خبر من قتل السلام .. هآرتس

الساعة 07:52 ص|26 ابريل 2010

بقلم: عكيفا الدار

يصعب ان نصدق أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو افترض حقا ان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سيشتري السلعة المستعملة وهي "دولة في حدود مؤقتة". حتى إن مبتدع الفكرة، الرئيس شمعون بيرس قد اطرحها في مخبوء خططه. وقد بين لنتنياهو انه لن يقبل أي زعيم فلسطيني يرغب في الحياة حدودا مؤقتة، من غير شهادة مسؤولية مع وقت زوال سريان فعل للحدود الثابتة.

عرضت وزيرة الخارجية الامريكية، هيلاري كلينتون صيغة تضمن للفلسطينيين أن تكون مساحة دولتهم مساوية للمساحة التي احتلتها اسرائيل في حزيران 1967 (تشتمل بطبيعة الأمر على الاحياء العربية في القدس). لو أن نتنياهو كان يجلس اليوم في المقاطعة أفكان يكتفي بأقل من هذا؟

كشف نتنياهو في مقابلة صحفية مع القناة الثانية، ربما من غير ان ينتبه، عن أنه ليست لديه أية نية للتخلي من السيطة الاسرائيلية على جميع المناطق؛ وقال إن اسرائيل اذا انسحبت من الاحياء العربية في شرقي القدس، فستسيطر عليها عناصر معادية وتهدد سكان العاصمة من هناك. من المؤسف أن مجري المقابلة لم يذكروا له ان رام الله بعيدة من التل الفرنسي مدى صاروخ قسام، وأن البعد، في خط جوي بين مخيم اللاجئين شعفاط في القدس "الموحدة" ومركز المدينة لا يختلف من جهة أمنية عن البعد بين قلقيلية والمجمع التجاري في كفار سابا.

لو كان رئيس الحكومة مستعدا حقا لأن ينقل للفلسطينيين أراضي على الحساب، لاستطاع الوفاء باتفاق واي. قبل 12 سنة وقع هو نفسه هناك على التزام أن ينقل للفلسطينيين 13 في المائة من المنطقة ج. لكن هذا الماضي بعيد منه؛ في يوم ميلاد أبيه المائة، أعلن نتنياهو الابن بأن "من لا يعرف ماضيه لا يفهم حاضره، ولا يستطيع لذلك التنبؤ بالمستقبل".

قص بفخر أن أباه تنبأ بكارثة 11 ايلول 2001. لم يرد أنه تنبأ بالسلام مع مصر والأردن أو بمبادرة السلام العربية.

إن الماضي الذي يصوغ شخصية نتنياهو في الحاضر وسياسته للمستقبل مليء حتى لا مكان فيه بقبور الآباء وحروب اليهود ورعب الكارثة. كل ما يريده بيبي أن يقنعنا بأن الفلسطينيين رافضون للسلام. عندما كان نائبه موشيه يعلون في البزة العسكرية، وعد بأن يسم وعي الفلسطينيين بأن الارهاب ليس ذا جدوى. الان، والارهاب في الحضيض، يساعد نتنياهو على أن يسم وعي الاسرائيليين بأن الفلسطينيين مذنبون بجمود التفاوض.

يشفق نتنياهو من أن تسقط التنازلات للفلسطينيين حكومته. ليس قلقا من الثمن السياسي لاضاعة فرصة السلام. الاساس أن ينجح في انزال براك اوباما عن ظهره. كما قال اللواء (احتياط) أوري ساغي الذي كان رئيس أمان، في مقابلة صحفية مع صحيفة "هالوحيم"، وهي صحيفة شهرية لمعوقي الجيش الاسرائيلي: "تجلد اسرائيل نفسها بعد اخفاقات عسكرية في الحروب، لكنها لا تفحص عن نفسها بعد اخفاقات سياسية استراتيجية. تناولت لجنتا تحقيق مهمتان حروب لبنان. فحصت احداهما عن المجزرة في صبرا وشاتيلا في 1982 والثانية عن المواجهة مع حزب الله في 2006. ولم تحقق أي لجنة اضافة السلام مع سوريا (ولبنان) في سنة 2000 التي أفضت الى انسحاب من طرف واحد والى تسليم المنطقة لحزب الله".

يقول ساغي، الذي أدار آنذاك التفاوض مع السوريين بتفويض من ايهود باراك إن ذلك كان "فشلا سياسيا استراتيجيا في أرفع مستوى لدولة اسرائيل". لم يطلب  الى نتنياهو هو أيضا أن يقدم للجمهور حسابا عن اخفاق الاتصالات التي أجراها مع الرئيس حافظ الأسد بتوسط صديقه رون لاودر. لم يطلب الى أي سائس أو جهة تقدير أن يبين اخفاق المسارات السياسية في القناة الفلسطينية – من التشويش في الغد من اتفاق اوسلو، الى الانسحاب من غير اتفاق من قطاع غزة ثم الى قضية البؤر الاستيطانية.

عينت حكومة بيغن بتأخر يقرب من خمسين سنة لجنة تحقيق رسمية لتحقيق من الذي قتل اورلوزوروف. ليس متأخرا جدا أن نحقق من الذي قتل السلام. كي يرى القادة ويُروا. أوربما يكون الفلسطينيون وحدهم مذنبين وليس حلم الدولتين للشعبين سوى هذيان اليسار؟ ألا نستحق أن نعلم؟