خبر الزعامة- يديعوت

الساعة 09:06 ص|12 مايو 2010

الزعامة- يديعوت

الرف الفارغ

بقلم: ايتان هابر

مدير مكتب رابين سابقا

تجول صحفي اسرائيلي ذات مرة من أقصى البلاد الى اقصاها في حملة محاضرات كان عنوانها "لقائي مع نكيتا خورتشوف". كان خورتشوف في ذاك الوقت الزعيم كلي القدرة للاتحاد السوفييتي، ولم يصل اليه أحد، وبالتأكيد ليس لمقابلة صحفية او لقاء، فما بالك باسرائيلي دولته كانت في حينه معزولة بحكم النبذ. وكانت المفاجأة كبرى: لقاء؟ خورتشوف؟ كيف يمكن لهذا أن يحصل.

"متى وأين التقيت خورتشوف؟" سأله الصحفي.

"في فيينا"، اجاب.

"في فيينا؟" قالوا له، "في فيينا عقد مؤتمرا صحفيا".

"صحيح" قال الصحفي، "التقيته مع الف صحفي آخر".

هذه القصة جاءت لتجسد كم "يعطي الزعماء انطباعا" للناس العاديين. وبالنسبة للكثيرين منهم فانهم الهة. صورة الى جانبهم هي تجربة حياة. رسالة شخصية بتوقيعهم؟ سترفع الى الحائط في اطار.

زعماء في اسرائيل، ولا سيما رؤساء وزراء، هم نواب الرب، ان لم نقل ان الرب هو نائبهم. فهم، عن حق وحقيق، كليو القدرة. رئيس وزراء في اسرائيل هو، على أي حال كان حتى وقت غير بعيد، أحد الاشخاص الاقوياء، سياسيا وأمنيا، في العالم. بتعابير معينة، حتى اكثر من الرئيس الامريكي، الذي يقيده الكونغرس بكل خطوة وبكل شبر. وليس صدفة أن احدا في البلاد لا يعرف اليوم من هو رئيس وزراء برغواي وربما في "بلاد النار" ثمة من سمع عن نتنياهو وباراك، وبالتأكيد عن بن غوريون، بيغن ورابين. موشيه دايان؟ كانت أزمنة ظنوا فيها في العالم بان خرقة العين السوداء هي بالذات الرمز الرسمي لدولة اسرائيل.

ماذا نريد أن نقول؟ ان في هذه المرحلة، اليوم، بفعل الملابسات والواقع العسير، رئيس وزراء في اسرائيل ليس فقط رئيس من الشعب بل رئيس من كل الشعوب. قراره من شأنه أن يوقع مصيبة على الملايين. وربما عشرات الملايين.

رئيس وزراء في اسرائيل يجب أن يأتي الى كرسيه في شارع كابلن في القدس وهو ثري بتجربة سياسية، امنية، اقتصادية، اجتماعية، سياسية، باختصار: سيرته الذاتية يجب أن تكون على ثلاث – أربع صفحات، هذا ايضا باختصار شديد. الجمهور الاسرائيلي لم يعتاد بعد على زعماء للحظة سيرتهم الذاتية تتلخص بثلاث – أربع اسطر، مهما كانت مثيرة للانطباع.

شعب اسرائيل يرفض اعطاء الدفة لمن سيرته الذاتية ليست ثرية بالقرارات وبالافعال، من العام 1948 وحتى الشيخ جراح. قد لا يكون هذا عادلا، قد لا يكون هذا صحيحا، ولكنه حقيقة. وعليه فان الزعماء (والوزراء) الشبان والنشطاء في العناوين الرئيسة للصحف سيبقون هناك لزمن طويل. شعب اسرائيل يبحث عن زعماء يعد الحديث مع اوباما خبزهم اليومي واصدار اوامر بالقتل (والتعرض للقتل) هو لسنوات طويلة جزء من جدول أعمالهم اليومي.

استثنائي في هذا الشأن كان بالذات نتنياهو، الذي باحاسيسه السياسية الحادة فهم هذا النقص في سيرته الذاتية وعلى مدى سنين اطعم الجمهور قصص الوحدة الخاصة "سييرت متكال" في قصة لعمليات شارك فيها (وفي بعضها لم يشارك) بحيث أن كثيرين مقتنعون اليوم ايضا بانه خدم في "سييرت متكال" سنوات لا نهاية لها، وانه هو ، وليس غيره، كان قائدها.

من هنا نحن ننظر يمينا ويسارا، وعلى حد قول القصيدة – "فقط رمل ورمل". صحيح أنه في أعلى الدرجات ينحشر منذ الان عدة سياسيين (ممن يقولون لانفسهم ولمن يحيط بهم: اذا كان هو مرشحا لرئاسة الوزراء، فأنا أيضا يمكنني أن أكون)، ولكن ليس لاي من هؤلاء المرشحين، باسمهم أنفسهم حاليا، أكثر من ثلاثة – اربعة اسطر في سيرتهم الذاتية يمكن أن تثير الدهشة والانفعال.

ذات مرة، على الرف، كان الكثير من هؤلاء: ليفي اشكول، بنحاس سبير، يغئال الون، موتي غور وكثيرون آخرون. اما الان فالرف فارغ. ولعل هذه هي مأساتنا الحقيقية، التي تنبسط امام ناظرينا هذه الايام.