خبر كتب أيمن خالد: سفينة حلوى إلى غزّة

الساعة 08:23 ص|06 مايو 2010

كتب أيمن خالد: سفينة حلوى إلى غزّة

كتب/ أيمن خالد

من المفترض أن يتسلم السيد إسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة، هدية رمزية ستأتي مع قافلة السفن التي ستقتحم غزة منتصف حزيران القادم.

والهدية عبارة عن كيس صغير من الحلوى، كانت قصة هذه الحلوى حديث وسائل إعلامية كثيرة في تركيا، تلفزيونية وإذاعية وكتب عنها كبار الكتاب الأتراك، ومنهم الكاتبة سيبال ار اصلان، التي استخدمت ذات العنوان الذي استخدمه، سفينة حلوى إلى غزة، وتحدث في قصته عشرات بل مئات من الناشطين الأتراك في مجال حقوق الإنسان في مهرجانات خطابية كثيرة، والساعين إلى رفع الحصار عن غزة، ودخلت قصة الحلوى هذه سجل معجزات منظمة الـ إي-ها-ها.

في شرق الأناضول وعلى طرف من قرية نائية، تزاحمت حولها الرتابة والتواضع، والبيوت الحجرية ذات الرائحة القريبة من بيوت فلسطين التاريخية، التي هدم معظمها الصهاينة لكي يمحوا ذاكرة فلسطين، هناك كان لرحلتنا أن تحط أثقالها بعض الوقت، فاستقبلتنا أسرة تركية في قرية اسمها كارابورن، ودخلنا إلى بيت متواضع، ومن عادة الأتراك أن تكون المائدة ذكية، تخفف عبء المسافر، وتجذبه إليها وتفرغ عليه بعض الصمت، أو الانشغال بأنواع الطعام وتقنيات صنعه، ..وفي ذلك البيت عانقنا الصغير أحمد صالح، صاحب الأربع سنوات من العمر فقط، والذي تعرف علينا، ثم غادر مسرعا.

انفضت المائدة، وحديث يشفق الروح رحاه غزة، التي تستريح على كومة جمر، في صحراء العرب، أو الأنظمة العربية، وكيف تكون غزة تئن، ولا يسمعها أهل الجوار، وكيف تكبر الأمم بقضية اسمها فلسطين، وكيف يقل وزنها وتهبط إلى ما دون الحضيض تلك التي لا تريد هذه الأرض التي حملت سر الآية الكريمة أن الله جعلها بركة للعالمين.

احمد صالح الذي يبلغ من العمر أربع سنوات قرر أن يكبر بفلسطين، وبالطبع بعد ساعة من الوقت، وكاد يعيقنا عن السفر انشغال أهله بالسؤال عنه، وإذا به يدخل حاملا حملا صغيرا، وهو عبارة عن كيس من الحلوى من أنواع مختلفة، والقصة، بعد ترجمة المفردات وحالة الزحام بالكلمات التركية، والبكاء من صديقي ادم اوزكوسة، وهم يضم الطفل بين ذراعية، وستصل الرسالة إلى بولنت يلدرم زعيم المنظمة الإنسانية الشهيرة، وسيبكي هو ويقول الحمد لله نجحت منظمة اي-ها-ها، واستطاعت أن تضيف اصغر متبرع في الكون إلى سجلها وهو احمد صالح.وبالمناسبة هذه المنظمة كفلت حتى الآن 18 مليون يتيم في العالم، وأنجزت 26الف عملية عين فقط في إفريقيا، ولها 1500بئر ماء في صحراء إفريقيا، وعندها 110 أفرع في العالم، وآخر انجازاتها أسطول غزة، حيث اشترت سفينتين وستزود 8سفن بحمولة مختلفة، من بينها سفينة اسمنت، وهذا بالطبع الجانب المعلن فقط، وغير ذلك نشاطها لا يوصف.

بكل بساطة، هذا الطفل عندما علم بأنني من فلسطين، فذهب إلى الحوانيت في القرية، وطلب منهم أن يتبرعوا حلوى لأطفال فلسطين، وجاء بهذا الكيس الصغير ووضعه بين يدي وقال للمترجم اطلب من هذا الفلسطيني أن يأخذ هذه الحلوى التي جمعتها إلى الأولاد في غزة.

الكاتبة التركية سيبال ار اصلان التي بلغها الخبر، وعبر صحيفة الوقت الشهيرة، كتبت تحاول تفسير الظاهرة، ووجهت رسالة إلى شعب فلسطين، وتقول رسالتها، إن الأطفال في عمر الاربع سنوات اكثر شيء يحبونه في الدنيا هي الحلوى، ولكن الطفل التركي في قرية في شرق الأناضول، قرية نائية بحدود كبيرة، لكن هذا الطفل الذي فقط عمره اربع سنوات، يعرف فلسطين، ويعرف ان هناك ما هو أغلى من الحلوى وهي فلسطين، وبالتالي راح يجمع الحلوى، كأغلى شيء يعرفه في حياته، من اجل أن يقدمه لأغلى شيء عنده وهو فلسطين.

وترى الكاتبة ان هذه الحلوى التي قدمها الطفل لـلكاتب الفلسطيني أيمن خالد ليحملها إلى غزة، هي تحمل سر روح هذا الشعب المتعلقة بفلسطين، فهؤلاء هم الأطفال في تركيا، وهكذا يرون فلسطين تعيش في وجدانهم رغم صغر سنهم.

بالطبع هذه الحلوى سيتسلمها السيد إسماعيل هنية، وأنا بدوري كحامل لهذه الأمانة، التي بالطبع تنازلت عن حملها لصديقي ادم، لأنه يتعذر علي الوصول إلى غزة، لكن عندي رسالة إلى السيد إسماعيل هنية، فانا اطلب منه أن يقوم بتوزيع هذه الحلوى على زعماء الأنظمة العربية، وارجوا أن يعطي اكبر كمية منها لمصر، التي تحاصر غزة أيضا، فربما إذا قرر الزعماء العرب تناول حبة من هذه الحلوى ربما يصيبهم بعض البركة، التي حملتها حلوى طفل عمره 4سنوات ولكن داخل هذا العمر الصغير مسافة كبيرة بين الحب والانتماء، ويعرف ان هذه المساحة الواسعة في عمره الصغير يجب ان تكون مملوءة بكلمات العشق لفلسطين.

احمد صالح هو معجزة تركيا، وهو اليوم البطل الصغير الذي ينظر إليه أهل قريته باعتزاز، فقد استطاعت كل تركيا ان تعرف ان هناك قرية اسمها كارابورن، وبالطبع الفضل يعود ليس للطفل فقط، ولكن، لفلسطين، هذه هي فلسطين، التي كل من يرفع اسمها يكبر ويصبح عملاقا حتى لو كان طفلا صغيرا، وكل من يترك فلسطين وراء ظهره يصبح قزما صغيرا.