خبر مصير المصالحة بعد استئناف المفاوضات غير المباشرة .. هاني المصري

الساعة 11:34 ص|04 مايو 2010

بقلم: هاني المصري

خلال الفترة التي توقفت فيها المفاوضات منذ نهاية عام 2008 وحتى الان، لم تتحقق المصالحة الوطنية. لقد كان العائق الأكبر أن المطلوب أميركياً، والى حد ما دولياً، أن لا تتحقق المصالحة قبل استئناف المفاوضات لان تحقيقها سيقوي الموقف الفلسطيني، الأمر الذي من شأنه زيادة الصعوبات أمام استئناف المفاوضات. أما استمرار الانقسام فيضعف الفلسطينيين ويجعلهم مستعدين لاستئناف المفاوضات بشروط أسهل.

وحتى نكون متأكدين من هذا التقييم نذكر بالتصريحات الأميركية الصادرة على لسان نائب الرئيس الاميريكي جوبايدن، وجورج ميتشل والناطقين باسم الخارجية والادارة، والتي أكدت أحيانا بصراحة على ضرورة عدم إتمام المصالحة قبل استئناف المفاوضات، وشددت دائما على ضرورة التزام أية حكومة فلسطينيه تشكل بعد المصالحة بشروط اللجنة الرباعية الدولية، المستحيل الالتزام بها من الكل الفلسطيني، ومن الخطأ أن يتم ذلك، لأنه يفقد الفلسطينيين هامش المناورة والخيارات والبدائل الأخرى.

حتى بعد تقديم الورقة المصرية التي لم تتضمن تشكيل حكومة وحدة أو وفاق وطني، صدر موقف أميركي أصر على الالتزام بشروط اللجنة الرباعية الدولية.

أوضح تفسير لعلاقة جمود عمليه المصالحة بوقف المفاوضات ورد على لسان مسؤول مصري رفيع المستوى نشرته صحيفة "الحياة اللندنية" خلال الأسبوع الماضي وجاء فيه:

"إن مصر لن تقبل بتعديل الورقة المصرية، وإن على حماس التوقيع عليها كما هي، وان عدم إتمام المصالحة يعود الى عدم توفر النية لدى الجانبين معاً".

وأضاف المسؤول المصري: "حتى لو وقعا الورقة المصرية فالمصالحة لن تتحقق لان النية غير متوفرة، والمصالحة ليست في مصلحه الجانبين معا".

ولتفسير ما سبق أضاف: "على رغم أن حركه فتح وقعت الاتفاق، فان الرئيس الفلسطيني لا يسعى حاليا لانجاز المصالحة بسبب الجمود الحالي في العملية السلمية وفشل الاداره الأميركية في ممارسة ضغوط على الحكومة الإسرائيلية الحالية تجعلها تستجيب لاستحقاقات العملية السلمية، لذلك فان أية مصالحة ستعقد مع حماس، ولو كانت شكلية، ستصب في مصلحتها وتقوي موقفها في الضفة الغربية على حساب مكانة عباس، لذلك فهو لن يسعى الى انجاز مصالحة حقيقية بالفعل قبل أن يحقق انجازاً ما على صعيد العملية السلمية يقوي مركزه".

وأضاف المسؤول المصري الى أنه "في حال إبرام مصالحة وطنية، فان حماس ستطالب بان تكون شريكة في الحكم، وهذا أمر طبيعي، لكن في هذه الحال ستوقف إسرائيل اتصالاتها مع السلطة الفلسطينية، والرئاسة لان حماس لا تعترف بإسرائيل وترفض نبذ العنف، وهنا ستتعرض السلطة والرئيس الفلسطيني لحصار مماثل للذي فرض على الرئيس ياسر عرفات، إضافة الى أن شراكة حماس في الحكم في وقت ينظر الأميركيون الى حماس باعتبارها تيارا إرهابيا، ستوقف كل الدعم والمساندة السياسية والمادية للسلطة الفلسطينية".

وشدد على أن حماس "أيضاً لا تريد المصالحة لأنها تسيطر الان على قطاع غزه، وتظهر أمام العالم وكأنها فصيل مقاوم. وتحت هذا العنوان ومقابل هذا الوضع تحصل على الأموال من إيران، فإذا ذهبت حماس الى المصالحة ستتخلى إيران عن دعمها بالمال".

ويتابع "إن أية انتخابات مقبلة لن تحقق لحماس المكاسب التي حصدتها في السابق. وحماس تفهم أنها ستضطر لخوض الانتخابات عقب التوقيع على ورقة المصالحة بفترة وجيزة لا تتعدى بضعة اشهر. وتدرك الآن تماما أن شعبيتها في غزه انخفضت كثيراً". إن الآراء الواردة على لسان المسؤول المصري هامة جدا، ومثيرة جدا، وغريبة جدا ويجب التفكير بما ورائها، وهل هي مجرد فشة خلق أو محاولة مصرية لإظهار من يتحمل المسؤولية عن تعثر بالمصالحة، وهما الطرفان أي أصحاب القضية أنفسهم. أم إنها مجرد آراء فردية ولا تعبر عن السياسة المصرية الرسمية، وهذا هو التفسير الأقرب الى الصحة.

إن الرئيس والسلطة والمنظمة يريدون المصالحة، ولكن وفقا للشروط التي وضعوها. أي أن تكون حماس أقلية محتواة في النظام السياسي الفلسطيني وأن تعود السلطة الى غزة. وإذا شاركت حماس بالحكومة فيجب أن توافق الحكومة على الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف والالتزام بالاتفاقيات الموقعة. وإذا كانت لا تقبل ذلك، فالأفضل لها أن تبقى خارج الحكومة وتكتفي بالتأثير عليها من خلال وجودها القوي في المجلس التشريعي، ومشاركتها الفاعلة في مختلف مؤسسات المنظمة. أما إذا أصرت على المشاركة بالحكومة بدون أن تلتزم الحكومة بشروط اللجنة الرباعية، فالأفضل بالنسبة للرئيس وفريقه أن تتأجل المصالحة الى أن تتغير حماس أو ان يتغير الموقف الدولي. أي الأفضل في هذه الحالة بالنسبة الى هذا الفريق، أن تؤجل المصالحة الى ما بعد استئناف المفاوضات وتحقيق انجازات سياسية، كونها ستقوي موقف الرئيس وتضعف موقف حماس، لأنه سيكون عليها أن تحاور من أجل المصالحة من موقع أضعف. فالمصالحة بعد استئناف المفاوضات ستوفر الغطاء للمفاوضات. لذا المصالحة بعد المفاوضات أسهل للرئيس والسلطة وأصعب لحركة حماس.

بالنسبة لحركه حماس فهي تريد المصالحة ولكن وفق شروطها أيضا. أي أنها تريد أن تحتفظ بسلطتها في غزة وأن تشارك إذا أمكن في السلطة في الضفة والمنظمة، مع السعي لتأخير الانتخابات لأطول مده ممكنة حتى يتحسن موقفها السياسي والشعبي من خلال إتمام صفقه تبادل الأسرى، وما يمكن أن تؤدي إليه من رفع الحصار وإعادة الأعمار والحصول على اعتراف عربي ودولي بسلطتها أو بها.

تأسيساً على ما تقدم فان المصالحة مؤجلة حتى إشعار آخر، فهي لن تحدث إلا عندما تقبل الأطراف الفلسطينية التنازل عن مصالحها وبرامجها الخاصة لصالح المصلحة الوطنية والقواسم المشتركة، وهذا يكون باعتماد سلطة واحدة ومنظمة واحدة تضم الجميع في ظل شراكة سياسية حقيقية يأخذ فيها كل طرف ما يستحقه فعلا، وبإعادة الاعتبار للبرنامج الوطني الفلسطيني، والتفريق بين أسس بناء النظام السياسي الفلسطيني بشكل عام، وبرنامج الحكومة بشكل خاص، حيث لا بد أن تكون الحكومة مقبولة دولياً، بدون أن يعني ذلك اعتماد شروط اللجنة الرباعية الظالمة، أو انتظار أن تتغير الظروف العربية والإقليمية والدولية بحيث تسمح بحدوث المصالحة أو تكون قادرة على فرضها فرضاً.

إن استمرار الانقسام في ظروف معينة عندما تتقدم المفاوضات يكون عاملا يمس بأمن واستقرار المنطقة والعالم، كونه يوفر ذريعة لإسرائيل لعدم التوصل الى اتفاق بحجة عدم وجود شريك فلسطيني واحد، أو لأنه يحول دون تطبيق الاتفاق، إذا افترضنا جدلا انه يمكن التوصل له في ظل الانقسام ويحوله الى اتفاق رف وفقا للتعبير المحبب لتسيبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة!!.

الأنظار الان تتجه الى المفاوضات غير المباشرة وهل ستتحول الى مفاوضات مباشرة أم تفشل مثلما فشلت سابقاتها لأن أسس ومرجعية المفاوضات التي تضمن نجاحها غير متوفرة في ظل استمرار العدوان والاستيطان وتعنت الحكومة الاسرائيلية!!!.