خبر كلنا متعاونون-يديعوت

الساعة 09:01 ص|25 ابريل 2010

كلنا متعاونون-يديعوت

بقلم: اوري مسغاف

أين تمر الحدود بين التسامح، اللامبالاة وغض النظر وبين المساعدة في الجريمة؟ هز الكتفين المتواصل من جانب الدولة حيال أفعال المشاغبين اليهود في الضفة الغربية هو حالة اختبار مشوقة. منذ أربع سنوات، منذ فك الارتباط، تعربد في المنطقة، انطلاقا من ايديولوجيا تهكمية وثابتة، ميليشيات محلية لشبان محرضين. معتمرون قبعة دينية وملثمون يضربون فلسطينيين أبرياء، يرشقون حجارة على السيارات المسافرة، يقتلعون الاشتال، ينشرون الاشجار، يحرقون الكروم ويفسدون الاملاك.

        في نمط واضح، معروف من التاريخ الاستعماري لشعوب اخرى، يأتي هذا دوما كـ "رد على احداث" من قبل "مستوطنين غاضبين"، في اطار "مبادرات محلية". الحكم المركزي يتلوى في لسانه. قوى رمزية من فرض النظام والتحقيق ترسل عديمة السلاح، دوما أقل مما ينبغي وفي وقت متأخر اكثر مما ينبغي. الاغلبية الصامتة منشغلة في شؤونها، وهكذا تصبح دولة كاملة "متعاونة مع الفعل المشين".

        التعاون يبدأ منذ اختيار الكلمات. للغة قوة، كما أن لها معنى. لماذا، مثلا، يتبنى الجميع بطاعة استخدام تعبير "شارة ثمن"، الذي الصقه المشاغبون بنشاطاتهم؟ فلا يدور الحديث هنا عن بحث في عالم الاستهلاك او نص ما مرفق بقميص في محل للملابس. لماذا لا يقال "بوغروم؟" (اعتداء جماعي منفلت ضد فئات سكانية مغايرة – المصدر). نعم، اعتداء بكل معنى الكلمة، عربدة عنيفة تجاه سكان مدنيين أبرياء، بذات الانماط التي كانت تستخدم تجاه ابائنا واجدادنا في اوروبا.

        "شارة الثمن" هو تعبير يبدو نقيا جدا، نظيفا، حتى مع منطق داخلي للسبب والنتيجة. ولكن ما هو المنطق المتبع هنا بالضبط؟ منطق على نمط "ليلة البلور"؟ (الليلة التي حطم فيها النازيون نوافذ ومحلات اليهود في المانيا). عقاب جماعي، يزعم انه عفوي، لسكان ابرياء، ردا على احداث اخرجت محافل معينة عن اطوارها؟

        ثمة فارق، بالطبع. في شدة الضرر وحجمه، وكذا في الجوهر. في المانيا 1938 حصل هذا بمبادرة الحكم المركزي، في اسرائيل في سنوات الالفين هذا يتاح فقط جراء ضعفه. ولكن من زاوية نظر الضحايا، كم هو كبير هذا الفرق في واقع الامر؟

        ناهيك عن أن ذاك "الضعف" هو وهم، وهن طوعي. اسرائيل هي قوة عظمى عسكرية وشرطية. يمكنها أن ترسل الى المتطرفين من يهودا والسامرة وحداتها المختارة. يمكنها أن تستخدم وسائل جمع المعلومات والاحباط لدى جهاز الامن العام "الشاباك" – المخابرات. يمكنها أن تحشد قوات لدرجة الكتلة الحرجة، وتقمع كل جهد تآمري يتعارض وسياستها.

        رأينا هذا يحصل في الشيخ جراح وفي بلعين، وكذا في غوش قطيف وفي حومش. المشكلة ليست في القدرة.

        بين الحين والاخر يمسون ايضا بالجنود، وعندها يرتفع مستوى الصدمة للحظة. حصل هذا الاسبوع الماضي إثر عربدة اخرى لمستوطني يتسهار. مصدر في قيادة المنطقة الوسطى أطلق على هذا عبارة شائنة ودون ذكر اسمه بالطبع.

        وزير الدفاع ايهود باراك درج على أن يترك انطباعا مؤثرا على ضيوفه بالمنظور الكبير الذي نصب في شرفة شقته الفاخرة، في اعالي برج اكروف. ولعل من الافضل له أن يوجه العدسة بين الحين والاخر الى مناطق الضفة التي توجد تحت صلاحيته. بطل اسرائيل، الذي عرف كمقاتل جسور كيف ينظر الى المخربين في بياض العين، تمكن كسياسي شجاع على أن يسحب الجيش الاسرائيلي من الوحل اللبناني، يسير بمنظومة كاملة نحو التبطل امام بضع عصابات.

        هذا لا يعني الاستخفاف بهم: لديهم معلمون روحانيون، ومشرفون محليون، ومنظومة لوجستية مساعدة، وخطة مرتبة لاحراق المنطقة في حالة التقدم السياسي. نحن فقط، مغلقي الحس والعميان، نواصل تسميتهم "فتيان التلال". تعبير متسامح، نظيف كهذا، يربط بين المشهد القروي الاخضر بشقاوة الصبا.

        حان الوقت على الاقل لان نسمي الاولاد باسمائهم: فاشيون يهود.