خبر محادثات التقارب- يديعوت

الساعة 10:20 ص|03 مايو 2010

محادثات التقارب- يديعوت

فشل معروف مسبقا

بقلم: غيورا ايلند

بشرنا مؤخرا بالاستئناف المتوقع للمفاوضات الاسرائيلية – الفلسطينية على مستقبل الاتفاق الدائم. رغم أن الحديث يدور فقط عن محادثات تقارب، مثابة حوار غير مباشر بمساعدة امريكية، ثمة ظاهرا ما يدعو الى التفاؤل: بعد 18 شهرا يعود الطرفان الى الحديث. ولكن اذا ما حللنا بمزيد من العمق مصالح الاطراف الثلاثة، فسنتوصل الى الاستنتاج بانه لا توجد اسباب عديدة للاحتفال.

المشكلة الاولى تنبع من فوارق ثقافية عميقة بيننا، نحن أهالي الشرق الاوسط، وبين الامريكيين. في نظر الامريكيين اذا كانت تجري منذ 17 سنة مفاوضات اسرائيلية – فلسطينية، واضح ان غايتها هي الوصول الى تسوية دائمة. بالمقابل، اسرائيل والفلسطينيون يجرون مفاوضات بهدفين مختلفين تماما. الاول هو المسيرة من أجل المسيرة. من ناحية اسرائيل وجود المسيرة يخفف عنا ضغطا دوليا؛ من ناحية القيادة الفلسطينية وجود المسيرة هو المبرر الاساس لمواصلة حكم القيادة القديمة. وجود المسيرة بحد ذاته حيوي، بالتالي، في صالح البقاء السياسي للطرفين. الهدف الثاني للاسرائيليين والفلسطينيين هو الضمان بانه عندما تفشل جولة المحادثات الحالية – فان الذنب سيقع على الطرف الاخر.

مثال على الفجوة الثقافية بين الامريكيين وبين الطرفين كان عندما وصل الجنرال الامريكي زيني في بداية 2002 كمبعوث للرئيس بوش، بهدف تحقيق تهدئة امنية. بعد ان التقى على انفراد بالطرفين، بعث زيني بوثيقة مع 12 مهمة – ست لاسرائيل وست للفلسطينيين. في نظره اذا ما اجتهد الطرفان للقيام بهذه المهمات سيكون ممكنا الوصول الى تهدئة. وعندها جمع الطرفين للبحث وتوجه مباشرة الى "الخلاصة": طلب من الفلسطينيين ان يعرضوا أولا كيف يعتزمون تنفيذ المهمة أ . المندوب الفلسطيني الكبير، محمد دحلان، تفجر غضبا: "لحظة واحدة"، صرخ، "قبل ذلك أريد أن أشرح شيئا ما". وعندها شرع في خطاب استغرق ساعة عن كل مظالم "الاحتلال". وأصر الطرف الاسرائيلي على الرد، ومثلما كان يمكن التخمين – ليس حل المشاكل هو الذي وجه الطرفين بل الحاجة الشديدة الى الاثبات للامريكيين بان الطرف الاخر هو المذنب.

لماذا من المعقول الافتراض بان استئناف المفاوضات  الان سيؤدي الى خيبة أمل للاطراف الثلاثة. من ناحية اسرائيل، المسيرة التي تبدأ الان من شأنها أن تؤدي الى اقتراح سلام امريكي. هذا الاقتراح سيكون مشابها على أي حال لمضمون خطة كلينتون في العام 2000، باستثناء أنه لن يكون هذا الاقتراح مثابة "خذه او دعه"، بل املاءا امريكيا باسناد دولي واسع. كما أن الفلسطينيين يخشون من مثل هذه النتيجة، وذلك لانه فضلا عن "الضفادع" الكثيرة التي سيتعين عليهم ابتلاعها، وعلى رأسها التخلي عن حق العودة، سيتعين عليهم أن يثبتوا بان في وسعهم ان يقيموا حكومة واحدة تسيطر سواء على غزة أم على الضفة وتدعم الاتفاق. النتيجة من شأنها أن تكون مواجهة عسيرة مع حماس – مواجهة ستعرض للخطر حتى ما يوجد لهم اليوم.

الخاسر الاكبر من شأنه أن يكون اوباما. فشل المسيرة لا بد انه لن يضيف الى مكانته، ولكن حتى لو تحقق نجاح – فان من شأنه ان يؤدي الى خيبة أمل شديدة. لنفترض أنه بسبب ضغط امريكي مكثف سيتحقق اتفاق. النتيجة الاستراتيجية من شأنها أن تكون مخيبة جدا للامال. الولايات المتحدة تؤمن بان العالم العربي يريد عن حق وحقيق تحقيق حل للنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني وانه سيكون ممتنا لامريكا اذا ما نجحت في فرض مثل هذا الحل. الحقيقة مغايرة: العالم العربي غير معني بانهاء النزاع. في نظر الشارع العربي فان وضعا يكون فيه اعتراف بدولة يهودية، بسيادتها في الارض المقدسة، بسيطرتها حتى ولو جزئيا على الاماكن المقدسة في ظل التنازل عن حق العودة، هو خضوع لضغط امريكي. الشارع العربي سيغضب سواء من الولايات المتحدة ام من زعمائه، اذا ما تحقق اتفاق من هذا القبيل.

التقدير الامريكي بان حل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني سيؤثر ايجابا وبقوة على مكانة الولايات المتحدة في المنطقة من شأنه أن يتبين كخطأ جسيم. ومن هنا الاستنتاج بان حل "الدولتين"، الذي يطالب الكثير جدا من الطرفين والقليل جدا من العالم العربي، لن يتحقق أغلب الظن. اما اذا تحقق، فمن شأنه أن يكون مخيبا جدا للامال في اثاره.