خبر من رأى صواريخ سكاد- هآرتس

الساعة 09:05 ص|25 ابريل 2010

من رأى صواريخ سكاد- هآرتس

بقلم: تسفي بارئيل

 (المضمون: سوريا لا تحتاج الآن إلى حرب ولا تريد أن ترى لبنان تحت هجوم اسرائيلي جديد. هكذا كفيل بان يتبين مرة اخرى بان سيطرة سوريا على لبنان هي ذخر استراتيجي لاسرائيل. هذا الذخر كفيل بان يخدم اسرائيل جيدا في مسيرة سلمية مع دمشق ايضا - المصدر).

الجيش اللبناني عاد الاسبوع الماضي من معركة فاخرة. على الحدود السورية – اللبنانية حيث تجري "سوق حرة" للمهربين، في حي شراونة المجاور لبلدة بعلبك، اطلقت عدة عيارات نارية على دورية للجيش. فرد الجنود النار بالمثل وفي تبادل لاطلاق النار اصيب خمسة مواطنين وخمسة جنود. ظاهرا، هذه حادثة عديمة الاهمية، استمرت نحو ساعة ونصف الساعة ومبررها محاولة من قوات الامن اللبنانية اعتقال بعض المشبوهين الذين فروا من حاجز عسكري وكانوا مطلوبين للتحقيق. ولكن في هذه المنطقة تسيطر عدة عائلات كبيرة، مثل عائلة جعفر، ممن شارك افرادها في حادثة اطلاق النار، وهذه العائلات ترتزق بتهريب الحشيش والسلاح على طرفي الحدود. لكل عائلة كهذه يوجد جيش صغير خاص بها، مجهز باسلحة اتوماتيكية، قاذفات آر.بي.جي، قنابل يدوية بل واحيانا بأسلحة أثقل.

        بشكل عام يمتنع الجيش اللبناني عن مواجهات مع هذه العائلات، المعروفة بعلاقاتها المتينة مع حزب الله ومع دوائر في الحكم اللبناني. وعندما يقرر الجيش اللبناني مع ذلك ابداء السيادة اللبنانية في هذه المنطقة، يكون لذلك آثار على مناطق اخرى في الدولة. جنوب لبنان، مثلا.

        حسب  تقارير صحفية من لبنان، في البقاع اللبناني توجد مناطق كاملة لا تصل قوات الامن اليها على الاطلاق، خشية تعرضها للاصابة. "كل واحد هنا مسلح وكل واحد يحمي حقوله المزروعة بالحشيش كما يحرس مخازنه"، روت امرأة تسكن في احدى القرى المجاورة لبعلبك. في المنطقة تنتشر قصة عن شخص عاد الى احدى هذه القرى بعد غياب طويل في خارج البلاد. عندما سعى الى ان يصور القرية على سبيل التذكار، بعض من المزارعين هجموا عليه وكادوا يطلقون النار عليه، ظنا منهم أنه يصور مخازن الحشيش.

        قصص مشابهة توجد على ألسنة قوات الامن الذين سعوا الى تجنيد سائقي جرافات لاقتلاع حقول القنب. في بعض الحالات اطلقت النار على الجرافات من سلاح خفيف بل ومقذوفات آر.بي.جي. قوات الامن، التي تخشى من أن تتطور هذه الاحداث النارية الى مناوشات طائفية، تفضل الاكتفاء بالتحذير او بالاعتقال.

        معظم سكان بعلبك والمنطقة هم شيعة، ولكن رغم تمسكهم بالدين، لا يرون مانعا من تطوير حقول الحشيش. وحسب تفسيرهم، لا يوجد في القرآن أي ذكر يحرم زراعته صراحة. الفتاوى التي صدرت في هذا الشأن وان كانت تعزو للجيش صفات ضارة، مما يعني انه لا يجب زراعته او الاتجار به، ولكن يبدو أن مصاعب الرزق اقوى من الامر الفقهي.

        منذ سنوات والحكومة تهمل المنطقة وعليه فليس فيها فروع مثل السياحة او الصناعة، يمكنها أن تشكل مصادر رزق بديلة للسكان. البديل للزراعة التقليدية هو زراعة الحشيش. الامكانيات الاخرى لايجاد رزق هي التجند لحزب الله، مقابل المال، او تهريب البضائع الى سوريا. كما يمكن ضم كل هذه البدائل معا، او الانتقال الى بيروت او احدى المدن الكبرى على طول الشاطىء لايجاد عمل.

        حدود مخترقة

        هذا الواقع تعرفه أيضا الامم المتحدة، التي تعترف بان رجالها لا يمكنهم ان يتجولوا في هذه المواقع وان ليس في يديها الوسائل لمنع التهريب. كما ليس للامم المتحدة سبيل للتأكد مما يمر من الجانب السوري للحدود الى جانبها اللبناني. في تقرير دوري نشره هذا الاسبوع سكرتير مندوب الامم المتحدة، الذي يتابع تطبيق قرار 1559 الذي اتخذ في 2004، للمرة التي لا ندري كم هي، قيل ان "الحدود بين سوريا ولبنان مخترقة والتقارير من دول مختلفة (اسرائيل لا تذكر صراحة) تشير الى وجود تهريب للسلاح من هذه الحدود". كما أن حكومة لبنان على علم بذلك. رئيس الوزراء، سعد الحريري، عين وزيرا خاصا، جان اورسفيان، لتنسيق اعمال الرقابة على الحدود.

        للوهلة الاولى هذه خطوة في الاتجاه السليم. ولكن ذات الوزير وقف هذا الاسبوع على رأس وفد من المدراء العامين للوزارات الحكومية اللبنانية، سافر الى سوريا لتنسيق الصيغة الجديدة لاتفاق التعاون بين سوريا ولبنان. الاتفاق، الذي وقع بالاصل في 1991، يمنح سوريا امتيازات تجارية عديدة ويقرر بقدر كبير تعلق لبنان الاقتصادي بدمشق. مشكوك جدا أن يكون بوسع الوزير المسؤول عن التنسيق الاقتصادي مع سوريا أن يصد ايضا نشاط التهريب بين الدولتين. فليس السلاح وحده هو الذي يتم تهريبه بين سوريا ولبنان. التهريب هو القاعدة الاقتصادية للعديد من القرى في الجانب  السوري من الحدود، وكل مس بها معناه مشكلة اقتصادية لسوريا.

        فضلا عن ذلك: العلاقات المتوثقة بين لبنان وسوريا، الزيارة المتوقعة لدمشق، من رئيس الوزراء الحريري، زيارته الثانية الى العاصمة السورية؛ المصالحة بين زعيم الدروز وليد جنبلاط وبشار الاسد، وتغيير نبرة جنبلاط تجاه حزب الله ايضا؛ غياب رد حقيقي من جانب حكومة لبنان على التقرير بشأن نقل صواريخ سكاد من سوريا الى حزب الله – ناهيك عن ان الامريكيين  لا يزالون لا يؤكدون مصداقيته – كل هذه تضع قيد الشك قدرة لبنان على منع تزود حزب الله بسلاح حديث ونينته لعمل ذلك.

        قناة الرياضة التركية

        سوريا، من جهتها، لا تتأثر على نحو خاص بتأخير ارسال السفير الامريكي الى دمشق، الخطوة التي تبدو ان لها علاقة بـ "ارساليات صواريخ  سكاد". وهي تواصل تطوير علاقاتها مع تركيا – التي رئيس وزرائها رجب طيب اردوغان، دعا الاسد الى أن يشاهد معه المباراة بين بنربحتشا وترابزونسبور في نهائي كأس الدولة في كرة القدم، والتي ستجرى في ازمير في 5 ايار – مع العراق ومع ايران.

        بين الدول الغربية، تواصل فرنسا توفير الدعم الاقتصادي لسوريا. البنك الفرنسي AFD فتح فرعا في دمشق. حجم التجارة بين الدولتين في السنة الماضية بلغ مليار دولار، وفي الاسابيع الاخيرة وقعت عقود عديدة للتعاون الاقتصادي بين الدولتين. في احد هذه العقود اتفق على اقامة مصنع اسمنت ضخم، بكلفة 600 مليون دولار، حيث سيعمل الكباس الاكبر في العالم. فرنسا غير مسموح لها بان تستجيب لطلب سوريا وتزودها بطائرات ايرباص، وذلك لان 10 في المائة منها على الاقل تنتج في الولايات المتحدة، التي لم تلغي كل العقوبات على دمشق. ولكن يبدو أن دور هذه هي ايضا سيأتي.

        من هذا الموقف، يسجل الاسد لنفسه انجازا سياسيا هاما – تعلقه بحزب الله كهيئة تمثل مصالح سوريا في لبنان آخذ في التقلص. الحلف الجديد للاسد مع الحريري ليس بالضرورة بديلا عن حزب الله، ولكنه يمنح الرئيس السوري رافعة بواسطتها يمكنه أن يؤثر مباشرة على الحكومة اللبنانية، دون أن يكون مطالبا بان يعانق حسن نصرالله. هكذا، بعد خمس سنوات من خروج القوات السورية من لبنان، وبعد قطيعة طويلة مع دول عربية، عاد الاسد وثبت مكانته كزعيم اقليمي غير ملزم بان يطارد وراء مسيرة سلمية مع اسرائيل.

        هذه المكانة الجديدة تفرض قيود عمل سواء على الاسد ام على حزب الله. أقوال عن حرب متوقعة في الصيف، كتلك التي اطلقها هذا الاسبوع عبدالله ملك الاردن؛ أنباء عن تسلح حزب الله عبر سوريا – والتي نفاها النظام في دمشق – وتهديدات اسرائيلية على سوريا، مثل تلك التي نشرت في "الصاندي تايمز" – تثير الاعصاب جدا في بيروت وفي دمشق. سوريا لا تحتاج الان الى حرب ولا تريد أن ترى لبنان تحت هجوم اسرائيلي جديد. هكذا كفيل بان يتبين مرة اخرى بان سيطرة سوريا على لبنان هي ذخر استراتيجي لاسرائيل. هذا الذخر كفيل بان يخدم اسرائيل جيدا في مسيرة سلمية مع دمشق ايضا.