خبر نهاية الغموض النووي .. هآرتس

الساعة 08:39 ص|07 مايو 2010

بقلم: روبين بدهتسور

يبدو أنه لاول مرة منذ 1969 من شأن اسرائيل أن تقف أمام ضغط امريكي موجه نحو سياستها في الغموض النووي. في حينه، قبل أربعة عقود، اتفق حسب المنشورات بين رئيسة الوزراء غولدا مائير والرئيس الامريكي ريتشارد نيكسون على الا تمارس الادارة الامريكية ضغطا على اسرائيل للانضمام الى ميثاق منع نشر السلاح النووي (NPT). وبالمقابل تعهدت اسرائيل الا تعلن عن كونها دولة نووية والا تجري تجارب نووية.

يخيل أن الرئيس براك اوباما قرر الخروج عن قواعد اللعب التي كانت مقبولة من أسلافه، وفي اطار رؤياه لاقامة عالم نظيف من السلاح النووي يعتزم العمل في الشرق الاوسط ايضا – المنطقة التي يسود فيها الافتراض بانه لا يوجد سلاح نووي الا لدى دولة واحدة هي اسرائيل.

على نية محتملة من اوباما لهجر اتفاق 1969 بين اسرائيل والولايات المتحدة يدل رده على ورقة العمل التي وضعتها مصر على طاولة مؤتمر الـ NPT الذي ينعقد هذه الايام في مبنى الامم المتحدة في نيويورك. في البند 31  في ورقة العمل المصرية جاء أن الدول الاعضاء في ميثاق NPT (189 دولة) تتعهد الا تنقل الى اسرائيل معدات، معلومات، مواد او معرفة مهنية تتعلق بالنووي، طالما كانت اسرائيل غير مستعدة للانضمام الى الميثاق والسماح بالرقابة على منشآتها النووية. كما أن البند يدعو الدول الاعضاء في الميثاق الى "الكشف عن كل المعلومات المتوفرة لديها بالنسبة لطبيعة وحجم القدرة النووية لاسرائيل، بما في ذلك معلومات تتعلق بالمساعدة النووية التي قدمت لاسرائيل في الماضي". وما تقصده مصر هو اساسا فرنسا والولايات المتحدة اللتان تعتبران هما الموردتان الاساسيتان للبرنامج النووي الاسرائيلي. كما أن المصريين يدعون الى اتخاذ قرار لاقامة منطقة نظيفة من السلاح النووي في الشرق الاوسط.

محاولة مصرية مشابهة كانت في العام 1995، ولكن في حينه دعا الرئيس بيل كلينتون اليه الرئيس المصري حسني مبارك وطلب منه الكف فورا عن محاولة الضغط على اسرائيل للانضمام الى الـ  NPT. وخلافا لكلينتون، اختار اوباما الحوار مع مصر، بل ان الادارة الامريكية وافقت على تعيين مبعوث خاص ينسق اعدادا لمؤتمر دولي يعنى بتقدم فكرة شرق اوسط نظيف من السلاح النووي.

التطورات الاكثر خطورة في هذا المجال هي على ما يبدو امكانية أن تربط الادارة بين استعدادها للعمل لمنع تزود ايران بسلاح نووي بخطوات تطلب من اسرائيل في المجال النووي. صحيح أن هذه حاليا هي مبادرة مصرية، الا انه من غير المستبعد ان تؤيدها الولايات المتحدة. في هذه المرحلة يكتفي الامريكيون بخلق صلة بين الاستعداد للعمل تجاه ايران وبين استعداد اسرائيل لتحقيق تسوية مع الفلسطينيين.

بالنسبة لما يجري في هذا المجال، محظور على مقرري السياسة في القدس أن يواصلوا دس رؤوسهم في الرمال والامل بان تتمكن اسرائيل من مواصلة التمسك بسياسة الغموض النووي. يبدو أنه آجلا أم عاجلا سيضطرون الى الاعتراف بان عهد الغموض قد انتهى. وعليه فان على اسرائيل أن تستغل ما يجري هذه الايام في نيويورك وان تبادر الى حوار مع ادارة اوباما تتوصل فيه الدولتان الى اتفاق على هجر الغموض الاسرائيلي.

واضح أن موافقة امريكية على هذه الخطوة سيكون لها ثمن ستضطر اسرائيل الى دفعه: الاستعداد للتوصل الى تسوية مع الفلسطينيين، في اساسها تحقيق مبدأ الدولتين للشعبين. كونه من شبه اليقين ان الادارة على أي حال ستضغط لتحقيق هذا المبدأ فمن المجدي لاسرائيل أن تربط ذلك بالمطالب الامريكية من اسرائيل في المجال النووي.

على رئيس الوزراء ومستشاريه ان يهجروا الجمود الفكري الذي يميز سياسة النووي الاسرائيلية والمبادرة الى التغيير. في المحادثات مع الادارة يمكن لاسرائيل ظاهرا أن تستعين بالنموذج الهندي. في ايار 1998 هجرت الهند سياسة الغموض النووي، نفذت سلسلة من التجارب النووية وانضمت بذلك، في خطوة من جانب واحد، الى النادي النووي. صحيح ان الادارة الامريكية في البداية فرضت عليها عقوبات معتدلة جدا، ولكن لم يمر وقت طويل، وبمبادرة امريكية وقع بين الدولتين اتفاق للتعاون في المجال النووي. وهكذا سلمت الولايات المتحدة بهند نووية، دون ان تنضم هذه الى ميثاق الـ NPT.

اسرائيل يمكنها ان تحقق مسبقا موافقة الادارة على الغاء الغموض وهكذا تمتنع عن مرحلة العقوبات. على أي حال الغموض الاسرائيلي يعتبر في العالم كله كبدعة تثير السخف. وقعت لدى اسرائيل الفرصة لان تضع حدا لهذه البدعة. يجب استغلالها.