خبر الصواريخ قادمة، الصواريخ قادمة

الساعة 07:39 ص|09 مايو 2010

الصواريخ قادمة، الصواريخ قادمة

بقلم: تسفي بارئيل

 (المضمون: دولة عقلانية، حتى لو لم تكن تحب السلام – واسرائيل ليست كذلك – كانت لتفعل منذ زمن بعيد الحساب لتفهم بان استمرار الاحتفاظ بالجولان يعظم فقط احتمال المواجهة، وان التهديد عليها لا يكمن في الدوائر الملونة التي تشير الى مدى الصواريخ بل في تلك المناطق اياها التي تبقيها تحت الاحتلال - المصدر).

هاكم سؤال في الحساب: اجمعوا عدد صواريخ سكاد بعدد صواريخ الكاتيوشا التي لدى حزب الله، اضيفوا عدد صواريخ "زلزال" و "شهاب 3" الايرانية، واقسموها على 7.5 مليون – فكم صاروخا سيتلقى كل مواطن في اسرائيل؟ اما الان فللهندسة: ارسموا 3 دوائر حول تل أبيب، الاولى تؤشر الى مدى تدمير شهاب، الثانية، للسكاد والثالثة للكاتيوشا. وعلى فرض أن الهجوم على اسرائيل سينسق بين ايران، حزب الله وسوريا – فهل كنتم توصون حزب الله باطلاق السكاد فقط وتوفير الكاتيوشا؟ أم ربما كنتم ستوصون ايران باطلاق شهاب وتوفير الكاتيوشا على حزب الله. عللوا اجاباتكم استنادا الى مكان سكنكم ومدى الصواريخ.

        وابل الرعب الذي يوقعه علينا رئيس دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية، اوري بايدتس، وزير الدفاع الامريكية روبرت غيتس ( "لدى حزب الله صواريخ اكثر مما لدى حكومات عديدة")، عبدالله ملك الاردن ("من المتوقع اشتعال في تموز") ومحللون عسكريون، يغرق اسرائيل في احساس معروف جدا في أن ليس لها ظاهرا مفر من الهجوم كي تسبق الهجوم. فجأة يتبين أن ليس النووي الايراني هو التهديد الوجودي بل الصواريخ على انواعها. والدولة الفزعة تهيىء منذ الان الرأي العام والجيش تمهيدا للمواجهة القادمة.

        بالفعل، بين اسرائيل وجيرانها يوجد ميزان رعب هدفه الردع من المواجهة. هكذا تفعل كل دولة عقلانية تقدر بانها مهددة ولا تجد بديلا غير عسكري. اسرائيل هي دولة مهددة بلا ريب، ولكن هكذا هي ايضا سوريا، لبنان، غزة والضفة الغربية. يكفي الانصات الى تهديدات اسرائيل "لاعادة سوريا الى العصر الحجري"، "تدمير البنى التحتية المدنية في لبنان"، او سحق حماس، كي نفهم بان اسلوب التهديد الاسرائيلي يقترب من الاسلوب الايراني.

        اذا كان ينبغي لاحد ما ان يصحو في الصباح يغمره عرقا باردا فان هؤلاء هم اللبنانيون، السوريون والغزيون، وليس سكان اسرائيل. ومع ذلك، رغم أن سوريا تلقت ضربات عسكرية من اسرائيل الا انها لا تزال تكشر، ولبنان التي قصفت في الحرب صعدت التهديد فقط، و "رصاص مصبوب" قطعت غزة ولكنها لم توقف تسلح حماس، وكذا في الضفة حكم الاحتلال لم ينجح في التعطيل التام للتهديد.

        ولكن، مقابل اسرائيل التي ترى فقط التهديد وتنسى سببه، لكل واحد من جيرانها المهددين توجد أرض تخضع للاحتلال الاسرائيلي، ولكل واحد منهم يوجد مطلب وطني شرعي باستعادة الاراضي المحتلة. من يبحث عن البديل غير العنيف، يمكنه أن يجده مغلفا جيدا بانتظار الاستخدام، باستثناء انه ملقي في هذه الاثناء منكمشا تحت الشمس.

        "الاسد يريد السلام ولكنه لا يثق بنتنياهو"، شرح بايدتس للجنة الخارجية في الكنيست، غير أن هذه الاقوال ابتلعت في الوصف المقلق لعدد الصواريخ التي توجد لدى حزب الله إذ اننا بالسلاح نفهم، نصرالله هو ابن بيت، وأجهزة الطرد المركزي الايرانية نحن نركبها ونفككها في كل يوم، ولكن عندما تتعلق الامور بسياقات السلام – نحن هنا نفقد البوصلة. بايدتس لم يشرح كيف يمكن كسب ثقة الاسد، كما أنه لم يُسأل عن ذلك مثلما لم يُسأل اذا كانت اعادة الجولان الى السوريين في ظروف معينة كفيلة بان تعطل التهديد السوري – اللبناني – حزب الله. هذه أسئلة خطيرة اكثر من أن توجه الى رجل عسكري، من شأنه أن يقترح حلا سياسيا.

        ولكن يمكن لنا أن نجيب بدلا منه. السلام مع سوريا كفيل بان يعطل على الاقل التهديد العسكري من جانبها، ان يصد سياق التسلح لحزب الله وان يشوش على ايران، حتى لو لم تنقطع علاقاتها مع سوريا. السلام مع سوريا ومع الفلسطينيين كان ايضا سيحدث تغييرا في موقف تركيا ويعطل سبب العداء بين اسرائيل وباقي الدول العربية. باختصار، التهديد العسكري كان سيفقد الكثير من حجمه. دولة عقلانية، حتى لو لم تكن تحب السلام – واسرائيل ليست كذلك – كانت لتفعل منذ زمن بعيد الحساب لتفهم بان استمرار الاحتفاظ بالجولان يعظم فقط احتمال المواجهة، وان التهديد عليها لا يكمن في الدوائر الملونة التي تشير الى مدى الصواريخ بل في تلك المناطق اياها التي تبقيها تحت الاحتلال.