خبر يسار ويمين .. إسرائيل اليوم

الساعة 07:51 ص|26 ابريل 2010

بقلم: الداد ينيف

"لماذا اليسار يمتلىء كراهية لليمين، للمستوطنين"، صرخت في مقالتها أمس ("اراء"، 25/4) اميلي عمروسي، وقصدت – اتهمت، ضمن آخرين، "اليسار الوطني".

وهاكم مرافعة دفاع: في الصيف نشرنا شموئيل هسفري وأنا الكتاب الازرق "لليسار الوطني". اخترنا أن نصرخ. ان نهز. أن نتحدث بقسوة. وهذا يثير الاعصاب. يشبه جدا ما تفعله بشكل عام كل صباح الساعة المنبهة – الايقاظ.

إذ أن اسرائيل ملزمة بان تستيقظ. اسرائيلنا، واسرائيلك يا اميلي، إذ ليس لنا بلاد اخرى. ينبغي فقط النظر الى المرآة لنرى كيف تبدو اسرائيلنا الحبيبة في العام 2010. الاسرائيليون الذين يخططون لاحراق دمية براك اوباما في شعلات ذكرى الخراب، وليس هناك من يفتح فمه. اسرائيلية اخرى، النائب مرينا سلودكين، تخطط لان تحظر بالقانون على العربيات اعتمار الحجاب، رغم أنه مسموح لليهوديات بفعل ذلك، ولا يوجد هناك من يرد عليها. واسرائيلي آخر، النائب يعقوب كاتس، يريد أن يمنع النائب نيتسان هوربتس من أن يستضيف ممثلين عن طائفة المثليين في كنيست اسرائيل. "لن اسكت، لان بلادي غيرت وجهها"، هتف ايهود منور الراحل، ولم يعرف كم كان نبيا ومحقا.

صحيح، يا اميلي، كتبنا في "اليسار الوطني" امورا قاسية. ونعم، تحدثنا بوضوح، وليس بوهن. استبعدنا من بين السطور كل "كأن" و "كذا"  وكل "الدارج" من لغة الجيل الجديد الغامضة، والتي تخبىء وتشوش الامور جدا في السنوات الماضية. باختصار، كتبنا دون مواربة. وتلقينا الانتقاد على ذلك، وأساسا على ذلك. في البداية قالوا لنا، من اليسار، انتما ليبرمان. ودعونا باننا فاشيين، شوفينيين وماذا لا.

لماذا؟ لاننا كتبنا امورا قاسية عن المعسكر الحبيب الذي ننتمي اليه، معسكر كبير تقلص – معسكر اليسار. معسكر أصبح مرتبكا، مشوشا وفر مؤخرا الى حضن الوسط المخلول والكاذب، حيث يصطف بعدم راحة. معسكر تربى وترعرع على محبة البلاد ومحبة الانسان، على الصهيونية الانسانية، على المساواة والوطنية، على العدل ومحبة الانسان الذي خلق على صورة الرب، على اليهودية والديمقراطية، والان بات معسكرا غافيا.

والمستوطنون استيقظوا وهجموا على "دار النشر" تسومت سفريم، التي سوقت الكتاب. لماذا؟ لاننا كتبنا عن المستوطنين ايضا بحزم. أسمينا مجرمي التلال "بالعقول المغسولة" وما شابه. ولكن ليس فقط عن المستوطنين الذين ينكلون بالعرب كتبنا بقسوة. أدرجنا فيهم ايضا كل المستوطنين الطيبين الذين رغم ذلك يصمتون ويدورون عيونهم حين يكون هناك بينهم من يسمى الاعتداءات الجماعية اليهودية بحق العرب "شارة ثمن". نوع من الاسم المغسول، البشع، لجريمة يهودية لا بد سنخجل منها عندما يكبر ابناؤنا ويسألون: "لماذا صمتم؟". وماذا أجبتِ، يا اميلي "العقول المغسولة هذه أنجبت ابداعا في الموسيقى، في الفن وفي الادب". هذا ليس جوابا. فمنذ متى يكون الانشغال بالموسيقى وبالادب غطاءا للظلم؟ منذ متى يكون ذريعة تحمي المجرمين؟ واذا بتنا هنا، فمتى سمعنا عن حاخام نشر فتوى ضد مجرمي التلال الذين احرقوا الحقوق والمساجد؟ متى نشر الكُتاب من اوساط المستوطنين  نداءا ضد مثل هذه الجرائم؟ واذا كانوا يسكتون، فلماذا تتوقف هذه الاعمال عند الاحراق؟

ليس لنا بلاد اخرى. كما ليس لكِ ايضا، يا اميلي. وينبغي العودة الى الصهيونية. بلاد اسرائيل خاصتنا، بين النهر والبحر، التي لنا فيها الحق بقوة الكوشان التوراتي، يجب ان نقسمها. والاحتلال يجب ان ننهيه. باتفاق او بدونه، وان نقيم هنا مجتمعا قدوة. هذا هو ما فعله بن غوريون في ذات يوم جمعة في الرابعة بعد الظهر في جادة روتشيلد في تل أبيب. وقد عرف بان بعد دقيقة من ذلك ستجتاح الجيوش العربية في محاولة لدفعنا الى البحر. وكان هذا مخيفا اكثر بقليل من صواريخ القسام. ومع ذلك فان بن غوريون واليمين والصهيونية الدينية أيدوا الدولة حتى مع علمهم بان قدسنا القديمة، الحبيبة، بقيت خارج الدولة لانهم كانوا صهاينة. والصهيونية هي قبل كل شيء وطن يهودي للشعب اليهودي في دولة سيادية ومع حدود. وعن حدودنا سندافع من حدودنا.

نعم، اليسار يجب أن يعود ليكون صهيونيا كي يكون عظيما، واسعا ومحقا. ولكن اليمين ايضا، الذي تحول بعضه في السنوات الاخيرة الى ما بعد صهيون. يمين يريد دولة واحدة بين النهر والبحر، رأسمالية وخنزيرية. هذا، في واقع الامر، يمين ما بعد صهيوني. لا، نحن لا نكرهك يا اميلي. نحن نبكي. علينا. ونصرخ كي يبدأ أحد ما بالتحرك هنا.