خبر خطابان متناقضان للفلسطينيين في ذكرى نكبتهم الـ 62

الساعة 04:40 م|09 مايو 2010

خطابان متناقضان للفلسطينيين في ذكرى نكبتهم الـ 62

فلسطين اليوم : غزة (خاص)

يحيي الفلسطينيون ذكرى نكبتهم الثانية والستين، في ظل وضع معقد أضرَّ كثيراً بقضيتهم الوطنية التي لطالما قدموا من أجلها آلاف الشهداء والأسرى والجرحى على مدار سني صراعهم الطويل و المرير مع كيان الاحتلال الإسرائيلي.

فالناظر إلى هذا الواقع المتأزم يلاحظ خطابين متناقضين في الساحة الفلسطينية، الأول: يرى في التسوية السلمية مع الاحتلال ضرورةً لإنهاء الصراع ، والثاني: يتبنى الكفاح المسلح خياراً إستراتيجياً للتعامل مع إسرائيل وينظر في ذات الوقت إلى المفاوضات بأنها وسيلة للهث خلف سراب، ناهيك عن قيامها بتجميل صورة الاحتلال القبيحة دولياً.

فقد حذَّر الشيخ أحمد المدلل، القيادي بحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، من الأخطار الحقيقية التي تتهدد المشروع الوطني جراء تواصل حالة الانقسام والتي أسهمت في توسيع هوة وحدة الخلاف بين الخطابين الفلسطينيين.

وشدد المدلل على ضرورة التوافق الوطني حول نهج الجهاد والمقاومة لاسيما في ظل الممارسات العدوانية الإسرائيلية المتصاعدة بحق أبناء شعبنا، معتبراً أن الحديث عن خيارٍ آخر لا يعدو كونه ضرباً من العبث.

وقال بهذا الصدد:" من الأجدى الالتقاء بين الفلسطينيين، وإنهاء هوة الانقسام الدائر فيما بينهم، وأن تمد جسور للثقة فيما بين الإخوة في "حماس" و"فتح""، مؤكداً حرص حركته على تعزيز الجبهة الداخلية الفلسطينية وتكريس خيار مواجهة مخططات الاحتلال وجرائمه العدوانية.

وانتقد القيادي في الجهاد الإسلامي موقف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي يؤيد الشروع بإجراء مفاوضات غير مباشرة مع الاحتلال، مطالباً رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالكف عن الرهان على خيار المفاوضات – الذي لطالما أعلن أنه لم يجن من ورائه شيئاً-.

ورأى المدلل في العودة الأخيرة للمفاوضات أنها الأخطر منذ توقيع اتفاقيات "أوسلو"، كونها جاءت في سياق ممارسات إسرائيلية غير مسبوقة تم تنفيذها في الآونة الأخيرة على صعيد تسارع وتيرة البناء الاستيطاني، فرض واقع التهجير على الفلسطينيين بالضفة، وضم أماكن دينية ومقدسات إسلامية لقائمة التراث الصهيوني المزعوم على طريق الوصول لـ"يهودية الدولة".

من جانبه، اعتبر علي اسحق عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن الإعلان عن استئناف المفاوضات غير المباشرة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة نتنياهو، بعد قرار لجنة المتابعة العربية المهين وبعد القول بوجود ضمانات أمريكية شفوية مبهمة لا قيمة  لها مرفوض مطلقاً من قبله كأمين عام لجبهة التحرير الفلسطينية.

وقال اسحق في تصريح مكتوب وصلنا نسخةً عنه:"  إذا كانت اللجنة التنفيذية لا تستطيع اتخاذ أي موقف يرفض الطروحات الأمريكية، فعليها ترك حرية الخيار للقوى الفلسطينية لاتخاذ ما تراه ملائماً من سبل لمواجهة التحديات القائمة".

ولم يكن موقف الجبهة الشعبية - الشريك الأساسي لحركة "فتح" في منظمة التحرير الفلسطينية- مغايراً لرأي على اسحق، حيث بيَّن المكتب السياسي للجبهة في بيانٍ له أن عباس خرج على الإجماع الوطني وقراره باستئناف المفاوضات يأتي في سياق معاكس للمزاج الشعبي، مؤكدةً أنه إعلانه أثلج صدر الاحتلال وجعله يتنفس الصعداء بعد طول عزلة ومراوغة وانتظار.

وأشار البيان إلى أن قرار أبو مازن يعيد الساحة الفلسطينية للغوص من جديد في متاهة ودوامة المفاوضات الضارة والعقيمة، ويفاقم الأزمة الوطنية الشاملة التي طالت شتى مناحي الحياة، وباتت تهدد بتفتيت وتبديد مقومات ومنجزات وثوابت نضالنا التحرري والبرنامج الوطني الفلسطيني في العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة وعاصمتها القدس.

وأشار بيان الشعبية إلى أن "استئناف المفاوضات غير المباشرة يأتي نتيجة الضغوطات الخارجية، وفي ظل تراجع الإدارة الأمريكية عن مواقفها بوقف الاستيطان أمام تعنت وإصرار الاحتلال ومضيه في بناء جدار الضم والعزل العنصري وتهويد المدينة المقدسة وطمس طابعها العربي والإسلامي وحصاره الوحشي لقطاع غزة الصامد ينطوي على أخطار مضاعفة لتلك المفاوضات التي جرت قبل قرارات الإجماع الوطني بوقفها.

وطالبت الجبهة في سياق بيانها بالشروع في مراجعة سياسية شاملة لما يسمى بخيار ونهج "أوسلو" والمفاوضات والسياسة التي قامت على أساسه.

ودعت لوضع حد لهدر الوقت واستباحة الحقوق والأمن الوطني وإعادة بناء إستراتيجية وقيادة وطنية موحدة على أساس ديمقراطي بما يعيد بناء مؤسسات شعبنا السياسية ووحدته الوطنية، وإقامة أوسع جبهة موحدة للمقاومة الشعبية بكافة أشكالها التي تستجيب لحاجات النضال الوطني من أجل دحر الاحتلال والاستقلال والعودة.

من ناحيتها، قالت حركة "حماس" على لسان القيادي فيها إسماعيل رضوان:" إن قرار منظمة التحرير الأخير، يشكل انتكاسة للقضية وطعنة للشعب الفلسطيني".

وأضاف رضوان:" أن مشروع التسوية الهزيل هو من أخطر ما مر على الشعب الفلسطيني، حيث تسبب في التفريط بالثوابت الوطنية وتكريس الانقسام"، لافتاً النظر إلى أن ذلك كان له أضراره على مستقبل القضية.

وأوضح رضوان أن مشروع التسوية يشكل طعنةً في خاصرة الشعب الفلسطيني، وبالتالي فإن على عرابيه تحمل مسؤولياتهم وعدم المقامرة بالقضية الفلسطينية بالعودة لمسار المفاوضات الذي فشل منذ 18 عاماً في تحقيق الحد الأدنى من تطلعات شعبنا، وكرس الانقسام بقوة على الساحة الفلسطينية.