خبر المقاومة الشعبية السلمية ..... حقيقة أم تزوير ؟؟؟ بقلم/ عنان نجيب

الساعة 08:34 ص|04 مايو 2010

المقاومة الشعبية السلمية ..... حقيقة أم تزوير ؟؟؟   بقلم/ عنان نجيب

بقلم/ عنان نجيب

صحفي من القدس المحتلة

بعد ترتيباتٍ طويلةٍ وتحضيرات واسعة منذ سنين، ابتداءً من بلعين ونعلين كعواصم لنمطٍ مقاومٍ يعتمد النضالَ السلميِّ، وبدعمٍ وتمويلٍ من مؤسساتِ التضامن الدولية وقوى اليسار الإسرائيلي، أصبح هذا النمط من الاحتجاج متبنى من قبل المؤسسة الرسمية الفلسطينية ومعها الحزب الداعم (فتح) ومجموعة من الكتل والجبهات اليسارية الصورية ذات الحضور الإعلامي فقط ،حتى وصل الحال بهذا النمط  من -النضال المودرن- إلى الكنافة والمسخن ..........! ! ! ! ! 

 

صحيحٌ بأن أي مقاومةٍ مرّت بالتاريخ لم يكن لها لتنجح بدون أن يكون وراءها قاعدةٌ من المؤيِّدين والمناصرين، وشعبيةٌ واسعة، وأن يكون لهذه المقاومةِ رأياً عامّاً يحملهُ المجتمع الذي وَلَد هذه المقاومةِ ولادةً شرعيةً، وصحيح أيضاً بأنّ للمقاومة ألوان متعددةٌ وأنماطٌ مختلفة تتكيف وفق معطياتِ الظرف والمكان، كل ذلك وغيرهِ أمرٌ وارد، وصحيح بحال توافرت شروط موضوعية خاصّة بنا، منها :    

 

- أن تكون هذه المقاومة وفق إرادة شعبية وبتوافق بين الجميع، لا أن تنفردَ بها فئة معينة وتضبط إيقاعها وفقَ سقفٍ يخدِم لها مصالِحَها التنظيمية والمالية، كما يجري اليوم في اقتصار تلك الفعاليات في مناطقَ محددةٍ مثل بلعين ونعلين والمعصرة وغيرها، بينما يُمنعُ الفلسطينيون مثلاً من التعبير عن غضبهم من خلال فعاليًاتٍ شعبيّةٍ ومسيراتٍ جماهيرية تنطلقُ بوسطِ مدنِ وقرى الضفة الغربية، كما حصل بوسط شهر آذار الماضي، عندما مَنعَت قواتُ الأمن الفلسطيني الجماهيرَ المتعطشة لنصرة القدس والأقصى من إقامة أيّه نشاطاتٍ جماهيرية أو شعبية.                                             

 

- أن تكون هذه الفعاليات أو المقاومة الشعبية، بعيدةٌ كل البعد عن التنسيقات التي يُجريها البعض من رموز هذه الفعاليات من المستوَيَيْن الرسميّ والشعبيّ، مع ما يُسمّى بقوى اليسار الإسرائيلي التي لعبت وما زالت تلعب دوراً هامّاً في تبييض صفحة أولئك الصهاينة وتبرئتهم ممّا ارتكبوه من جرائم بحق الإنسانية، عدا عن الدّور الملعون الذي تقومُ به تلك القوى من عملٍ وجهودٍ جبّارة تُبذلُ لتكريسِ حق أولئك الصهاينة على أرض فلسطين المحتلة منذ عام 48، فيمكن لنا بكلِّ بساطةٍ أن نقول بأن تلك الفعاليات التي يشتَرِك بها أولئك المحتلّين هي عبارة عن فعاليّات تعايش وتطبيع مرفوضة وملفوظة من قبل أهل فلسطين.                                                                 

 

- أن لا تكون هذه المقاومة الشعبية، محاولةً لتزويرِ مفهوم المقاومة الشرعي والتاريخي، المُتمثّل بالجهاد والمقاومة المسلّحة وكل الأشكال الأخرى، فما نراه اليوم بأن دُعاة هذه الفعاليّات أضحوا يُردِّدون بالعلن وجهاراً بأن أشكال المقاومة المسلحة أشكال غير مقبولةٍ، ولا يخجلون من ذلك، بل يذهب البعض منهم لوصفها بأشنع الألفاظ .

 

هذه المقاومة الشعبية، إذا ما لم يتمّ صياغتها صياغة وطنيّة شاملة وبإجماعٍ عريض كما أسلفنا، خاصةً بين القوى الحقيقية التي تمتلك قاعدةً جماهيريّة وشعبيّة عريضة، سوف تبقى تلك الفعاليّات بمرمى الشبهة، وتحتمل التخوين والمؤامرة، وهذا حقٌّ طبيعيٌّ لنا في ذالك، بوصفنا ننتمي إلى هذا الشعب الذي قدّم -وما زال- على مدار تاريخيه آياتٍ عَزّ نَظيرها في التضحية والفداء، دون كللٍ أو مللٍ رغم فداحة الخسائر البشريّة والماديّة، ولكن من قال بأن الحريّة والإنعتاق من الرِقّ والعبوديّة تُقاسَم وفق المصالِح والأهواء والمخاسر، إلا في هذا الزّمان الذي بُرِّرَت فيه الخيانةُ والتفريط، وسُمِّيَت (مفاوضات)، وتم التنازل والتوقيع على صكوك التنازل باسم الممكن والمتاح.

 

تَخَوُّفٌ آخر يمكن لنا تَحسسه من هذه المقاومة السلميّة، هو تزوير واقع الصراع من كونه صراع وجودٍ وقضية تحرُّرٍ وطنيٍّ شامل، إلى صراعٍ للحصول على حقوق مدنيّة، ولعل زيارة عائلة مارتن لوثر للضفة الغربية والدعوة لتبني نموذجها، هو التزوير والتضليل بعينه الذي يحاول البعض تمريره على شعب وأهل فلسطين ، ولربما نستذكر التصريح الذي صرح به بعام 2006 رئيس ديوان مقاطعة رام الله السابق- سيئ الذكر – رفيق الحسيني بأنهم (يريدون صراعا يرضى عنه المجتمع الإسرائيلي) وذالك في معرض افتتاحه للمؤتمر الوطني لنصرة القدس آنذاك.

لقد بات الوسط السياسيّ المتنفذ في رام الله، ليس له مِنْ هَمٍّ سِوى تزوير الحقائق والتنازُل عن كلِّ شيء، مقابلَ رضا العالَم ورضا سادَتهم في تل أبيب وواشنطن، فلم يعد يروق لهم بقاء جذوة الثورة متَّقِدة بين الفلسطينيين، خوفاً على مصالحهم التي اكتسبوها من وراء التّجارة بدماء أبناء جِلدَتهم، وليس أقلّ من ذلك ما نراه من تحاملٍ غير معقول على كل ما يمتدّ بصلة لمقاومة و انتفاضة.