خبر مسيرة الحماقة .. معاريف

الساعة 07:53 ص|26 ابريل 2010

بقلم: شالوم يروشالمي

جزت ثلاث محطات أمس في طريقي الى سلوان. رأيت عند أسفل حائط المبكى على الحيطان اعلانات لرؤساء الطائفة الحريدية تدعوا أناس اليمين الى ألا يضايقوا العرب، لأنه لا يحل التحرش بالأغيار. رأيت في مركز دافيدسون قرب سلوان مئات من عدائي الماراثون من الايطاليين والاسرائيليين والفلسطينيين الذين أتوا من بيت لحم. وسمعت نائب المدير العام لمكتب السياحة، رافي بن حور من الليكود، يقول إنه لا يمكن أن يحدث أي شيء حسن من غير الفلسطينيين. ورأيته ينظر مشفقا الى تطور أحداث الشغب في سلوان لئلا تفسد عليه الاحتفال كله.

التقيت قرب مدينة داود اليشع بيلغ، عضو مجلس البلدية من الليكود. بيلغ هو المانح السياسي للاستيطان اليهودي في شرقي المدينة، وهو الشخص الذي يقدم قدما الاستيطان في سلوان والشيخ جراح والطور وجبل المكبر ورأس العمود، وأبو ديس والأحياء العربية الأخرى. أتى هذه المرة ليتظاهر في مواجهة متظاهري اليمين. "هذا الفوران المتعمد يسبب لنا فقط الضرر ويعوقنا عن بناء المدينة"، قال بيلغ.

لم يتأثر باروخ مارزيل وايتمار بن غابير ورفاقهما ببيلغ ولا بأناس سلام الآن الذين تظاهروا حيالهم. "بينا لميتشل من هو رب البيت الحقيقي في القدس"، افتخر ايتمار بن غابير بعد أن انتهى من تسلق صَعود القرية مع صديقه باروخ مارزيل وبضع عشرات من الشبان من أعضاء حركة "أرض اسرائيل لنا"، ممن لبسوا في الأساس أقمصة مع شعارات الحاخام كهانا. أحيط السائرون بمئات الشرطيين الذين واجهوا السكان الفلسطينيين من رماة الحجارة. جرح ثلاثة شرطيين.

يختلط في القدس كل شيء اذن. فاليمين ضد لليمين، واليمين ضد لليسار، واليسار ضد لليمين. وكذلك اليسار المعتدل ضد لليسار المتطرف. البلبال عظيم لانه لا يعلم أحد حقا ما هو الخير للمدينة. جميعهم محقون وجميعهم مخطئون بالقدر نفسه. المتظاهرون في سلوان على حق لانه لا يمكن التسليم لمئات البيوت التي تبنى بلا رخصة، ولا يمكن جعل براك اوباما المستولي على ملف التخطيط والبناء في القدس كي يبت أمر المشروعات في جيلو وفي التل الفرنسي ايضا.

واليشع بيلغ على حق لأن التحرش يخرب المدينة فقط وينفي عنها السياح. ويريف اوبنهايمر وسلام الان على حق لأنه لا يحل للمستوطنين الدخول عميقا في روح الأحياء الفلسطينية وأن يسمعوا هناك بمكبرات الصوت أناشيد تمتدح باروخ غولدشتاين. واليمين على حق لان متظاهري اليسار لا يمكن أن يصبحوا أرقاما في المظاهرات الفلسطينية في الشيخ جراح نفسه، وأن ينضووا تحت العلم الفلسطيني ويهتفوا عندما يتحدث القادة عن حق العودة.

لا يمكن الربط بين اجزاء هذه المدينة، وما عاد من الممكن فصل بعضها من بعض. في مراسم اشعال الشعل خطب رئيس الكنيست روبي ريفلين خطبة داحضة قال فيها إن الفئات السكانية اذا استمرت على العيش في أحياء مغلقة، فسنسرع تقطيع أوصال القدس كلها. لا يدرك ريفلين أن هذا الفصل وحده، وهذا الانتماء القبلي هو الذي ينقذ المدينة الى الآن. لا يستطيع اليوم حريدي أن يأتي ويعيش في حي علماني والعكس صحيح، ولا يستطيع عربي أن يسكن حيا يهوديا والعكس صحيح. واذا وجد مع كل ذلك اختلاط بين السكان فانه يأتي بالتوتر والاحقاد فقط.

وفي هذا الخصام العنيف الصارخ شيء واحد مضمون فقط وهو أنه بغير حل سياسي ستظل سلوان تغرق في القمامة والقذر. إن المكان الذي هو أحد أجمل الأماكن في العالم، وهو قرية ذات أهمية دينية وتاريخية عظيمة، هو جماع بيوت تريد أن تنقض، وقطعان ماعز، وكهوف مهملة ومجار جارية.

ويقوم في الوسط بيت يونتان وعلى حيطانه بقايا زجاجات حارقة، تمجيدا للمدينة العاصمة.