خبر ريح وعصف -هآرتس

الساعة 09:06 ص|05 مايو 2010

ريح وعصف -هآرتس

بقلم: أبيرما غولان

 (المضمون: من الحسن أن قامت منظمة من ثلاثة آلاف مفكر يهودي تنتقد على اسرائيل أعمالها وتدعو الى تغييرها ويحسن ان تدعو هذه المنظمة ايضا مفكرين اسرائيليين للانضمام اليها - المصدر).

        إن دعوة المفكرين اليهود الـ ثلاثة آلاف الى وقف التأييد الآلي لحكومة اسرائيل مهم بعامة، ومن المهم بخاصة انضمام المفكرين الفرنسيين دانييل كوهين – بنديت، وبرنار انري ليفي وايلان فينكلكراود. لقد حسم الأمر آخر الامر عندهم أيضا هم الذين يدافعون منذ زمن طويل جدا عن اسرائيل في كل حلقة وفي كل ظرف. يبدو أنهم ادركوا أن جروح المحب التي يجب ان يجرحونا بها هي بمنزلة واجب أخلاقي، ازاء الخطر الذي قد تجلبه على دولة اليهود الحكومة السيئة التي تتولى أمرها.

        ومع ذلك، لا يستطيع ليفي وفينكلكراود، وكوهين – بنديت الاكتفاء بعرائض مهذبة كتلك التي تدعو الى تجديد تجميد البناء في القدس. إنهم بكونهم فلاسفة يتمسكون بتصور يعتمد على قيم العدل والانسانية وحقوق الانسان، وبكونهم مختصين بتاريخ اوروبا ووطنهم الراوي من دم ملايين اليهودي والغجر واللوطيين ومعارضي نظم الحكم الكليانية مهما كانوا – تلقى عليهم مهمة أثقل.

        إنها مهمة مؤلمة وأليمة لكنها حيوية. عليهم ان يصغوا جيدا الى الاصوات التي تسمع في اسرائيل، وأن يسموها بالاسماء الصحيحة وان يحذروا منها. إن فيضان اقتراحات القانون العنصرية، التي تزيد نفسها بتعريف "قوانين الاخلاص"؛ والحفل الاحمق الذي قامت به منظمة متطرفة احتفاء بجنود الجيش الاسرائيلي وفي مواجهة "اليسار المتطرف الخائن" في واقع الامر، والذي حضره اعضاء كنيست من كتل برلمانية مختلفة؛ والعريضة التي تدعو الى اخراج صحيفة "هآرتس" خارج القانون وتعريفها على أنها منظمة ارهاب، والرسم الكاريكاتوري في موقع "بيشيفع" الذي يبين جنديا يعتمر قبعة دينية غرس في ظهره سكين كتب تحتها "صحفيو هآرتس"؛ والابعاد العنيف لعضو الكنيست أحمد الطيبي عن منبر الكنيست (بين الذي طرده عضو الكنيست كرميل شاما في القناة الاولى انه ضاق ذرعا بأعضاء الكنيست العرب الذين يسلمون العدو اسرارا)؛ وقانون النكبة الذي جاز في القراءة الاولى - كل اولئك قليل جدا من التطورات السياسية المقلقة.

        غير ان الفاشية ليست حركة سياسية. انها مزاج عام، والمزاج العام الحالي يتغذى بخليط من التخويف من الاخطار الخارجية والتحريض الأهوج على أشباح في الداخل – المهاجرين والعرب و "اليساريين". المعجم الفاشي يتغلغل الى جميع فئات الجمهور ويحصل على الشرعية في جميع المجالات. مثل مكانة العمال الاجانب على سبيل المثال. وزعت حكومة اسرائيل هذا  الاسبوع آلاف رخص العمل على عمال أجانب في الزراعة، لكنها ما تزال تبث النشرة المقلقة التي تعرض الاجانب على انهم من يسببون البطالة.

        ان الطالبة الجامعية، والجندي المسرح ومقاول اعمال الترميم هؤلاء الثلاثة ذوو الحسن والتهذيب، يبيعون باسم الحكومة أكذوبة فظة: اذا استثنينا الألفية العليا يصعب أن نجد والدين لطفل لا يفضلان حاضنة اسرائيلية مخلصة، ومقاولو أعمال الترميم غير متعطلين (بل العكس هم الذين يفضلون استعمال الاجانب)، ولا يوجد كثير من الجنود يبحثون عن عمل في غسل الأواني. إن المتضررين الحقيقيين بالباب الدوار للعمل الاجنبي الذي تنتجه الحكومة – الفقراء من غير ذوي الثقافة والعرب – لا يعدون في هذا التحريض. يستطيع افيغدور ليبرمان ان يستريح. فعمله يتم من تلقاء نفسه.

        اللغة العبرية تتلوث بسرعة تدير الرأس: فقد استولت على الصهيونية جماعة متطرفة تصرف عنها كل من ينتقد من اليسار، ويتقاسم اليهودية بينهم أناس مئة شعريم والحريديون القوميون، المستعدون لأن يبصقوا في وجه كل "محب للعرب"، واستلبت الشعور الوطني "اسرائيل بيتنا" وولي المسؤولية عن نقاء المعايير عضو الكنيست يعقوب كاتس ورفاقه الذين يتهمون المثليين بـ "جماع البهائم".

        يصعب تخمين أن الثلاثة الذين يكثرون زيارة اسرائيل، لا يدركون ما يحدث، وبرغم ذلك يغتفرون لنظرائهم الاسرائيليين. ألسنا اذا استثنينا البرفسور زئيف شتيرنهل، وهو من أكابر الخبراء في العالم بالفاشية، والذي يصر على تعريض حياته للخطر، لا يجرؤ احد من الجامعات الاسرائيلية على أن يصرخ بل ولا يجرؤ على تنظيم عريضة.

        إن هذا الصمت، مثل الختم المطاطي لحزب العمل في الحكومة وانجرار أعضاء كنيست من كاديما في موجة التشريع العكرة يمكنان الشغب من أن يزداد. حسن أنكم أسستم منظمة أيها المفكرون الاعزاء من فرنسا. أدعوا الان من فضلكم رفاقكم في اسرائيل، وحذروا بخاصة من العصف الخطر للريح السيئة.