خبر معرفة قديمة .. هآرتس

الساعة 10:02 ص|10 مايو 2010

بقلم: عميرة هاس

كيف حصل أن اسم يرون كوستليس معروف جدا؟ يوم الاربعاء الماضي ظهر في سياق البؤرة الاستيطانية غير المسموح بها عمونا. في نيسان ذكر اسمه حين رد الشبهات وبموجبها موكله، يعقوب افراتي، الذي كان رئيس مديرية اراضي اسرائيل بين 2001 و 2008، تلقى رشوة من داني دانكنر. كوستليس، حاصل على شهادة بكالوريوس وماجستير بامتياز من جامعة بار ايلان وإن كان يذكر في وسائل الاعلام كمحامي وزير الخارجية افيغدور ليبرمان ورفيقه الثري الروسي الاسرائيلي، ميخائيل تشرنوي. "النشاط، الحنكة القانونية والاستقامة هي التي جعلته في مكان جيد في سجل ارقام هواتف المشبوهين بجرائم الياقة البيضاء"، هكذا امتدحت "ذي ماركر" قبل نحو سنتين كوستليس ابن الـ 34 سنة. 

يوم الاربعاء الماضي مثل كوستليس مستوطني عمونا. المحكمة العليا بحثت مرة اخرى بالتماس ثمانية فلسطينيين وجمعية "يوجد قانون"، الذين مثلهم المحامي ميخائيل سفراد، لاخلاء مباني البؤرة الاستيطانية التي سبق أن اعترفت الدولة بانها بنيت خلافا للقانون وعلى ارض فلسطينية خاصة. ولكن كان لكوستليس بشرى: قبل يوم من البحث بالضبط وصلت الى يديه وثائق تثبت أن موكليه اشتروا الارض في التسعينيات. وروى ان الدولة تفحص الوثائق. وأبدى القاضي الياكيم روبنشتاين ملاحظة – كما افاد حاييم لفنسون في "هآرتس" – بان "هذه معجزة طبية حقا في أن تصل اليكم الوثائق قبل يوم من موعد البحث".

لم تكن هذه هي المرة الاولى التي يلتقي فيها سفراد وكوستليس على جانبي المتراص القانوني. في 2003 مثل سفراد يوني بن آرتسي ذي النزعة السلمية (ابن اخت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو) في المحكمة العسكرية وكان كوستليس المدعي العسكري. في تحقيقه طلب كوستليس ان يثبت بان رفض بن آرتسي الخدمة لم ينبع من نزعته السلمية الصرفة بل من دوافع سياسية صرفة. "انت رافض للاحتلال نعم أم لا"، سأل المدعي العسكري كوستليس. فاجاب بن آرتسي: "مثلما أنت بصفتك رجلا متدينا، تحافظ على السبت بشكل خاص، فاني ارفض الخدمة في المناطق بشكل خاص وارفض الخدمة في كل مكان آخر".

وحاول بن آرتسي أن يشرح ما الذي يميزه عن خمسة رافضي خدمة آخرين دارت محاكمتهم في نفس الوقت في المحكمة العسكرية. واحد من الخمسة كان شمري تسميرت، الذي سجل يوميات المحاكمة. في 5 آب 2003 كتب عن شهادته هو ضمن امور عن عن تقرير لبتسيلم اطلع عليه.

عمل وقع بحق ثلاثين طفلا كانوا يلعبون كرة القدم ذات سبت في تموز 2001 في مخيم اللاجئين في رفح، قرب الحدود مع مصر. وبدأت المباراة بعد صلاة العصر، عند الساعة الخامسة تقريبا. بعد وقت قصير من ذلك مرت دبابة في الجوار، "بهدوء، ودون أن تطلق علينا"، كما روى أحد الاطفال.

بعد المباراة ارتاح الاطفال الى أن بدأوا في محيط الساعة السابعة مساء يستعدون للعودة الى بيوتهم. "كنت على مسافة مترين من خليل المغربي"، وهو احد الاطفال لباحثي "بتسيلم". وعندها سمعت فجأة صوتا رقيقا وهزيلا ورأيت دماغ خليل يطير خارج رأسه وينتشر علي وعلى ملابسي". الطلقة الوحيدة خرجت من برج المراقبة/الحراسة للجيش الاسرائيلي. "الاطفال بدأوا يضربون وفي ظل ذلك فتحت من البرج نار شديدة جدا: "طفلان آخران اصيبا، واحد في بطنه "وامعاؤه خرجت من بطنه". والثاني في حوضه. الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي افاد في حينه بان "عشرات الفلسطينيين شاغبوا قرب رفح وعرضوا حياة الجنود للخطر... وتصرف الجنود بضبط للنفس وكبح للجماح وفرقوا المشاغبين بوسائل تفريق المظاهرات ومن خلال النار الحية الى منطقة مفتوحة وبعيدة عن المشاغبين.

المدعي العامة العسكرية في حينه، العقيد عينات رون، اجابت لـ "بتسيلم" بانه لا يبرز شك بسلوك جنائي لجنود الجيش الاسرائيلي. على ما يبدو بالخطأ ادخل الى رسالتها ملف الفحص التنفيذي للحدث، بما في ذلك فتواها الداخلية. وهنا كتبت رون بصدق: "امكانية معقولة هي الا تكون النار مست باطفال شخصوا كمشاغبين" بل بـ "أطفال كرة القدم على مسافة الف متر من مكان الحدث".  اذا كانت هذه نار تحذير، كتبت تقول، فانها تمت خلافا للاوامر التي تقضي بالنار من سلاح خفيف وليس من رشاش ثقيل وليس نحو أطفال.

واقترحت على الجيش ثلاثة سبل عمل بديلة: تحقيق من الشرطة العسكرية؛ اجراءات انضباطية لان النار كانت غير مبررة، او القول ان النار مبررة، المنطقة كلها خطيرة، نأسف على اصابة ابرياء – وكتاب بهذه الروح الى بتسيلم. "مرض عضال في الطمس" هو عنوان تقرير بتسيلم. شمري تسميرت شهد في المحكمة العسكرية عن الصدمة التي اوقعها به الطمس.

في اثناء شهادته دخل رجل وامرأة ببزتين عسكريتين وجلسا قرب كوستليس المدعي العام. لم يعرفهم. ولكن عندما ذكر اسم عينات رون "فان النظرات التي وجهها الى الضابطة القاضي العسكري وكوستليس اوضحت لي بان من دخلت في تلك اللحظة الى القاعة لم تكن سوى النائبة العسكرية الرئيسة... من اصل 16 ساعة من الشهادات... وصلت بالذات الى الـ 15 دقيقة موضع الحديث".

عينات رون اعتزلت الجيش، ومن العام 2007 وهي قاضية صلح في بيتح تكفا. في اطار عملها هذا مددت في كانون الثاني امر حظر نشر بشأن المحاكمة الجارية بحق عينات كام.

وكوستليس، الذي كان مرؤوسا لرون في الجهاز العسكري، قال في 2003 لصحيفة "مكور ريشون": "من ناحية الدولة طاعة القانون هو شرط وجودي، ومن يتجاوز هذه الحدود سيعاقب، حتى لو فعل ذلك لاعتبارات ضميرية. من الصعب المبالغة في وصف الخطر الكامن في الرفض الايديولوجي، الذي من شأنه أن يوقع كارثة على الدولة من قبل اولئك الذين يدعون بانهم يرغبون في خلاصها".