خبر لنعيش على المقاطعة- هآرتس

الساعة 09:41 ص|16 مايو 2010

لنعيش على المقاطعة- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

 (المضمون: من يعتقد ان المقاطعة لاسرائيل غير شرعية وغير ناجعة، فان عليه أولا ان يطالب بالغاء كل المقاطعات التي تفرضها اسرائيل على الاخرين - المصدر).

معظم الاسرائيليين تصدمهم امكانية ان يفكر أحد ما في العالم بمقاطعة دولتهم، انتاجها او جامعاتها. هذه الوسيلة تعتبر في اسرائيل غير مشروعة. من يطالب بمثل هذه المقاطعة في العالم يعتبر لا ساميا وكارها لاسرائيل، يشكك بحقها في الوجود، ومن يدعو الى عمل ذلك من اسرائيل – يعتبر خائنا وكافرا بالامر الاساس. فكرة أن تكون المقاطعة، حتى ولو محدودة – كفيلة بان تؤثر على اسرائيل لتغيير طريقها، في صالحها، هي فكرة لا تطاق هنا. وحتى الخطوة الطبيعية والمفهومة من تلقاء ذاتها، لمقاطعة منتجات المستوطنات من السلطة الفلسطينية، يعتبر في العيون الاسرائيلية المزدوجة الاخلاق كخطوة استفزازية. كما أن التقدير بان المقاطعة الدولية لنظام الابرتهايد في جنوب افريقيا كان بين العوامل لاسقاطه، لا يعتبر هنا تقديرا ذا صلة او مقارنة مناسبة.

ردود الفعل غير المتسامحة هذه قد يكون ممكنا فهمها لو لم اسرائيل نفسها من كبار المقاطعين، فهي لا تقاطع فقط، بل وتحرض الاخرين على المقاطعة، وربما ايضا تفرض عليهم مقاطعاتها. فاسرائيل تفرض المقاطعات الثقافية، الاكاديمية، السياسية، الاقتصادية والعسكرية على المناطق، ويكاد لا يوجد احد يشكك بشرعية هذه المقاطعات. اما مقاطعة المقاطعين؟ فهذا غير وارد.

فعل المقاطعة الاكثر فظاظة ووحشية هو بالطبع الحصار على غزة والمقاطعة على حماس. فبادارة اسرائيل انضمت اليها بتلقائية تبعث على التساؤل كل دول الغرب تقريبا. لا يدور الحديث فقط عن حصار، يترك غزة في عوز منذ اكثر من ثلاث سنوات، ولا عن المقاطعة المطلقة (والغبية) لحماس، دون ادراج البحث في جلعاد شليت في ذلك، بل ايضا عن سلسلة المقاطعات الثقافية، الاكاديمية، الانسانية والاقتصادية. اسرائيل تهدد تقريبا كل سياسي يسعى الى دخول غزة كي يرى المشاهد القاسية فيها، وتحظر الدخول ايضا على من يريدون ان يقدموا لها المساعدة الانسانية. انتبهوا: المقاطعة ليست فقط على حماس، بل على غزة باسرها، على كل سكانها. اسطول السفن الذي يوشك على الانطلاق في الايام القريبة القادمة من اوروبا الى غزة بهدف كسر الحصار سيحمل الاف الاطنان من مواد البناء، المنازل الجاهزة والادوية. وقد أعلنت اسرائيل منذ الان بانها ستوقفه بالقوة. المقاطعة هي مقاطعة.

محاضرون وأطباء، فنانون، رجال قانون ومثقفون، اقتصاديون ومهندسون – لا يسمح لهم بالدخول الى غزة. مقاطعة مطلقة من انتاج أزرق – أبيض. من يتحدث عن انعدام الاخلاقية وانعدام المنفعة في استخدام المقاطعة، يفعل ذلك دون ان يرف له جفن في غزة.

كما أن اسرائيل تدعو العالم الى مقاطعة ايران. ولكن ليس فقط غزة وايران – الدخول الى اسرائيل والى الضفة ايضا يتأثر مؤخرا بتعاظم حملة المقاطعات. من يشتبه بالعطف على الفلسطينيين او الحرص على مصيرهم – يقاطع ويطرد. مهرج جاء لينظم اجتماع للمهرجين ونشيط سلام جاء لحضور حلقة بحث، علماء، فنانون ومفكرون يوجد اشتباه بانهم يؤيدون القضية الفلسطينية، يطردون. هذه المقاطعة ثقافية واكاديمية بكل معنى الكلمة، مقاطعة نحن نرفضها اذا ما اتخذت ضدنا.

ولكن حتى في ذلك لا تنتهي قائمة المقاطعين من الدولة المناهضة للمقاطعات: حتى منظمة امريكية – يهودية، تعرف نفسها كمؤيدة لاسرائيل، جي ستريت، تذوقت هي ايضا ثقل ذراع المقاطعة الاسرائيلية. جي ستريت مسموح مقاطعتها لانها تتبنى السلام، اما منتجات المستوطنات التي قامت على ارض سليبة – فمحظور مقاطعتها. منع محاضر ضيف من الوصول الى جامعة في غزة – هذا ليس مقاطعة اكاديمية، اما مقاطعة جامعة اسرائيلية توجد لها برامج خاصة وموجزة لمحققي المخابرات وضباط الجيش الاسرائيلي، والذين هم في نظر دوائر واسعة في العالم هم شركاء في جرائم حرب يعتبر كفرا.

صحيح، الاسرائيلي الذي يعيش في اسرائيل سيجد صعوبة في التحريض على المقاطعة، عندما لا يقاطع هو نفسه بلاده او جامعته. ورغم ذلك، من حقه أن يعتقد ان المقاطعة كفيلة بان تدفع دولته لان تضع حدا للاحتلال وانه طالما لم يدفع الاسرائيليون الثمن عنه – لن يكون تغيير. هذا موقف شرعي واخلاقي لا يقل عن موقف من يدعون بان المقاطعة ليست اخلاقية وليست ناجعة، وهم يتخذونها ضد الاخرين. اذا كنتم تعارضون المعارضة على اسرائيل؟ فهيا نلغي اولا كل المقاطعات التي فرضناها بكلتي يدينا.