الغالبية العظمى منهم بحكم وقوعهم تحت الاحتلال وعدم استماعهم إلى “النصائح العربية” بالمغادرة “المؤقتة” لأراضيهم.

نصائح أفرزت مئات آلاف اللاجئين موزعين في دول الطوق العربية. ولا حاجة للتذكير بأوضاع هؤلاء اللاجئين في معظم المخيمات، وعدم نيلهم أياً من الحقوق الطبيعية التي تتوفر لمقيمين من جنسيات أخرى.

قضية مخول وسعيد ليست الوحيدة التي تثبت سياسة إخراج فلسطينيي 48 الممنهج من فضائهم العربي. إن زيارة أي من هؤلاء المواطنين الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية “الإسرائيلية” إلى الكثير من الدول العربية، الأمر شبه مستحيل مهما كان هذا المواطن ناشطاً وطنياً ومناهضاً للصهيوينة ومنتقداً للسياسات “الإسرائيلية” وعضواً في جمعيات قوميّة. كل هذه الأمور لا تشفع لهذا الفلسطيني المتمسك بهويته والراغب في التواصل مع عالمه، فوصمة الجنسية “الإسرائيلية” هي الظاهرة لأعين المسؤولين في هذه الدول، رغم أن بعضهم يستقبل بكثير من الود بعض “الإسرائيليين” المتأصلين هوية وجنسية.

رغم وقوعهم بين فكّي التنكيل “الإسرائيلي” والتجاهل العربي، إلا أن هؤلاء الفلسطينيين يصرّون على انتمائهم وذاكرتهم وهويتهم غير القابلة للتنازل.